Le Recueil des Explications des Versets du Coran

al-Tabari d. 310 AH
217

Le Recueil des Explications des Versets du Coran

جامع البيان في تفسير القرآن

وقالت طآئفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون

[آلعمران: 72]. وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة: نحن مسلمون، ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره وإذا رجعوا، رجعوا إلى الكفر. فلما أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهم، قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون. وكان المؤمنون الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنون أنهم مؤمنون، فيقولون لهم: أليس قد قال الله لكم كذا وكذا؟ فيقولون: بلى. فإذا رجعوا إلى قومهم { قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } الآية. وأصل الفتح في كلام العرب: النصر والقضاء والحكم، يقال منه: اللهم افتح بيني وبين فلان: أي احكم بيني وبينه، ومنه قول الشاعر:

ألا أبلغ بني عصم رسولا

بأني عن فتاحتكم غني

قال: ويقال للقاضي: الفتاح، ومنه قول الله عز وجل:

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين

[الأعراف: 89] أي احكم بيننا وبينهم. فإذا كان معنى الفتح ما وصفنا، تبين أن معنى قوله: { قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم } إنما هو أتحدثونهم بما حكم الله به عليكم وقضاه فيكم، ومن حكمه جل ثناؤه عليهم ما أخذ به ميثاقهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به في التوراة، ومن قضائه فيهم أن جعل منهم القردة والخنازير، وغير ذلك من أحكامه وقضائه فيهم، وكل ذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به حجة على المكذبين من اليهود المقرين بحكم التوراة وغير ذلك.

فإن كان كذلك فالذي هو أولى عندي بتأويل الآية قول من قال: معنى ذلك: { أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } من بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى خلقه لأن الله جل ثناؤه إنما قص في أول هذه الآية الخبر عن قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه: آمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فالذي هو أولى بآخرها أن يكون نظير الخبر عما ابتدىء به أولها. وإذا كان ذلك كذلك، فالواجب أن يكون تلاومهم كان فيما بينهم فيما كانوا أظهروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه من قولهم لهم: آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وكان قيلهم ذلك من أجل أنهم يجدون ذلك في كتبهم وكانوا يخبرون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فكان تلاومهم فيما بينهم إذا خلوا على ما كانوا يخبرونهم بما هو حجة للمسلمين عليهم عند ربهم. وذلك أنهم كانوا يخبرونهم عن وجود نعت محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم ويكفرون به، وكان فتح الله الذي فتحه للمسلمين على اليهود وحكمه عليهم لهم في كتابهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث، فلما بعث كفروا به مع علمهم بنبوته. وقوله: { أفلا تعقلون } خبر من الله تعالى ذكره عن اليهود اللائمين إخوانهم على ما أخبروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتح الله لهم عليهم أنهم قالوا لهم: أفلا تفقهون أيها القوم وتعقلون أن إخباركم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبكم أنه نبي مبعوث حجة لهم عليكم عند ربكم يحتجون بها عليكم؟ أي فلا تفعلوا ذلك، ولا تقولوا لهم مثل ما قلتم، ولا تخبروهم بمثل ما أخبرتموهم به من ذلك. فقال جل ثناؤه:

أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون

[البقرة: 77].

Page inconnue