Préférence de la vérité sur la création en réponse aux différends
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٩٨٧م
Lieu d'édition
بيروت
وَأَن كل خارقة تَأتي على يَد مدعي النُّبُوَّة بعده فَأَنَّهَا غير صَحِيحَة فَإِذا تقرر هَذَا فقد اتَّضَح الْفرق فَإِن النبوات لَا حِيلَة لأحد فِي اكتسابها
الْفرق الثَّانِي أَنه لَا حَقِيقَة للسحر وَلَا يبْقى وَفِي المعجزات مَا يبْقى مثل النَّاقة فِي قوم صَالح وَمثل الْقُرْآن الْعَظِيم فِي معجزات رَسُول الله ﷺ وَلذَلِك كَانَ أبهر المعجزات فَإِنَّهُ لَو أمكن فِيهِ السحر لأمكن أَن جَمِيع أشعار الْعَرَب وتواريخ الْعَالم وَجَمِيع كتب الدُّنْيَا سحر وَهَذَا مَعْلُوم الْفساد بِالضَّرُورَةِ وَقد أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْقُرْآن الْكَرِيم حَيْثُ قَالَ الله تَعَالَى فِي أول سُورَة الْأَنْعَام ﴿وَلَو نزلنَا عَلَيْك كتابا فِي قرطاس فلمسوه بِأَيْدِيهِم لقَالَ الَّذين كفرُوا إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين﴾ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عَابَ عَلَيْهِم الِاعْتِذَار عَن الْحق بِالسحرِ فِي الْموضع الَّذِي لَا يُمكن فِيهِ السحر قطعا فِي عقول الْعُقَلَاء فَكيف وَقد جَعَلُوهُ سحرًا بَينا لَا سحرًا مشكوكا فِيهِ لشدَّة عنادهم يدل على ذَلِك أَنهم جَعَلُوهُ غَايَة مَا اقترحوا تعجيزا وعنادا وعتوا حَيْثُ قَالُوا ﴿أَو ترقى فِي السَّمَاء وَلنْ نؤمن لرقيك حَتَّى تنزل علينا كتابا نقرؤه﴾ فَتَأمل ذَلِك وَكَذَلِكَ أمثالهم من أَعدَاء الاسلام وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة يُونُس حِكَايَة عَن مُوسَى وَقَومه ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم الْحق من عندنَا قَالُوا إِن هَذَا لسحر مُبين قَالَ مُوسَى أتقولون للحق لما جَاءَكُم أَسحر هَذَا وَلَا يفلح الساحرون﴾ فَاكْتفى مُوسَى بتقريعهم حَيْثُ وضح عنادهم
الْفرق الثَّالِث أَنه لَا يكون السحر إِلَّا بِشُرُوط مَخْصُوصَة فِي أَوْقَات مَخْصُوصَة وَلَا يكون بِحَسب الاقتراح بِخِلَاف المعجزات
قلت وَهنا فروق أوضح من هَذِه الفروق بَين الْأَنْبِيَاء وَغَيرهم وَذَلِكَ من وُجُوه
الأول اتِّفَاق الْأَنْبِيَاء فِي التَّوْحِيد وَالدُّعَاء إِلَى الله تَعَالَى وَالتَّرْغِيب فِيمَا لَدَيْهِ والترهيب من عُقُوبَته فَالْأول مِنْهُم يبشر بِالثَّانِي وَالْآخر مِنْهُم يُؤمن بِالْأولِ وَلَيْسَ أحد مِنْهُم يُخطئ أحدا وَلَا ينقم عَلَيْهِ وَلَا ينتقصه بِخِلَاف سَائِر أَرْبَاب الخوارق وَسَائِر الْعلمَاء والأولياء فَإِنَّهُ يجْرِي بَينهم الْمُعَارضَة
1 / 67