. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
وقد تقدمت الأدلة من الكتاب والسنة، على ثبوت هذه المسألة، وسيأتي المزيد.
أما المسألة الثانية فهي مسألة الرؤية: وهذه المسألة من أعظم المسائل التي بحثها السلف، لأن الكتاب والسنة متظافران على إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وأن ذلك أعلى نعيم أهل الجنة. قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، القيامة/ ٢٣، وقوله تعالى: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾، سورة ق/ ٣٥. وقوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾، يونس/ ٢٦، وقد فسر السلف الزيادة الواردة في هاتين الآيتين بالنظر إلى وجه الله تعالى. انظر: الاعتقاد للبيهقي ص ٤٨-٤٩.
ومما يدل على صحة هذا التفسير ما رواه مسلم في صحيحه عن صهيب ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا دخل أهل الجنة نودوا، يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدا لم تروه، قال: فيقولون فما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويزحزنا عن النار، ويدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، قال: فوالله ما أعطاهم الله ﷿ شيئا هو أحب إليهم منه. قال: ثم قرأ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ . صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم ﷾، ح (١٨١)، ١/١٦٣.
وأورد الإمام البخاري ﵀ مجموعة من الأحاديث المثبتة للرؤية، منها حديث جرير بن عبد الله البجلي ﵁ قال: "كنا جلوسا عند النبي ﷺ إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، قال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ... " الحديث. وأورد مجموعة من الأحاديث التي تدل بغاية الصراحة والوضوح على إثبات هذه المسألة. انظر: صحيح البخاري مع شرحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، من ح (٧٤٣٤-٧٤٤٧)، فتح الباري ١٣/٤١٩-٤٢٤. والإثبات بهذه الأدلة هو مذهب السلف جميعا، ووافقهم الأشاعرة، يقول الإمام عثمان بن سعيد الدارمي مبينا مذهب السلف: "فهذه الأحاديث كلها وأكثر منها قد رويت في الرؤية، على تصديقها، والإيمان بها، أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، ولم يزل المسلمون قديما وحديثا يروونها ويؤمنون بها، لا يستنكرونها ولا ينكرونها، من أنكرها من أهل الزيغ نسبوه إلى الضلال، بل كان من أكبر رجائهم، وأجزل ثواب الله في أنفسهم، النظر إلى وجه خالقهم، حتى ما يعدلون به شيئا من نعيم الجنة". الرد على الجهمية ص ٥٣-٥٤.
وقال أيضا: "قد صحت الآثار عن رسول الله ﷺ فمن بعده من أهل العلم، وكتاب الله
1 / 125