ومتى كان الأمر على ما وصفنا ، ولم نجد النقل الذي ذكرنا ، فيجب القطع على أنها لم تكن ، كما نقول في سائر ما جرى مجراه في الظهور ، وقلة الدواعي إلى نقله من أمور الدنيا والدين ، وأحوال الملوك وسياساتهم .
ولمثل هذا نقول: إن ما تدعيه الإمامية من النصوص لا أصل لها ، لأنها لو كانت لوجب أن يتواتر بها النقل ، ويظهر .
ولخص بعض العلماء القول في ذلك فقال: (( كل أمرين كانا في زمان واحد ، أو زمانين متقدمين , وكانت الدواعي إلى نقلهما (¬1) متساوية أو متقاربة ، فلا يجوز أن يظهر أحدهما ويظهر نقله ، ويخفى الآخر ويخفى نقله , لأنهما إذا اجتمعا في السبب الموجب الظهور ، فيجب اجتماعهما في الظهور )) .
قال: (( وقد علمنا أن القرءان لو كانت له معارضة من مشركي العرب كانت تكون في الزمان المتقارب ، وكانت الدواعي إلى نقلها كالدواعي إلى نقل القرءان وأقوى منه ، على ما أوضحناه ، ولأن المعارضة لو كانت ، لكانت هي الحجة دون القرءان ، وكان القرءان هو الشبهة ، وكان ذلك مما يزيد في قوة الدواعي إلى نقلها ، وهذا بين واضح لمن تأمله بعين النصفة )) .
على أن أحد لا يدعي: أن أحدا من العرب انتدب لمعارضة القرءان ، فعارضه أو عارض بعضه ، فلا وجه لتطويل الكلام في هذا الباب .
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون خوف السيف ، وعلو كلمة الاسلام ، أوجب خفاء نقل المعارضة ، أو منع ابتداءها ؟!
Page 89