Rassemblement des moyens dans l'explication des Shama'il

Al-Mulla Ali Al-Qari d. 1014 AH
50

Rassemblement des moyens dans l'explication des Shama'il

جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية

Maison d'édition

المطبعة الشرفية - مصر

Lieu d'édition

طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته

الصَّوَابُ أَنَّ رُؤْيَتَهُمْ إِنْ كَانَتْ نَوْمًا فَقَدْ مُثِّلَ لَهُ صُورَتُهُمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِمْ أَوْ يَقَظَةً فَهُوَ رَآهُمْ عَلَى صُورَتِهِمُ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهِمْ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَحْيَاءٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ ﷺ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَا صَدَرَ عَنْهُمْ وَلِهَذَا أَدْخَلَ حَرْفَ التَّشْبِيهِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَحَيْثُ أَطْلَقَهَا فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ - عَلَى مَا سَيَأْتِي - أَنَّهُ يَنْبَغِي تَبْلِيغُ صُوَرِ الْعُظَمَاءِ إِلَى مَنْ لَمْ يَرَهُمْ فَإِنَّ فِي إِحْضَارِ صُوَرِهِمْ بَرَكَةً كَمَا فِي مُلَاقَاتِهِمْ، وَفِيهِ مَزِيدُ حَثٍّ عَلَى ضَبْطِ خِلْقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (فَإِذَا): لِلْمُفَاجَأَةِ. (مُوسَى ﵇: قِيلَ: فِي الْكَلَامِ إِيجَازٌ وَالتَّقْدِيرُ " فَرَأَيْتُ مُوسَى " بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: " وَرَأَيْتُ عِيسَى "، وَقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلَى عُرِضَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ. (ضَرْبٌ): بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ خَفِيفُ اللَّحْمِ. (مِنَ الرِّجَالِ): صِفَةُ ضَرْبٍ أَيْ كَائِنٌ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ. (كَأَنَّهُ): أَيْ مُوسَى. (مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ): خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ كَالْمُبَيِّنِ لِلْأَوَّلِ، وَشَنُوءَةُ فَعُولَةٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ ثُمَّ وَاوٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ بَعْدَهَا تَاءٌ عَلَى زِنَةِ فَعُولَةٍ، اسْمُ قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَمِنْهُ أَزْدُ شَنُوءَةَ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَرُبَّمَا قَالَ شَنُوَّةُ بِالتَّشْدِيدِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ. قُلْتُ: كَالنُّبُوَّةِ وَالْمُرُوَّةِ، وَأَمَّا مَا ضَبَطَهُ الْعِصَامُ بِضَمِّ أَوَّلِهَا فَغَيْرُ مَشْهُورٍ رِوَايَةً وَلُغَةً، وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ مُحْتَمِلَةٌ وَهُمُ الْمُتَوَسِّطُونَ بَيْنَ الْخِفَّةِ وَالسِّمَنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُ صُورَتِهِ بِهِمْ لَا تَأْكِيدَ خِفَّةِ اللَّحْمِ ; لِأَنَّ الْإِفَادَةَ خَيْرٌ مِنَ الْإِعَادَةِ، وَاسْتُشْكِلَ هَذَا الْحَدِيثُ بِمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ " مُضْطَرِبٌ " بَدَلَ " ضَرْبٌ "، وَهُوَ الطَّوِيلُ سَبِطُ اللَّحْمِ، وَفِي رِوَايَةٍ: " جَسِيمٌ سَبِطُ اللَّحْمِ "، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْجَسَامَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطُّولِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الطُّولِ وَخِفَّةِ اللَّحْمِ، وَبِأَنَّ اخْتِلَافَ الْبَيَانِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِتَعَدُّدِ الرُّؤْيَا، وَالصُّوَرُ الْمَرْئِيَّةُ فِي الرُّؤْيَا كَثِيرًا مَا تَخْتَلِفُ، وَكَذَا الصُّوَرُ الْحَقِيقِيَّةُ لِلشَّخْصِ قَدْ تَتَعَدَّدُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْإِحْضَارُ كُلَّ صُورَةٍ بِصُورَةٍ، قِيلَ: وَشَبَّهَهُ بِمُتَعَدِّدَيْنِ دُونَ فَرْدٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ إِشَارَةً إِلَى تَمْيِيزِهِ عَلَيْهِمَا بِكَثْرَةِ أُمَّتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ شَبَّهَ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِعَدَمِ تُشَخُّصِهِ وَتَعَيُّنِهِ فِي خَاطِرِهِ أَوْ فِي نَظَرِهِمْ. (وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ﵇: وَفِي نُسْخَةٍ ﵉. (فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ): مُبْتَدَأٌ مُضَافٌ إِلَى " مَنْ " أَيْ مَوْصُولَةٌ لَا مَوْصُوفَةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَنْكِيرُ الْمُبْتَدَأِ. (رَأَيْتُ): أَيْ أَبْصَرْتُ عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ إِلَى الْمَوْصُولِ. (بِهِ): صِلَةُ قَوْلِهِ: (شَبَهًا): بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مُشَابَهَةً، وَنَصْبُهُ عَلَى

1 / 50