ان من أظهر الأدلة على كمال المروءة تكميل النظافة بالأرايح الأرجة التي تتعدى إلى الغير فتلذه وترغبه في الاقتراب والمناسمة وتخفى ما في الإنسان من العوار والوصمة وإليها يرجع قول من حد المروءة إنها الإرادة للغير ما يراد للنفس - وقول من حدها باجتناب المحارم وكف الأذى - بل لوحدت بالاعتصام بالديانة لمل خرج عنها ما قالوا فالدين يوجب العدل والتسوية وقمع الظلم الذي يراد للنفس وإعانة المظلوم ولم يبعد من وصفها بأن لا يعمل سرًا ما يستحي منه في العلن - ومن حسن خلقه بتحسين الخلق وهيأ مطعمه بالطيب من الحلال وأشرك فيه غيره بالتسوية واحتشد فيما زاول بالنظافة وتممه بالطيب الذي هو أحد ما حبب إلى الرسول ﷺ من علائق الدنيا فقد سرّ أكليله وآنس جليسه وأكرم نديمه وكفّ أذاه وأراد له ما أراد لنفسه وخرج عن العهدة الواردة فيمن منع رفده وأكل وحده وضرب عبده ومما يشبه نظافة الثياب ان كان معناها الطوية وتدعوا إلى حسن الطاعة وعز القناعة والأخذ بالأصوب في اليوم والعاقبة ان معز الدولة أحمد بن بويه كان يفرط في التشيّع وانه أشخص من نواحي فارس أحد كبار العلويين مشتهر بالديانة وحسن السيرة والصيانة واسر إليه بتبرمه بتقبيل أكمام االمخانيث يشير بذلك إلى المطيع وانه إنما استحضره ليوصل الحق إلى ذويه ويسلم الملك والخلافة إلى أهليه ةانه أولى بسياسة الأمة بحق الوراثة وما خصه الله وجمعه فيه من الفضل والعدل وحسن الطريقة - فدعا إلى العلوى وشكره شكرًا كثيرًا ومدحه على اعتقاده في أهل بيت الرسول ﷺ وأولاد البتول وأحمده على ما نوى من التقرب إلى الله تعالى بإنعاشهم وإعزاز الدين بهم ثم استأذنه في الإفصاح بما عنده في ذلك فأذن له فقال ان عامة الناس في الأقطار والأمصار قد اعتادوا الدعوة العباسية ودانوا بدولتهم وأطاعوهم كطاعة الله والرسول ورأوهم أولى الأمر وتزاحموا على الأنقياد إلى ولاتهم ولم يعهدوا غلى العلوية الناجمين غير الأسر والقتل فاعتقدوا فيهم العصيان والكفران بالخروج على خلفاء الله وولاة الأمر فإذا فعلت ما أضمرته وازمعته بادهت الجمهور بما تعودوا غيره فلم ينقادوا له دفعة وحسدك من لا يخالفك في العقد على اتحاده ذلك بك دونه فلن تستغن في نقل الملك من قبيلة غلى اخرى عن حروب تتوالى عليك حتى تضجرك وأنا سببها فتراني حينئذ بعين المقت والبغضة وتنطوي فيما فعلت إلى الندامة والحسرة فيحيط اجر ما انتدبت له من تلك الفعلة - هذا إذا رزقت في مغازيك الفلح والنصرة وأما إن جرى الأمر بخلافه فقد زال ملكك ولم يستقر بي قرار ما دمت في دار السلام إلى أن أتحول إلى بخوت بحشاشتي إلى دار الحرب وعبدة الأصنام فما الذي يدعوك إلى التعرض للحتوف والمهالك وأنا الآن حيث أسكن معظم مبجل فاضل النعمة على كل تاني ودهقان نافذ الأمر في القاصي والداني لاترتفع فوق يدي يد رئيس أو عامل أو أمير فخل بيني وبين ما رزقني الله تعالى لا تهنأ به تهنؤك ولا تستنكف كُم هو أنظف واطهر كثيرًا من شفاه دسمة وثغور وسخة وأنفاس بخرة تولع ليلًا ونهارًا بتقبيلها ولست تأنف منها ولا تستقذرها وسل الله ﷿ ما فيه صلاح دينك ودنياك وارتهن دعائي لك بالخير في عقباك - فأضغى معز الدولة إلى قوله وقبّل رأسه وعينيه وصرفه إلى وطنه مكرمًا معظمًا ولم يتخلف عنه من ينشد ما قيل بفكرة ثاقبة ويعمل عليه -
إذا كنت في نعمة فأرعها ... فان المعاصي تزيل النعم
فبه تنال النجاة في الدنيا والآخرة ورضى أولياء النعم من الله تعالى ومن الأنس -
ترويحة
1 / 10