الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا عَبْدُ الله بن عمر بْنُ أَبَانٍ، ثَنَا (مَرْوَانُ) (١) بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ (يَزِيدَ) (٢) بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ (٣)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا طَرَفَ صَاحِبُ الصُّورِ (٤) مُذْ وُكِّلَّ بِهِ مُسْتَعِدًا يَنْظُرُ نَحْوَ الْعَرْشِ، مَخَافَةَ أَنْ يُؤْمَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ طَرْفُهُ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ كَوْكَبَانِ دُرِّيَّانِ" (٥) .
_________
(١) في (ر)، و(هـ): "هارون" وهو خطأ.
(٢) في النسخ الأخرى: "زيد" وهو خطأ.
(٣) من (هـ) .
(٤) صاحب الصور هو إسرافيل ﵇، أما الصور فقال صاحب اللسان: والصور هو القرن. قال الراجز:
لقد نطحناهم غداة الجمعين
نطحا شديدا لا كنطح الصورين
وبه فسر المفسرون قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ (المؤمنون: من الآية: ١٠١)، ونحوه قال أبو الهيثم: اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصور قرنا، كما أنكرو العرش والميزان والصراط، وادعوا أن الصور جمع الصورة، كما أن الصوف جمع الصوفة، والثوم جمع الثومة، ورووا ذلك عن أبي عبيدة. قال أبو الهيثم: وهذا خطأ فاحش، وتحريف لكلمات الله ﷿ عن مواضعها ... انظر: اللسان، مادة: "صور" ٤/٤٧٥. وقد زعم بعضهم أن المراد بـ "الصور" في قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّور﴾ (الأنعام: من الآية: ٧٣)، ونحوها، جمع صورة، أي ينفخ فيها فتحيا، قال ابن كثير: والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل ﵇، وهكذا قال ابن جرير. والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله ﷺ أنه قال: إن إسرافيل قد التقم الصور، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ"، وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر، قال: إن أعرابيا سأل النبي ﷺ عن الصور، فقال: "قرن ينفخ فيه". ورواه أبو داود، والترمذي، والحاكم. انظر: محاسن التأويل لجمال الدين القاسمي ٦/٢٣٦٧، وتفسير ابن كثير ٣/٢٧٦. ففي الحديث بالإضافة إلى الشاهد الذي أورده من أجله المصنف وهو قوله: "ينظر نحو العرش" إذ فيه إثبات العرش، الذي ثبت استواء الرحمن عليه. فيه أيضا إثبات الصور بالمعنى الذي أوضحت.
(٥) أخرجه الحاكم في مستدركه ٤/٥٥٩، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وافقه الذهبي في التلخيص، وزاد "على شرط مسلم". انظر: هامش المستدرك.
إلا أن الشيخ الألباني خطأ الذهبي في قوله: "على شرط مسلم"، كما جاء في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٣/٦٥، حيث قال: أصاب الحاكم، وأخطأ الذهبي، فإن الفزاري -أحد رجال السند عند الحاكم- من رجال مسلم لا من شيوخه، وابن ملاس -الراوي عن الفزاري- لم يخرج له مسلم أصلا، وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم، فليس على شرط مسلم إذن. انتهى. إلا أن ابن أبي الشيخ رواه في كتاب العظمة ٣/٩٦٤ من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، وهو من شيوخ مسلم، ولذلك فإن كلام الذهبي صحيح، وقد عاد الشيخ الألباني فوافق الذهبي في مختصر العلو عند تخريجه لهذا الحديث، حيث قال -بعد أن أورد تعقيب الذهبي على الحديث بقوله: أخرجه الحاكم وصححه- قلت: ووافقه المؤلف -أي الذهبي مؤلف كتاب العلو- في تلخيصه وزاد "على شرط مسلم" وهو كما قال انتهى. مختصر العلو ص ٩٣، وذكر أبو الشيخ شاهدا آخر له من حديث ابن عباس ٣/٩٦٧.
1 / 135