تَسْتَطِيعُ ثَلَاثِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فوضع عني عشر (أُخَرَ) (١)، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِعِشْرِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ عِشْرِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بِنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كل يوم، قال: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بَعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وعالجت بني إسرئيل أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ (سَأَلْتُ) (٢) رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، فَلَمَّا نَفَذْتُ نَادَى مُنَادٍ: قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ ﵀: اتَّفَقَ أَئِمَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَثُبُوتِهِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم في صحيحهما، وَغَيْرُهُمَا (٣) .
_________
(١) ليست في النسخ الأخر.
(٢) في (هـ)، و(ر): "عالجت".
(٣) البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب المعراج، ح (٣٨٨٧)، فتح الباري ٧/٢٠١. ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السموات وفرض الصلوات، ح (١٦٢)، ١/١٤٥. وقد ذكر الإمام ابن القيم ﵀ في اجتماع الجيوش الإسلامية ص ٥٠، أن قصة الإسراء والمعراج متواترة، وقد أفردها بعض العلماء بالتأليف، كما فعل السيوطي في كتابه "الآية الكبرى في المعراج والإسراء"، وجمع ابن كثير ﵀ طرق هذا الحديث في تفسير سورة الإسراء، ومنها الصحيح، والحسن، والضعيف. انظر: تفسير ابن كثير ٥/٤-٣٩.
وهذا الحديث من أدلة علو الله تعالى، إذ أنه صريح في ذلك، لأن جبريل ﵇ كان يصعد بالرسول ﷺ من سماء إلى سماء حتى انتهى إلى السماء السابعة، وتجاوزها إلى سدرة المنتهى، ثم إلى البيت المعمور، وكل ذلك وهو في صعود، وهذا دليل على أن الله ﵎ عال على جميع مخلوقاته بذاته، مستو على عرشه الذي هو أعلى مخلوقاته، وجميع الأدلة من الكتاب والسنة والعقل والفطرة متضافرة على إثبات ذلك، حتى أصبح من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، لا ينكرها إلا مكابر فاجر.
أما مسألة الإسراء فقد حصل الخلاف فيها هل كان الإسراء بالروح فقط، أم بالروح والبدن جميعًا، وهل كان ذلك يقظة أم مناما؟
إلا أن الحق في ذلك ما عليه أكثر العلماء والأئمة من أن الإسراء كان بالروح والبدن جميعا يقظة لا مناما، ويدل على ذلك أمور:
١- قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾، الإسراء/١، والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق، وهو الصحيح، فيكون الإسراء بهذا المجموع.
٢- إن ذلك جائز عقلا، إذ لو جاء استبعاد صعود البشر، لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة؛ وهو كفر.
٣- إن التسبيح في قوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى﴾ الآية، إنما يكون عند الأمور العظام، ولو كان مناما لم يكن فيه كبير شيء، ولم يكن مستعظما، ولما بادرت قريش إلى تكذيبه، ولما ارتد جماعة ممن كان قد أسلم.
٤- أنه ﷺ حمل على البراق، وهو دابة، وإنما يكون هذا للبدن لا للروح، لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه. انظر: شرح الطحاوية ص ١٨٧، وتفسير ابن كثير/ ٤٠-٤١.
1 / 122