Le Recueil des Explications des Versets du Coran
جامع البيان في تفسير القرآن
وإنما عنى الله جل ثناؤه بقوله: { ويمدهم في طغيانهم } أنه يملي لهم ويذرهم يبغون في ضلالهم وكفرهم حيارى يترددون. كما: حدثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: { في طغيانهم يعمهون } قال: في كفرهم يترددون. وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { في طغيانهم }: في كفرهم. وحدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة: في { طغيانهم يعمهون } أي في ضلالتهم يعمهون. وحدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { في طغيانهم } في ضلالتهم. وحدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { في طغيانهم } قال: طغيانهم، كفرهم وضلالتهم. القول في تأويل قوله تعالى: { يعمهون }. قال أبو جعفر: والعمه نفسه: الضلال، يقال منه: عمه فلان يعمه عمهانا وعموها: إذا ضل. ومنه قول رؤبة بن العجاج يصف مضلة من المهامة:
ومخفق من لهله ولهله
من مهمه يجتبنه في مهمه
أعمى الهدى بالجاهلين العمه
والعمه: جمع عامه، وهم الذين يضلون فيه فيتحيرون. فمعنى قوله جل ثناؤه: { ويمدهم في طغيانهم يعمهون } في ضلالهم وكفرهم الذي قد غمرهم دنسه، وعلاهم رجسه، يترددون حيارى ضلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا لأن الله قد طبع على قلوبهم وختم عليها، فأعمى أبصارهم عن الهدى وأغشاها، فلا يبصرون رشدا ولا يهتدون سبيلا. وبنحو ما قلنا في «العمه» جاء تأويل المتأولين. حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { يعمهون }: يتمادون في كفرهم. وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { يعمهون } قال: يتمادون. وحدثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله { يعمهون } قال: يترددون. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: { يعمهون }: المتلدد. وحدثنا محمد بن عمرو الباهلي، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى بن ميمون، قال: حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { في طغيانهم يعمهون } قال: يترددون. وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وحدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد مثله. وحدثني المثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر عن ابن المبارك، عن ابن جريج قراءة عن مجاهد مثله. وحدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { يعمهون } قال: يترددون.
[2.16]
قال أبو جعفر: إن قال قائل: وكيف اشترى هؤلاء القوم الضلالة بالهدى، وإنما كانوا منافقين لم يتقدم نفاقهم إيمان فيقال فيهم باعوا هداهم الذي كانوا عليه بضلالتهم التى استبدلوها منه؟ وقد علمت أن معنى الشراء المفهوم اعتياض شيء ببذل شيء مكانه عوضا منه، والمنافقون الذين وصفهم الله بهذه الصفة لم يكونوا قط على هدى فيتركوه ويعتاضوا منه كفرا ونفاقا؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فنذكر ما قالوا فيه، ثم نبين الصحيح من التأويل في ذلك إن شاء الله. حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } أي الكفر بالإيمان. وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { أولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى } يقول أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. وحدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: { أولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى }: استحبوا الضلالة على الهدى. وحدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: { أولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى } آمنوا ثم كفروا. وحدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. قال أبو جعفر: فكأن الذين قالوا في تأويل ذلك: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، وجهوا معنى الشراء إلى أنه أخذ المشتري مكان الثمن المشترى به، فقالوا: كذلك المنافق والكافر قد أخذا مكان الإيمان الكفر، فكان ذلك منهما شراء للكفر والضلالة اللذين أخذاهما بتركهما ما تركا من الهدى، وكان الهدى الذي تركاه هو الثمن الذي جعلاه عوضا من الضلالة التي أخذاها. وأما الذين تأولوا أن معنى قوله: «اشتروا»: «استحبوا»، فإنهم لما وجدوا الله جل ثناؤه قد وصف الكفار في موضع آخر فنسبهم إلى استحبابهم الكفر على الهدى، فقال:
وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى
[فصلت: 17] صرفوا قوله: { اشتروا الضللة بالهدى } إلى ذلك وقالوا: قد تدخل الباء مكان «على»، و«على» مكان الباء، كما يقال: مررت بفلان ومررت على فلان بمعنى واحد، وكقول الله جل ثناؤه:
ومن أهل الكتب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك
Page inconnue