. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
ذلك حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع، فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي، أصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها، فقال رسول الله ﷺ: أتدرون ما ذاكم؟ ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا". صحيح مسلم ١/١٣٨.
وهذا الحديث صريح في أن مستقر الشمس تحت العرش.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "فإذا كان النبي ﷺ قد أخبر أنها تسجد تحت العرش، فقد علم اختلاف حالها بالليل والنهار، مع كون سيرها في فلكها من جنس واحد، وأن كونها تحت العرش لا يختلف في نفسه، وإنما ذلك اختلاف بالنسبة والإضافة، علم أن تنوع النسب والإضافة لا يقدح فيما هو ثابت في نفسه لا مختلف". بيان تلبيس الجهمية ٢/٢٢٨.
ويوضح الشيخ عبد الله الغنيمان مراد ابن تيمية بقوله: وإنما ذلك اختلاف بالنسبة والإضافة فيقول: "يعني أن اختلاف السير يكون بالنسبة لمن في الأرض، فهي تطلع على جانب منها وتغرب عن جانب آخر، مع أن سيرها في فلكها ليس فيه هذا الاختلاف، فلا يختلف سجودها باختلاف الليل والنهار، لأن هذا الاختلاف يكون بالنسبة إلى من في الأرض، وبالإضافة إليهم، أما هي فسجودها في مكان معين من سيرها، وفي وقت معين لا يختلف". شرح كتاب التوحيد ١/٤١٢.
وقال ابن تيمية ﵀ عقب كلامه السابق: "ومن هنا يظهر الجواب عما ذكره ابن حزم وغيره في حديث النزول، حيث قالوا: قد ثبت أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس، فيكون أوله ونصفه، وثلثه بالمشرق قبل أوله، ونصفه، وثلثه بالمغرب، قالوا: فلو كان النزول هو النزول المعروف للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل، إذ لا يزال في الأرض ليل، قالوا: أو لا يزال نازلا وصاعدا، وهو جمع بين الضدين، وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله -تعالى- ما يتخيلونه من نزول أحدهم، وهذا عين التمثيل، ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم، الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه.
وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يوم القيامة، كل منهم يراه مخليا به، ويناجيه، لا يرى أنه متخليا لغيره، ولا مخاطبا لغيره".
بيان تلبيس الجهمية ٢/٢٢٨، وراجع بسط هذا الموضوع في شرح حديث النزول ص ١٠٩ وما بعدها.
1 / 131