Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Chercheur
عبد الكريم سامي الجندي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى ١٤٢٦ هـ
Année de publication
٢٠٠٥ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
الرَّحْمَن الجوهريّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن الضَّحَّاك، قَالَ: أَخْبَرَنَا الهَيْثَم بْن عَدِيّ، عَنْ عوَانَة بن الحك، قَالَ: لمّا استُخلف عُمَر بْن عبد الْعَزِيز وَفد الشُّعَرَاء إِلَيْهِ فأقاموا بِبَابِهِ أَيَّامًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ، الرحيل، إِذْ مرّ بهم رَجَاء بْن حَيْوَة. وَكَانَ من خطباء أَهْلَ الشَّام فَلَمّا رَآهُ جرير دَاخِلا عَلَى عُمَر أنشأ يَقُولُ:
يَا أيُّها الرجلُ الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زمانُك فَاسْتَأْذن لَنَا عُمَرا
قَالَ: فَدخل وَلم يذكرْ من أَمرهم شَيئًا، ثُمَّ مر بهم عَدِيّ بْن أَرْطَأَة، فَقَالَ لَهُ جرير:
يَا أيُّهَا الراكبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَه ... هَذَا زَمانُك إِنِّي قَدْ مضى زَمَني
أَبْلغْ خَليفَتَنَا إِنْ كنتَ لاقيهِ ... أَنِّي لَدَى الْبَاب كالمَصْفُودِ فِي قَرَنِ
لَا تَنْسَ حاجتنا لُقِّيت مَغْفرةً ... قَدْ طَال مُكثِيَ عَنْ أَهلِي وَعَن وَطَنِي
قَال: فَدخل عَدِيّ عَلَى عُمَر، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! الشُّعَرَاء ببابك وسهامهم مَسْمُومَة وأقوالهم نَافِذَة، قَالَ: وَيحك يَا عدي! مَا لي وللشعر، قَالَ: أعزَّ اللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن رَسُول الله ﷺ قَد امتُدِح فَأعْطى، وَلَك فِي رَسُول الله ﷺ أسوت حَسَنَة، فَقَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: امتدحه الْعَبَّاس بْن مرداس السُّلَميّ فَأعْطَاهُ حُلةً قطع بهَا لِسَانه، قَالَ: أَوْ تروي من قَوْله شَيئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأنْشد:
رَأَيْتُكَ يَا خَيْرَ البريَّةِ كُلِّها ... نشرتَ كتابا جَاءَ بالحقِّ مَعْلَما
شَرعت لَنَا دينَ الْهُدي بَعْدَ جَوْرِنا ... عَنِ الحَقِّ لمّا أصبح الحقُّ مُظْلما
ونورتَ بالْبُرهان أمرا مُدَنَّسا ... وَأَطْفَأت بالبرهان نَارا تَضَرّما
فَمن مبلغ عني النبيَّ مُحَمَّدا ... وكلُّ أمرئ يُجزي بِمَا كَانَ قدما
أَقمت سَبِيل الْحق بَعْدَ اعوجاجه ... وَكَانَ قَدِيما رُكْنه قَدْ تهدَّما
تَعَالَى عُلوًّا فَوق عرش إلهنا ... وَكَانَ مَكَان اللَّه أَعلَى وأعظما
قَالَ وَيحك يَا عَدِيّ! من بِالْبَابِ مِنْهُم؟ قَالَ: عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن أبي ربيعَة، قَالَ: أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ:
ثُمَّ نبهتُها فهبّتْ كِعابًا ... طفلةً مَا تبينُ رَجْعَ الكلامِ
سَاعَة ثُمَّ إنّها بَعْدُ قَالَتْ ... وَيْلَتا قَدْ عجلتَ يَا ابنَ الكرامِ
أَعلَى غير موعدٍ جئتَ تَسْري ... تَتَخَطى إليّ رُوسَ النيامِ
مَا تجشمتَ مَا يزين من الأمْ ... رِ وَلَا جِئْت طَارِقًا لخصامِ
فَلَو كَانَ عَدُوَّ اللَّه إِذْ فجر كتم نَفسه، لَا يدخلُ عليّ وَالله أبدا، فَمن بِالْبَابِ سواهُ؟ قَالَ: هَمّام بْن غَالب، يَعْنِي الفرزدق، قَالَ: أوليس هُوَ الَّذِي يَقُول:
هما دلتاني من ثَمَانِينَ قامةً ... كَمَا انقضَّ بازٍ أقْتَم الريشِ كاسرُهُ
فَلَمّا اسْتَوَت رجلاي بِالْأَرْضِ قَالَتَا ... أَحَي يُرَجّى أم قتيلٌ نُحاذِرُه
1 / 41