201

Jamic

جامع ابن بركة ج1

Genres

قال الله جل ذكره: { ?وأنزلنا من السماء ماء طهورا } (¬1) ، فالطهور الذي يطهر الشيء، وهو الفعول للطهارة، ولو تركنا والظاهر (¬2) كنا نحكم بتطهير كل ما لاقاه الماء الذي سماه الله طهورا، غير أن أدلة قامت في بعض المواضع فامتنعنا لذلك عند قيام الأدلة؛ وكل موضع تنازع المسلمون فيه فطهارته حاكمة بما قلناه، وقد تنازع المسلمون في القليل من الماء إذا دخلته (¬3) النجاسة فلم تغير له لونا ولا طعما ولا ريحا، فقال القائلون: الماء نجس مع ارتفاع أعلام النجاسات. وقال قائلون الماء طاهر إذا لم يكن فيه شيء من أمارة النجاسة، والقرآن قد أورد (¬4) أن الماء طهورا، فهذا الطاهر يوجب أن يكون البول قد طهر بغلبة الماء عليه مع ارتفاع أعلام النجاسة التي حلت. فإن (¬5) الله عز وجل قلب عينه؛ لأن الله جل وعلا يجعل الماء بولا، والبول ماء، والقائل (¬6) إن الماء غير مطهر في هذا الموضع محتاج إلى دليل، ودليل آخر أن الله عز وجل قال: { ?وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ، والطهور في لغة العرب هو الفعول للطهارة، وهو الذي تعرف منه تطهير (¬7) الشيء بعد الشيء، والماء الذي لا الشيء، والماء الذي لا يطهر الأشياء لا يستحق هذا الاسم؛ لأن الإنسان إذا عرف من عادته من غذائه المتعارف، ومن شربه المتعارف، لم يسم أكولا ولا شروبا، وإنما يسمى أكولا إذا أكثر الأكل، ومنه سمي شروبا إذا كثر شربه، فظاهر الآية يوجب أن الماء الذي سماه الله طهورا إذا لاقى شيئا من النجاسات طهرها بتسميته إياها ماء طهورا فالواحب إجراء العموم على ظاهره، إلا ما قام عليه دليله؛ ووجه آخر: أجمع المسلمون جميعا أن الماء (¬8)

¬__________

(¬1) الفرقان: 48.

(¬2) في (أ) الظاهر.

(¬3) في (ج) داخلته.

(¬4) في (ج ) ورد.

(¬5) في (ج) وإن.

(¬6) في (ج) فالقائل.

(¬7) في (أ) تطهر.

(¬8) من (ب) و (ج)..

Page 201