126

قال السيد الأعظم: «أجب عليها يا أخي، إن كان العدو الذي تصارعه سيعطيك القوة.»

في الواقع بدا بوا جيلبرت مضطربا بفعل عواطفه المتصارعة التي كادت أن تجعل ملامح وجهه تتشنج، وفي النهاية أجاب بصوت مرتبك وهو ينظر إلى ريبيكا ويقول: «اللفيفة! اللفيفة!»

قال بومانوار: «أجل، هذه شهادة بالفعل! إن ضحية سحرها لا يمكنه سوى أن يذكر اللفيفة اللعينة التي لا بد أن الطلاسم المكتوبة فيها هي سبب صمته.»

ولكن ريبيكا فسرت الكلمات المنتزعة الصادرة عن بوا جيلبرت تفسيرا آخر، وناظرة إلى قصاصة الرق الذي كانت لا تزال ممسكة بها في يدها، قرأت المكتوب عليها بحروف عربية: «اطلبي محاربا نصيرا!» ثم أتاحت التعليقات المهمهمة، التي سرت بين الجمع على الرد الغريب لبوا جيلبرت، الفرصة لريبيكا كي تفحص اللفيفة ثم تمزقها على الفور دون أن يلاحظها أحد. وعندما توقف الهمس تكلم السيد الأعظم قائلا: «لا يمكنك يا ريبيكا أن تستخلصي أي نفع من شهادة هذا الفارس التعيس؛ لأنه، كما نعي جيدا، ما زال العدو ذا سلطان قوي عليه. ألديك شيء آخر تريدين قوله؟»

قالت ريبيكا: «ما زالت لدي فرصة واحدة للحياة، حتى بمقتضى قوانينك القاسية. لقد كانت حياتي بائسة، بائسة، على الأقل مؤخرا، ولكني لن أتخلى عن هبة الرب، بينما يعطيني وسيلة الدفاع عنها. إنني أنكر هذه التهمة، وأصر على براءتي، وأعلن بطلان هذا الاتهام، وأطالب بامتياز تحديد الحكم عن طريق القتال، وسأظهر ومعي نصيري.»

رد السيد الأعظم: «ومن يا ريبيكا الذي سيشهر رمحه دفاعا عن ساحرة؟ من سيكون نصير اليهودية؟»

ريبيكا والسيد الأعظم، بريشة أدولف لالوز.

قالت ريبيكا: «إن الرب سيبعث لي بطلا؛ فلا يمكن ألا يوجد في إنجلترا البهيجة والمضيافة والكريمة والحرة، حيث الكثيرون مستعدون لتعريض حياتهم للخطر من أجل الشرف، من يقاتل من أجل العدالة، ولكنه يكفيني أن أطالب بتحديد الحكم عن طريق القتال، وها هو عربون التحدي من جانبي.»

خلعت قفازها المطرز من يدها، ورمت به أمام السيد الأعظم بحركة امتزجت فيها البساطة بالوقار، وأثارت دهشة الجميع وإعجابهم.

قال : «أيتها الفتاة، إن كانت الشفقة التي أشعر بها تجاهك نابعة من أي أعمال شريرة مارستها علي فإن إثمك عظيم، ولكني أفضل أن أظنها أرق مشاعر الطبيعة التي يحزنها أن يصير هذا الجسد الجميل وعاء للهلاك. توبي يا ابنتي، واعترفي بأعمال سحرك، وارجعي عن عقيدتك الشريرة؛ قبلي هذا الرمز المقدس، وكل شأنك سيكون على ما يرام في هذه الحياة وفي الحياة الآخرة. ففي أحد أديرة الراهبات، حيث الأنظمة صارمة، سيكون لديك وقت للصلاة والتوبة السليمة التي لن تندمي عليها. فلتفعلي هذا لتعيشي؛ فماذا فعل لك ناموس موسى حتى تموتي من أجله؟»

Page inconnue