Le Recueil des Explications des Versets du Coran
جامع البيان في تفسير القرآن
وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغآء وجه ربه الأعلى
[الليل: 19-20]. وكما قال الشاعر:
ليس بيني وبين قيس عتاب
غير طعن الكلى وضرب الرقاب
وكما قال نابغة بني ذبيان:
حلفت يمينا غير ذي مثنوية
ولا علم إلا حسن ظن بغائب
في نظائر لما ذكرنا يطول بإحصائها الكتاب. ويخرج ب«إلا» ما بعدها من معنى ما قبلها، ومن صفته، وإن كان كل واحد منهما من غير شكل الآخر ومن غير نوعه، ويسمي ذلك بعض أهل العربية استثناء منقطعا لانقطاع الكلام الذي يأتي بعد إلا عن معنى ما قبلها. وإنما يكون ذلك كذلك في كل موضع حسن أن يوضع فيه مكان «إلا» «لكن»، فيعلم حينئذ انقطاع معنى الثاني عن معنى الأول، ألا ترى أنك إذا قلت: { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني } ثم أردت وضع «لكن» مكان «إلا» وحذف «إلا»، وجدت الكلام صحيحا معناه صحته وفيه «إلا»؟ وذلك إذا قلت: { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب } لكن أماني، يعني لكنهم يتمنون، وكذلك قوله:
ما لهم به من علم إلا اتباع الظن
[النساء: 157] لكن اتباع الظن، بمعنى: لكنهم يتبعون الظن، وكذلك جميع هذا النوع من الكلام على ما وصفنا. وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأ: «إلا أماني» مخففة، ومن خفف ذلك وجهه إلى نحو جمعهم المفتاح مفاتح، والقرقور قراقر، وأن ياء الجمع لما حذفت خففت الياء الأصلية، أعني من الأماني، كما جمعوا الأثفية أثافي مخففة، كما قال زهير بن أبي سلمى:
Page inconnue