53

Préférence de la vérité sur la création en réponse aux différends

إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٩٨٧م

Lieu d'édition

بيروت

مَا لم يَكُونُوا يحتسبون) فَإِن نفرت النَّفس من الايمان ببعص المحارات وتوهمت أَنه من المحالات كثبوت الْقدَم الَّذِي لَا نعرفه إِلَّا بالتصديق أَو ثُبُوت الْحِكْمَة فِي الْعَذَاب وَخلق أَهله فَسَيَأْتِي الْجَواب فِي ذَلِك فِي اثبات حِكْمَة الله تَعَالَى
وَمن أَنْفَع مَا يدْفع الْحيرَة بِهِ أَنه لابد من لُزُوم المحارة فِي الْعُقُول على كل تَقْدِير والاسلام أقل المحارات من جَمِيع الْملَل الكفرية وبالاسلام تنْدَفع كلهَا وَتخرج الْعُقُول من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَانْظُر إِلَى هَذَا الْعَالم المحسوس بِالضَّرُورَةِ تَجِد المحارة الْعَقْلِيَّة لَازِمَة لوُجُوده لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو بِالضَّرُورَةِ من الْحُدُوث أَو الْقدَم فالقدم من محارات الْعُقُول والحدوث من غير مُحدث من محاراتها بل من محالاتها فالمحارات أقرب من المحالات لِأَن الْمُمكن الْبعيد أقرب من الْمُمْتَنع وَلَا ثَالِث لهذين الْأَمريْنِ إِلَّا الاسلام وَإِلَى هَذَا أَشَارَ من قَالَ
(صُورَة الْكَوْن محَال ... وَهِي حق فِي الْحَقِيقَة)
لكنه أَخطَأ فِي تَسْمِيَة المحارة محالا فَإِن كَانَت المحارة لَازِمَة لِلْإِسْلَامِ فَهِيَ لما عداهُ ألزم فَإِن كَانَ هَذَا اللُّزُوم حَقًا فالمحارة حق وَالْحق لَا يستوحش مِنْهُ وَإِن كَانَ بَاطِلا فالباطل حقيق لَا يستوحش من خَشيته لِأَنَّهُ لَا شَيْء حَقِيقَة فَكيف الْخَوْف من لَا شَيْء فَمن لم يثبت الرب قَدِيما أثبت الْعَالم قَدِيما وَمن لم يثبت لَهُ أسماءه الْحسنى بِلَا سَبَب أثبت الاحكام العجيب للْعَالم بِلَا سَبَب وَمن لم يثبت الرب بِكَمَالِهِ بِلَا سَبَب أثبت الْعَالم بأحكامه وعجائبه بِلَا سَبَب وَمن لم يقبل الايمان بالبرهان وَالْقُرْآن قبل الْكفْر بِلَا قُرْآن وَلَا برهَان
وَإِلَى هَذَا آشار رَسُول الله ﷺ حَيْثُ قَالَ (لَا يزَال النَّاس يتساءلون حَتَّى يَقُولُوا هَذَا الله خلق الْخلق فَمن خلق الله) وأمرنا بالاستعاذة والانتهاء حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يُقَال للْكَافِرِ فَإِذا أمكن وجود الْعَالم بِغَيْر خَالق فَأولى مِنْهُ وجود الرب بِغَيْر خَالق وَدلّ على أَنه لابد من انْتِهَاء الموجودات الممكنة إِلَى وَاجِب الْوُجُود ﷿

1 / 61