199

============================================================

فدعوني الليلة آخذ أهية الموت وأستعد لمنكر ونكير، وأذكر عذاب القبر وما يحثى علي من التراب، فإذا أصبحتم فالميعاد بيني وبينكم المكان الذي تريدون، فقال بعضهم: لا نريد اثرا بعد عين، وقال بعضهم: إنكم قد بلغتم [اسنيتكم](4) واستوجبتم جوائزكم من الأمير، فلا تعجزوا عنه(2) ثم نظروا إلى سعيد وقد دمعت عيناه، واغبر لونه، وكان رحمه الله لم يأكل ولم يشرب(3) متذ لقوه وصحبوه، فقالوا باجمعهم: يا خير أهل الأرض، ليتنا لم نعرفك ولم نرسل إليك، الويل لنا، كيف ابتلينا بك، ما عذرنا عند خالقنا يوم الفزع الأكبر، فإنه الحكم العدل الذي لا يجوز، فلما فرغوا من البكاه والمحادثة لبعضهم بعضا، قال كفيله: أسالك بالله يا سعيد الا ما زودتنا من دعائك، فانا لن نلقى مثلك أبدا، فدعا لهم سعيد ثم خلوا سبيله، ففسل رأسه ومدرعته وكساءه، وأقبل على الصلاة والدعاء والاستعداد للموت ليله كله وهم مختفون (4)، فلما انشق عمود الصبح جاءهم سعيد فقرع الباب، فقالوا صاحبكم ورب الكعبة، فخرجوا إليه فبكى وبكوا معه طوبلأ ثم ذهبوا به إلى الحجاج، فدخل عليه المتلمس فسلم عليه وبشره بقدوم سعيد بن جبير فلما مثل بين پديه قال له: ما اسمك قال سعيد بن جبير، قال بل آنت شقي بن كسير، فقال سعيد آمي كانت أعلم باسمي منك، قال الحجاج شقيت آنت وشقيت أمك، فقال سعيد: الغيب يعلمه غيرك، قال الحجاج: لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى قال سعيد، لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلها، قال: فما قولك في محمد صلى الله عليه وسلم، قال: هو نبي الرحمة، قال: ما قولك في علي أفي الجنة أم في النار، فقال: لو دخلتهما وعرفت أهلها عرفت من فيهما، قال فما قولك في الخلفاء، قال لست عليهم بوكيل، قال فأيهم أحب إليك؟ قال: (7) في حياة الحيوان: امتكم.

(2) بعده في حياة الحيوان: وقال بعضهم: هو علي ارفعه إليكم إن شاء الله تعالى (3) بعده في حياة الحيوان: ولم يضحك.

(9) بعدها في حياة الحيوان وهم مختفون الليل كله.

Page 199