144

وأخيرا، سقط الجسر المعلق، وفتحت البوابات، وخرج من القلعة فارس يحمل علما كبيرا للطائفة، يسبقه ستة من حملة الأبواق، ويتبعه كبار الفرسان في أزواج. وأخيرا أتى السيد الأعظم ممتطيا جوادا مهيبا مجهزا بأبسط العتاد، وجاء خلفه براين دي بوا جيلبرت مسلحا من رأسه إلى أخمص قدميه بدروع لامعة، ولكن دون رمحه أو ترسه أو سيفه، التي كان يحملها وصيفاه من خلفه.

بعد هؤلاء، جاءت حامية من الحراس مترجلة، وكان وجه المتهمة الشاحب يبدو من بين عصيهم وهي تسير بخطوة بطيئة، ولكنها رابطة الجأش، نحو موقع تقرير مصيرها. كانت ثيابها الشرقية قد استبدل بها ثوب أبيض خشن شديد البساطة. ومع ذلك كان في نظرتها مزيج بديع من الشجاعة والخضوع، حتى إنها في هذا الثوب الرديء، ومن دون أي حلية باستثناء ضفائر شعرها الطويلة السوداء، أبكت جميع العيون التي نظرت إليها.

سيقت ريبيكا التعسة إلى الكرسي الأسود الموضوع بالقرب من الكومة. وفي نظرتها الأولى للبقعة المروعة، حيث كانت تجري التجهيزات لميتة ترعب الذهن وتؤلم الجسد على حد سواء، لوحظ أنها ارتجفت وأغلقت عينيها، وكانت بلا شك تصلي في سرها؛ لأن شفتيها كانتا تتحركان على الرغم من عدم سماع صوت منهما. بعد لحظات فتحت عينيها، ونظرت مليا إلى الكومة كما لو كانت تريد أن يألفها ذهنها، ثم أشاحت برأسها ببطء وتلقائية.

وفي تلك الأثناء، كان السيد الأعظم قد جلس على مقعده، ثم تقدم للأمام مالفوازان، الذي كان يؤدي مهمة عراب البطل، ووضع قفاز اليهودية الذي كان رهن المعركة عند قدمي السيد الأعظم.

قال: «أيها السيد الشجاع والأب الموقر، هنا يقف الفارس الصالح براين دي بوا جيلبرت، أحد كبار فرسان طائفة الهيكل، والذي بقبوله رهن المعركة الذي أضعه الآن عند قدميكم الجليلتين أصبح لزاما عليه أن يؤدي واجبه في النزال في هذا اليوم؛ كي يؤكد على أن هذه الفتاة اليهودية التي تدعى ريبيكا قد استحقت بعدل الحكم الصادر بحقها في مجلس عام لهذه الطائفة المقدسة.»

أمر السيد الأعظم المنادي أن يتقدم ويؤدي واجبه؛ ومن ثم صدحت أصوات الأبواق، وتقدم أحد المنادين خطوة للأمام معلنا بصوت عال: «أنصتوا، أنصتوا، أنصتوا. هنا يقف الفارس الصالح السيد براين دي بوا جيلبرت جاهزا لقتال أي فارس من دم حر، يدعم النزاع المسموح والمخصص لليهودية ريبيكا.»

قال السيد الأعظم: «لم يظهر أي فارس نصير لمقدمة الطعن في الحكم. اذهب أيها المنادي، واسألها عما إذا كانت تنتظر قدوم أي أحد للقتال من أجلها في سبيل قضيتها هذه.» ذهب المنادي إلى الكرسي الذي كانت تجلس عليه ريبيكا، وفجأة أدار بوا جيلبرت رأس جواده نحو طرف ساحة النزال، فأصبح بجانب كرسي ريبيكا بمجرد وصول المنادي إليها.

تحدث المنادي مع ريبيكا بهذه الكلمات: «يا أيتها الفتاة، إن السيد الأعظم المبجل والموقر يسألك عما إذا كنت قد أعددت نصيرا ليخوض معركة هذا اليوم بالنيابة عنك، أم أنك مذعنة للحكم باعتبارك مدينة بحكم عادل مستحق؟»

ردت ريبيكا: «قل للسيد الأعظم إني أصر على براءتي، ولا أقر بأنني قد حكم علي بالعدل، وإلا أكون قد أجرمت في حق دمي. قل له إنني أتمسك بالمهلة التي ستسمح بها عادات محاكمته لأرى إن كان الرب، الذي يفتح أبواب الفرج لمن هو في محنة، سيبعث لي منقذا. وعندما تمر تلك المهلة القصوى المسموح بها فلتكن إذن مشيئته المقدسة!» انصرف المنادي ليحمل هذه الإجابة إلى السيد الأعظم.

قال لوكاس بومانوار: «حاشا للرب أن يتهمنا يهودي أو وثني بالظلم! سننتظر حتى تسقط الظلال من الغرب إلى الشرق؛ لنرى ما إذا كان سيظهر نصير لهذه المرأة التعسة. وعندما يمر النهار فلتستعد للموت.»

Page inconnue