. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
وغاية شبهتهم أن الكلام بحرف وصوت يحتاج إلى مخارج، وهذا من صفات المخلوقين، والله منزه عنها.
ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ أن منشأ الخطأ في هذه المسألة هو عدم التفريق والمباينة بين الخالق وصفاته والمخلوق وصفاته، أما السلف فإنهم متفقون على التمييز بين صوت الرب وصوت العبد، ومتفقون على أن الله تكلم بالقرآن الذي أنزله على نبيه ﷺ حرفه ومعانيه، وأنه ينادي عباده بصوته. مجموع الفتاوى ٢/٥٨٥.
وقد رد الإمام أحمد بن حنبل على شبهة نفاة الحرف والصوت، ردا مفحما لا يدع مجالا لمتأول حيث قال: " ... وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان، أليس الله قال للسموات والأرض: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين﴾، فصلت/ ١١، وقال: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْن﴾، الأنبياء/ ٧٩، أتراها سبحت بجوف وفم، ولسان وشفتين؟ والجوارح إذا شهدت على الكافر فقالوا: ﴿لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، فصلت/ ٢١، أتراها نطقت بجوف وفم ولسان؟! ولكن الله أنطقها كيف شاء، من غير أن يقول بجوف ولا فم، ولا شفتين ولا لسان". الرد على الجهمية والزنادقة ص ١٣١.
وفي إثبات الصوت لله تعالى، ونفي المشابهة بينه وبين أصوات المخلوقين يقول الإمام البخاري ﵀ "ويذكر عن النبي ﷺ أنه كان يحب أن يكون الرجل خفيض الصوت، ويكره أن يكون رفيع الصوت، الله ﷿ ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، فليس هذا لغير الله جل ذكره. وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب، وأن الملائكة يصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا، وقال الله ﷿: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾، البقرة/ ٢٢، فليس لصفة الله ند ولا مثل، ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين". خلق أفعال العباد/ ٥٩، فالسلف يرون أن الله يتكلم بصوت يسمع، كما دلت على ذلك الأدلة الدامغة من الكتاب والسنة، وأن صوته لا يشبه أصوات خلقه، كما أن ذاته لا تشبه ذاته، فهو سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ .
1 / 116