Le Jami' des règles du Coran
الجامع لاحكام القرآن
Chercheur
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Maison d'édition
دار الكتب المصرية
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Lieu d'édition
القاهرة
النفخات في الصور، وكربته خلق خلق السموات وَالْأَرْضِ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اتَّقَوْا الْحَدِيثَ عَلِيَّ إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: من قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ. قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَتَكَلَّمَ فِي أَحَدِ رُوَاتِهِ «١». وَزَادَ رَزِينٌ: وَمَنْ قَالَ بِرَأْيِهِ فَأَخْطَأَ فَقَدْ كَفَرَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ بَشَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْبَارِيُّ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ: فُسِّرَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفْسِيرَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَنْ قَالَ فِي مُشْكِلِ الْقُرْآنِ بِمَا لَا يَعْرِفُ مِنْ مَذْهَبِ الْأَوَائِلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينِ فَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِسَخَطِ اللَّهِ. وَالْجَوَابُ الْآخَرُ وَهُوَ أَثْبَتُ القولين وأصحهما معنى: من قال الْقُرْآنِ قَوْلًا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ غَيْرُهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وَمَعْنَى يَتَبَوَّأُ: يَنْزِلُ وَيَحِلُّ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَبُوِّئَتْ فِي صَمِيمِ مَعْشَرِهَا ... فَتَمَّ فِي قَوْمِهَا مُبَوَّؤُهَا «٢»
وَقَالَ فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ: فَحَمَلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الرَّأْيَ مَعْنِيٌّ بِهِ الْهَوَى، مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ قَوْلًا يُوَافِقُ هَوَاهُ، لَمْ يَأْخُذْهُ عَنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ، لِحُكْمِهِ عَلَى الْقُرْآنِ بِمَا لَا يَعْرِفُ أَصْلَهُ، وَلَا يقف على مذهب أَهْلِ الْأَثَرِ وَالنَّقْلِ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:" وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ عَنْ مَعْنًى فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ فَيَتَسَوَّرُ «٣» عَلَيْهِ بِرَأْيِهِ دُونَ نَظَرٍ فِيمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ، وَاقْتَضَتْهُ قَوَانِينُ الْعِلْمِ كَالنَّحْوِ وَالْأُصُولِ، وَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يُفَسِّرَ اللُّغَوِيُّونَ لُغَتَهُ وَالنَّحْوِيُّونَ نَحْوَهُ وَالْفُقَهَاءَ مَعَانِيَهُ، وَيَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ بِاجْتِهَادِهِ الْمَبْنِيِّ عَلَى قَوَانِينِ عِلْمٍ وَنَظَرٍ، فَإِنَّ الْقَائِلَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لَيْسَ قَائِلًا بِمُجَرَّدِ رَأْيِهِ".
_________
(١). قوله: احد رواته. هو سهيل بن أبي حزم واسمه مهران ويقال: عبد الله.
(٢). جاء في لسان العرب مادة بوأ تفسيرا لهذا البيت:" اي نزلت من الكرم في صميم النسب".
(٣). قوله: فيتسور عليه. تسور الحائط. هجم مثل اللص. ويغنى به هنا التهجم والاقدام بغير بصيرة ولا تدبر.
1 / 32