L'Union européenne : une très courte introduction
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Genres
بتأسيس الجماعة لتحقيق هذه الأغراض، دخلت مصالح أخرى على الخط؛ فمن كانوا يخشون وقوع ضرر من نواح معينة سعوا إلى التعويض من خلال تدابير إعادة التوزيع؛ فكانت السياسة الزراعية المشتركة من نصيب فرنسا لمعادلة التفوق الصناعي الألماني، والصناديق البنيوية من نصيب البلدان ذات الاقتصادات الأضعف التي تخشى الخسارة نتيجة قيام سوق موحدة، وتسويات الميزانية من نصيب البريطانيين وغيرهم من أصحاب المساهمات الصافية المرتفعة. وضغطت بعض الحكومات والبرلمانات والأحزاب والمنظمات التطوعية من أجل إصلاحات تهدف إلى زيادة فاعلية المؤسسات وديمقراطيتها. واصطدم هؤلاء بمن يعارضون أي تحركات تتجاوز اتخاذ القرارات على المستوى الحكومي الدولي، انطلاقا من عدة دوافع؛ منها: الالتزام الأيديولوجي بالدولة الأمة، والإيمان بأن الديمقراطية لا تتسنى إلا داخل هذه الدولة الأمة، وليس أبعد من ذلك، وعدم الثقة في الأجانب، والتعلق المحض بالوضع الراهن. وكان من بين هؤلاء شخصيات تاريخية: كالرئيس شارل ديجول ، ورئيسة الوزراء تاتشر، فضلا عن تشكيلة واسعة من المؤسسات والأفراد الذين يتركز أغلبهم بين البريطانيين والدنماركيين والتشيكيين والبولنديين. أما من بين المؤسسات الأوروبية فكان مجلس الوزراء هو الأقرب إلى هذا الرأي.
كان جان مونيه وجاك ديلور اثنين من أعظم أنصار الفيدرالية تأثيرا، وكانا ملتزمين بإقامة كيان أوروبي يتعامل بفاعلية مع المصالح المشتركة للدول الأعضاء ومواطنيها، وخطا كلاهما خطوات كبيرة في سبيل الهدف الفيدرالي. أما ألتيرو سبينيللي فكان يمثل نوعا مختلفا من الفيدرالية؛ إذ كان يفكر في إمكانية القيام بتحركات أكثر راديكالية نحو وضع دستور أوروبي. وكانت البرلمانات والحكومات الألمانية والإيطالية والبلجيكية والهولندية من بين أنصار الفيدرالية المؤسسية، لكن بدرجات متفاوتة، ومثلها كانت المفوضية والبرلمان الأوروبيان، وكذلك محكمة العدل بقدر إمكانية تفسير المعاهدات على ذلك النحو. كانت هذه المؤسسات - بوجه عام - تفضل نهج مونيه المتدرج، على الرغم من تبني البلجيكيين والإيطاليين والبرلمان الأوروبي الفيدرالية الدستورية. (1) الخمسينيات: المعاهدات التأسيسية
كان مونيه مسئولا عن صياغة إعلان شومان، وترأس مفاوضات إبرام معاهدة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب، وكان أول رئيس لسلطتها العليا. وقد جسدت هاتان الكلمتان إصراره على وجود سلطة تنفيذية قوية في قلب الجماعة. وهو إصرار نابع أصلا من تجربته باعتباره نائب أمين عام عصبة الأمم بين الحربين العالميتين التي أقنعته بضعف أي نظام حكومي دولي. لكنه كان مقتنعا - فيما يخص الدول الديمقراطية الأعضاء - بضرورة تزويد هذه الجماعة بمجلس برلماني ومحكمة (وهما بذرتا سلطة تشريعية فيدرالية وسلطة قضائية) ووجود مجلس لوزراء الدول الأعضاء.
شكل : شومان (يمينا) ومونيه (يسارا).
شكل : الصفحة الأولى من النص الذي أرسله مونيه إلى شومان من أجل «إعلان شومان» الصادر في 9 مايو 1950.
ظل هذا الهيكل مستقرا، بشكل لافت للنظر، إلى يومنا هذا، وإن كانت العلاقة بين المؤسسات تغيرت؛ إذ صار المجلس - وبالأخص المجلس الأوروبي لقادة الحكومات منذ 1974 - هو الأقوى، وفقدت المفوضية الأوروبية - على الرغم من أنها ما زالت شديدة الأهمية - جزءا من سلطاتها لصالحه، وازداد البرلمان الأوروبي قوة، ووطدت محكمة العدل دعائمها بصفتها السلطة القضائية العليا في شئون اختصاص الجماعة . أما الحكومات البريطانية التي جاءت في الخمسينيات فقد رأت أن هذه المؤسسات على درجة كبيرة من الفيدرالية تجعل المشاركة البريطانية غير ممكنة، على الرغم من أنها ستقبلها فيما بعد.
لكن الدول الأعضاء الست كانت تميل إلى المضي في ذلك الاتجاه إلى ما هو أبعد، فردت الحكومة الفرنسية على الإصرار الأمريكي على إعادة تسليح ألمانيا عقب آثار السياسة التوسعية الشيوعية في كل من أوروبا وكوريا باقتراح تأسيس «جماعة دفاع أوروبية» بجيش أوروبي، فوقعت الحكومات الست على معاهدة لتأسيس جماعة دفاع أوروبية صدقت عليها أربع منها، لكن المعارضة تنامت في فرنسا فصوتت الجمعية الوطنية الفرنسية سنة 1954 برفضها، فكانت النتيجة أن ظلت فكرة إنشاء اختصاص في حقل الدفاع منطقة محظورة حتى التسعينيات.
على الرغم من أن انهيار جماعة الدفاع الأوروبية كان انتكاسة شديدة؛ فإن الثقة في الجماعة الأوروبية ذاتها كإطار للعلاقات السلمية بين الدول الأعضاء كانت قد نمت، وكان هناك حافز سياسي قوي إلى «إعادة تدشين» عملية تطويرها. كان الهولنديون جاهزين بمقترح لإقامة سوق مشتركة عامة سرعان ما بانت مساندة بلجيكا وألمانيا إياها. كان الشك ينتاب الفرنسيين، الذين كانوا ما زالوا على تأييدهم الواضح لسياسة الحمائية، لكنهم تمسكوا بمشروع الوحدة الأوروبية المتمحورة حول شراكة فرنسية ألمانية؛ ومن ثم قبلوا السوق المشتركة التي أرادها الألمان شريطة تلبية المصالح الفرنسية الأخرى؛ وهي تأسيس جماعة للطاقة الذرية كانت فرنسا مهيأة للعب الدور القيادي فيها، والسياسة الزراعية المشتركة، وارتباط الأقاليم المستعمرة بشروط مواتية، ومساواة النساء في الأجور في عموم الجماعة؛ والتي من دونها كانت الصناعة الفرنسية - الملزمة من قبل بهذه المساواة بموجب القانون الفرنسي - ستشهد تراجعا تنافسيا في بعض القطاعات. أما الإيطاليون، الذين كانوا أصحاب أضعف اقتصاد بين الدول الست، فضمنوا من جانبهم إنشاء البنك الأوروبي للاستثمار، والصندوق الاجتماعي، وحرية حركة وتنقل الأيدي العاملة. وهكذا اشتملت هذه العناصر كلها في معاهدتي روما اللتين تأسست بموجبهما «الجماعة الاقتصادية الأوروبية» و«الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية»، فيما يعد نموذجا مبكرا لصفقة شاملة تتضمن مزايا لكل دولة عضو، وهو ما كان سمة لكثير من الخطوات التي اتخذت منذ ذلك الحين.
دخلت المعاهدتان الجديدتان حيز التنفيذ في الأول من يناير 1958، وبينما همشت الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية، صارت الجماعة الاقتصادية الأوروبية الأساس لتطور الجماعة المستقبلي. كانت مؤسساتها مماثلة لمؤسسات الجماعة الأوروبية للفحم والصلب، لكن بسلطة تنفيذية أقل قوة نوعا ما، تسمى المفوضية لا السلطة العليا، وأعطيت الجماعة الاقتصادية الأوروبية مجموعة واسعة من الاختصاصات الاقتصادية؛ منها: صلاحية إقامة اتحاد جمركي مع العمل بنظام التجارة الداخلية الحرة، وتطبيق تعريفة خارجية موحدة، ووضع سياسات لقطاعات بعينها أبرزها الزراعة والتعاون بمعناه الأعم.
إطار 1: المعاهدات
Page inconnue