ومن كان بحضرته ماء نجس وهو عطشان، وحضرته الصلاة وهو محدث، جاز له أن يشرب منه إذا كان مضطرا إليه؛ لأن الله جل ذكره قد أمره بإحياء نفسه وليس له أن يتطهر به "للصلاة، لأنه ليس من الماء الذي يجوز أن يتطهر به إذا كان غير مميز مما قد نهي عن التطهر" (¬1) به ولا منفصل منه؛ والله تعالى إنما أمره أن يتطهر بالماء دون غيره. والذي نختاره للمسلم إذا أراد التطهر أو البراز في الأرض أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في فعله والإتباع لأمره والانتهاء عما نهى عنه في أدائه وعزمه، وأن لا يستقبل القبلة بغائط ولا بول. وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان من آدابه أنه لا يكشف إزارا إذا أراد حاجة الإنسان حتى يقرب إلى الأرض، وروي عنه من طريق عبد الله بن عمر " أن رجلا مر به صلى الله عليه وسلم وهو يريد البول أو في حال أمر (¬2) البول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام" فينبغي لمن رغب في الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في آدابه أن لا يسلم على أحد وهو مشتغل ببول ولا غائط، ولا يرد البائل أيضا السلام. وقد (¬3) قال بعض أصحابنا: إن عليه أن يرد السلام إذا فارق الحال التي كان عليها. وكذلك قالوا في المصلي إذا سلم عليه الداخل إليه: أن عليه أن يرد عليه السلام إذا فرغ من صلاته، في الرواية ما يدل على سقوط رد السلام في تلك الحال وبعدها؛ لأنه ليس في الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم رد السلام على المسلم بعد ذلك، لأن رد السلام فرض، والفرض لا يجب إلا أن يوجبه ما يوجب التسليم له ، ولسنا نوجب ذلك إلا أن يوجبه اتفاق أو سنة؛ وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الغائط والبول في الأحجرة، وفسر ذلك بعض أهل العلم فقال: إنما نهى عن ذلك عليه السلام " لأنها مساكن إخوانكم من الجن" (¬4) ،
¬__________
(¬1) ساقطة من (ج) .
(¬2) في (ج) من .
(¬3) ناقصة من (ج) .
(¬4) رواه الدارقطني والبهيقي ..
Page 177