210

Le Jami' des règles du Coran

الجامع لاحكام القرآن

Enquêteur

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Maison d'édition

دار الكتب المصرية

Édition

الثانية

Année de publication

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Lieu d'édition

القاهرة

فَكَيْفَ بِإِطْرَاقِي إِذَا مَا شَتَمْتَنِي ... وَمَا بَعْدَ شَتْمِ الْوَالِدَيْنِ صُلُوحُ
وَصَلَاحٌ مِنْ أَسْمَاءِ مَكَّةَ. وَالصِّلْحُ (بِكَسْرِ الصَّادِ): نَهَرٌ. وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِمْ، لِأَنَّ إِفْسَادَهُمْ عِنْدَهُمْ إِصْلَاحٌ، أَيْ أَنَّ مُمَالَأَتَنَا لِلْكُفَّارِ إِنَّمَا نُرِيدُ بِهَا الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ.
[سورة البقرة (٢): آية ١٢]
أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢)
قوله ﷿: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) رَدًّا عَلَيْهِمْ وَتَكْذِيبًا لِقَوْلِهِمْ. قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِيَ: مَنْ أَظْهَرَ الدَّعْوَى كَذَبَ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ ﷿ يَقُولُ:" أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ" وَهَذَا صَحِيحٌ. وكسرت" إن" لأنها مبتدأة، قال النَّحَّاسُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ. يَجُوزُ فَتْحُهَا «١»، كَمَا أَجَازَ سِيبَوَيْهِ: حَقًّا أَنَّكَ مُنْطَلِقٌ، بِمَعْنَى أَلَا. وَ" هُمْ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَ" الْمُفْسِدُونَ" خَبَرُهُ وَالْمُبْتَدَأُ وَخَبَرُهُ خَبَرُ" إِنَّ". وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ" هُمْ" تَوْكِيدًا لِلْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي" إِنَّهُمْ". وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَاصِلَةً وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ عِمَادًا وَ" الْمُفْسِدُونَ" خَبَرُ" إِنَّ"، وَالتَّقْدِيرْ أَلَا إِنَّهُمُ الْمُفْسِدُونَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:" وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [لقمان: ٥]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ يُقَالُ: مَا عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُفْسِدٌ مِنَ الذَّمِّ، إِنَّمَا يُذَمُّ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ ثُمَّ أَفْسَدَ عَلَى عِلْمٍ، قَالَ: فَفِيهِ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْفَسَادَ سِرًّا وَيُظْهِرُونَ الصَّلَاحَ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ أَمْرَهُمْ يَظْهَرُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ فَسَادُهُمْ عِنْدَهُمْ صَلَاحًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ ذَلِكَ فَسَادٌ، وَقَدْ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي تَرْكِهِمْ تَبْيِينَ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ." وَلكِنْ" حَرْفُ تَأْكِيدٍ وَاسْتِدْرَاكٍ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ، إِنْ كَانَ قَبْلَهُ نَفْيٌ كَانَ بَعْدَهُ إِيجَابٌ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ إِيجَابٌ كَانَ بَعْدَهُ نَفْيٌ. وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ بَعْدَهُ عَلَى اسْمٍ وَاحِدٍ إِذَا تقدم الإيجاب، ولكنك تذكر جملة

(١). في العبارة غموض. ولعل المعنى المراد: يجوز فتحها كما أجاز سيبويه أما أنك منطلق على معنى حقا أنك منطلق. وأما بمعنى ألا، فإذا فتحت إن بعدهما كانتا بمعنى حقا أنك ... وإذا كسرت كانتا أداتي استفتاح. راجع كتاب سيبويه ج ١ ص ٤٦٢ طبع بولاق.

1 / 204