وَهَذَانِ الكتابان يشتملان على فصولٍ من أصُول الدّين، لاغنى لمن أَرَادَ الِاخْتِصَاص بِعلم الشَّرِيعَة عَن مَعْرفَتهَا، وَهِي مَا فيهمَا من الِاعْتِبَار بأخبار الِابْتِدَاء، والأنبياء، وَمَا كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل من الأنباء، وَأَيَّام الْجَاهِلِيَّة الجهلاء، وَأَيَّام النُّبُوَّة وَمَا تَلَاهَا من السّير والمعجزات، وجمل الاعتقادات، ولوازم الطَّاعَات، وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات، وَذكر الْغَزَوَات، ونزول الْآيَات وثوابها، وأبواب الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَالتَّعْبِير وبيانها، وفضائل الصَّحَابَة وخصائصها، ورغائب الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَالْعَمَل لِلْأُخْرَى ومراتبها، وَمَا فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض من قدرَة الله تَعَالَى وشواهدها، وَمَا يتَّصل بذلك من المواعظ ورقائقها، وَمَا يكون من الْفِتَن والأشراط إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وأنواعها، ثمَّ مَا يكون من الْبَعْث والنشور، وَبعد الْحساب من الثَّوَاب وَالْعِقَاب، والاستقرار فِي الْجنَّة أَو النَّار وصفاتهما، وحظوظ أهليهما مِنْهُمَا، وَمَا يتَعَلَّق بذلك.
وتتمة ذَلِك تعديلهما لرواة هَذِه الْأُصُول المخرجة فِي الْكِتَابَيْنِ، وحكمهما بذلك فِيمَا أفصحا بِهِ فِي الترجمتين، لِأَن الصِّحَّة لَا يَسْتَحِقهَا الْمَتْن إِلَّا بعدالة الرَّاوِي، وَشَهَادَة هذَيْن الْإِمَامَيْنِ أَو أَحدهمَا بذلك، وتصحيحهما إِيَّاه حكمٌ يلْزم قبُوله، وتبليغٌ يتَعَيَّن الانقياد لَهُ، ونذارةٌ يخَاف عَاقِبَة عصيانها، قَالَ تَعَالَى: ﴿فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون﴾ [سُورَة التَّوْبَة: ١٢٢] .
وَهَذِه مناهج الباحث المتدين قد قربناها لَهُ، وسهلناها عَلَيْهِ، ونقلنا نصوصها مُقَيّدَة إِلَيْهِ، ووضعنا مَجْمُوع أشتاتها وتراجمها منتظمة بَين يَدَيْهِ، وزدنا عَلَيْهَا مَعَ جمع المتفرق وَحذف مَا يصعب حفظه من الطّرق تَمْيِيز مَا اتفقَا عَلَيْهِ، أَو انْفَرد بِهِ أَحدهمَا، والاقتصار من التّكْرَار على مَا لابد من الِاقْتِصَار عَلَيْهِ، وَعدد مَا لكل صَاحب من الْأَحَادِيث المخرجة فيهمَا، وقمنا لَهُ مقَام التَّرْجَمَة عَنْهُمَا فِي ذَلِك كُله.
1 / 76