110

والدليل الثاني لا يتم إلا باشتراطه ، لأنه مبني عليه .

وإذا كان لكل واحد من الدليلين شرط يخصه - ولا يتم الدليل إلا بشرطه - لما صح كونهما دليلين ، وإن جمعتهما شروط أخر .

دليل آخر على أن القرءان معجز: ومن الدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابتدأ الاتيان بهذا القرءان على غاية الاحكام والاتقان ، وقد ثبت جريان العادة أن كل أمر يقع على وجه لا يصح وقوعه عليه إلا بعلوم تحصل للفاعل له ، لا يصح وقوعه ابتداء على غاية الاحكام والاتقان ، وأن بلوغه الغاية يتعذر على (¬1) مر الدهور والأعصار ، وتعاطي جماعة فجماعة له . وأنه لا فرق في ذلك بين (¬2) شيء من الأمور التي هي منظوم الكلام ومنثوره ، أو ما يتعلق بالتنجيم أوالطب أو الفقه أو النحو ، أو الصناعات التي هي النساخة أو الصياغة أو البناء أو ما أشبه ذلك .

فإذا ثبت ذلك وثبت وقوع القرءان على الوجه الذي بيناه ، ثبت أنه وقع على وجه انتقضت به العادة ، وما وقع على وجه تنتقض به العادة ، وجب كونه معجزا ، وجرى مجرى قلب العصا حية ، وإحياء الموتى ، والمشي على الماء والهواء .

فإن قيل: ولم ادعيتم أن القرءان وقع على غاية الاحكام والاتقان ؟!

Page 162