فهذا الجاحظ مع بسطه الكلام في كتاب (( الفرق بين النبي والمتنبىء)) حقق القول في التحدي ، لأنه رأى أنه (¬1) يتعذر أن ينكره منكر . وهذا ابن الراوندي (¬2) لما صنف كتابه الموسوم ب (( العزيز )) ، واجتهد فيه وقعد ، وأورد الغث والسمين في الطعن على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه [وآله وسلم] ، وأنكر كثيرا من روايات المسلمين ، لم ينكر التحدي ، وإنما تكلم فيما تكلم مع تسليمه ، ولم ينكر ذلك إلا لوضوح الأمر فيه، وأنه استحيا لنفسه أن تبلغ صفاقة وجهه إلى إنكاره . ولهذا قال في الكتاب المسمى ب (( الزمرد )): (( وقد أطنب محمد - يعنى النبي صلى الله عليه وعلى آله - في الاحتجاج لنفسه بالقرءان، وبعجز الخلق عنه )) . ولم يقل ذلك إلا لشهرة الأمر فيه وبلوغه في الطعن .
Page 65