فهذا آخر ما قاله فى الأمراض العارضة للبدن. وأما الأمراض | العارضة فى النفس بسبب حال البدن فتكلم فيها بآخرة وقال: إن مرض النفس هو جهلها وإن جهل النفس جنسان أحدهما الوسواس والآخر قلة الأدب وإن اللذة والحزن المجاوزين للمقدار أعظم أمراض النفس. وإن ذلك قد يعرض كثيرا بسبب حال البدن إذا كانت رديئة، كالذى يعرض لمن كثر فى بدنه المنى السيال بمنزلة شجرة قد كثرت ثمرتها جدا. ثم قال: وقد تحدث أمراض فى النفس من البلغم الحامض والمالح ومن المرار متى انصب إلى الثلثة المواضع التى للنفس فيكون بعض ذلك سببا لخبث النفس ورداءتها وبعضه سببا للقحة والجبن وبعضه سببا للنسيان وإبطاء التعلم
ثم أوصى بالعناية بصحتهما جميعا — أعنى النفس والبدن — وخاصة متى كانا أحدهما غير موافق للآخر. وذلك أنه قد يعرض كثيرا متى كان أحدهما أقوى من صاحبه أن يجلب على الحيوان أمراضا. وإن أحد تلك الأشياء المصلحة لذينك رد حركات كل واحد منهما بالطبع إليه على الاعتدال. وإن حركات النفس تكون بالفكر والتعليم، وأما حركات البدن فثلات وأفضلها الحركة التى يتحركها بنفسه فى الرياضة وأردأها ما كان بالأدوية. ولذلك لا ينبغى أن تستعمل الأدوية أصلا إلا عند الضرورة الشديدة. والمتوسطة بين هاتين الحركتين الحركة التى بالحمل أو بركوب الدواب أو بركوب السفن.
Page 32