٣ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (١)، أَثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا
_________
في الحديث ما نراه من الاضطراب".
كذا قال، وأنت إذا تذكرت ما بيناه لك من صحة الحديث، وإذا علمت أن حديث عطاء عن صاحب الجارية نفسه لا يصح من قبل إسناده، لأنه من رواية سعيد بن زيد، فهو وإن كان في نفسه صدوقا، فليس قوي الحفظ، ولذلك ضعفه جمع، بل كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا، وقد أشار الحافظ في "التقريب" إلى هذا فقال: "صدوق له أوهام" زد على هذا أن ما جاء في روايته من ذكر اليد والاستفهام هو مما تفرد به دون كل من روى هذا الحديث من الرواة الحفاظ ومن دونهم، فتفرده بذلك يعده أهل العلم بالحديث منكرا بلا ريب. فتأمل عصمني الله وإياك من الهوى، كيف اعتمد هذا الرجل (الكوثري) على هذه الرواية المنكرة، وليس هذا فقط، بل ضرب بها الرواية الثابتة المتفق على صحتها بين المحدثين. واعتبر الرواية المنكرة دليلا على ضعف واضطراب الرواية الصحيحة، فماذا يقول المؤمن عن هذا الرجل الذي يستغل علمه واطلاعه لتشكيك المسلمين في أحاديث نبيهم ﷺ؟ عامله الله بما يستحق، ثم إنه لم يكتف بهذا بل أخذ ينسب إلى الراوي (وهو ثقة أيا كان هذا الراوي لأن كل رواة الحديث ثقات) أخذ ينسب إليه الكذب على رسول الله (وهو يعلم، لأن معنى كلامه السابق أن الراوي اختار أن ينسب إلى النبي ﷺ أنه قال للجارية: "أين الله" والواقع عند الكوثري أنه ﷺ لم يقل ذلك، وإنما الراوي وضعه من عنده مكان رواية سعيد بن زيد "فمد النبي ﷺ يده إليها مستفهما": من في السماء؟ انتهى كلام الألباني. مختصر العلو ص ٨٢.
أقول: لقد تجرأ الكوثري كثيرا وأطلق لنفسه العنان في شتم أئمة أهل السنة وكتبهم، ورواة الحديث، والطعن عليهم، وتجريحهم حتى لكأنه لا يستريح له بال، ولا يقر له قرار إلا إذا نال منهم بالافتراءات الظالمة، والاتهامات الملفقة. وإذا أردت -أخي القارئ- مزيدا من الأدلة والإيضاح فعليك بمراجعة الدراسة التي قمت بوضعها -بالاشتراك- لكتاب الصواعق المنزلة لابن القيم، فسترى أن الكوثري قد أفرط في هذا الاتجاه الخطير حتى أصبح يعرف بأنه من أكثر المبتدعة عداء لأئمة الإسلام وعقيدة المسلمين. وسترى أن نعته بالإمامة -الذي منحه إياه أتباعه- إنما هو من باب إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق. والله المستعان.
(١) في النسخ الأخرى "أبو بكر بن النقور". وهو أبو بكر بن النقور عبد الله بن محمد بن أبي =
1 / 72