Jamic
جامع ابن بركة ج1
Genres
اختلف الناس فيما يجوز التيمم به، فقال بعضهم: يجوز بالتراب والرمل والنورة والزرنيخ وما أشبه ذلك. وقال بعضهم: لا يجوز التيمم إلا بالتراب وحده، ورأيت أصحابنا يقولون: بجواز (¬1) غير التراب ويقيمونه مقامه. والنظر يوجب عندي أن التيمم لا يجوز إلا بالتراب دون غيره؛ لأن الخطاب من الله تعالى يدل على ذلك لقوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة...? إلى قوله: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } (¬2) ، فدل جل ثناؤه من يعقل عنه الخطاب بقوله: { فلم تجدوا ماء فتيمموا? } على أن ما أمر به بمسحه من الأعضاء يجب غسله بالماء إذا وجده، ولا يجوز التطهر لمن فقده إلا بالصعيد وحده، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تقبل صلاة بغير طهارة) (نسختين) (بغير طهور). وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا إيمان لمن صلاة له ولا صلاة لمن لا وضوء له) (¬3) ، وقد تعلق بعض مخالفينا بظاهر هذين الخبرين، فقال: من لم يجد الماء والصعيد وعدمها سقط عنه فرض الصلاة، ونحن نبين هذا المعنى في موضعه إن شاء الله. قال الله تبارك وتعالى: { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } (¬4) ، فالواجب على الإنسان أن يأتي من المسح ما يسمى له ماسحا وجهه ويديه، ولو تركنا والظاهر لأجزنا مسح بعض الوجه لاستحقاقه اسم ماسح، غير أن الأمة أجمعت أن عليه أن يأتي بالمسح الذي يستوعب الوجه كله، فعدلنا عن موجب اللغة إلى استيعاب الوجه بالاتفاق، وبقي التنازع بين الناس في اليدين. والقول عندنا أن كل من سمي ماسحا بيده فقد امتثل ما أمر به إلا ما قام عليه دليله، والإنسان إذا مسح كفيه سمي ماسحا يديه (¬5) ، فإذا استحق هذا الإسم خرج من العبادة.
¬__________
(¬1) في (أ) يجوز.
(¬2) النساء: 43، المائدة: 6.
(¬3) رواه الطبراني في الأوسط.
(¬4) النساء: 43، المائدة: 6.
(¬5) في (أ) بيديه.
Page 230