Préférence de la vérité sur la création en réponse aux différends
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٩٨٧م
Lieu d'édition
بيروت
﴿يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده﴾ وَهَذِه حجَّة أجمع عَلَيْهَا الْكَفَرَة مَعَ الْمُسلمين فَإِن الْجَمِيع اتَّفقُوا على أَن الْعَالم فِي الْهَوَاء أرضه وسماؤه وَمَا فِيهِ من الْبحار وَالْجِبَال وَجَمِيع الاثقال وَقد ثَبت بضرورة الْعقل أَن الثقيل لَا يسْتَمْسك فِي الْهَوَاء إِلَّا بممسك وَأَن هَذَا الامساك الدَّائِم المتقن لَا يكون بِمَا لَا يعقل من الرِّيَاح كَمَا زعمت الفلاسفة على أَن الرِّيَاح تحْتَاج إِلَى خَالق يخلقها ثمَّ إِلَى مُدبر يقدرها مستوية الانفاس موزونة الْقُوَّة لَا يزِيد مِنْهَا شَيْء على شَيْء حَتَّى تعتدل اعتدالا أتم من اعْتِدَال الْفَاعِل الْمُخْتَار فَإِن الْفَاعِل الْمُخْتَار لَو قصد الِاعْتِدَال التَّام حَتَّى يَسْتَوِي على رَأسه حفْنَة مَمْلُوءَة مَاء لم يسْتَطع تَمام الِاعْتِدَال إِلَّا برياضة شَدِيدَة فَكيف تعتدل عواصف الرِّيَاح وَتَقَع موزونة وزن القراريط فِي الصنجات المعدلة حَتَّى يَسْتَوِي عَلَيْهَا ثقل الأَرْض وَالْجِبَال من غير رب عَظِيم قدير عليم مُدبر حَكِيم
وَأما دلَالَة المعجزات فَهِيَ من أقوى الدلالات وأوضح الْآيَات لجمعها بَين أَمريْن واضحين لم يكن نزاع المبطلين إِلَّا فيهمَا أَو فِي أَحدهمَا وهما الْحُدُوث الضَّرُورِيّ والمخالفة للطبائع والعادات وَهَذَا هُوَ الَّذِي أرَاهُ الله خَلِيله ﵇ حِين سَأَلَ الله طمأنينة قلبه وَالَّذِي احْتج بِهِ مُوسَى الكليم ﵇ على فِرْعَوْن وَسَماهُ شَيْئا مُبينًا كَمَا حَكَاهُ الله تَعَالَى فِي سُورَة الشُّعَرَاء حَيْثُ قَالَ فِرْعَوْن ﴿لَئِن اتَّخذت إِلَهًا غَيْرِي لأجعلنك من المسجونين﴾ قَالَ مُوسَى ﴿أولو جئْتُك بِشَيْء مُبين قَالَ فأت بِهِ إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين وَنزع يَده فَإِذا هِيَ بَيْضَاء للناظرين﴾ إِلَى قَوْله ﴿فألقي السَّحَرَة ساجدين﴾ وكل مَا تَعَارَضَت فِيهِ أنظار الْعُقَلَاء وقدحت فِيهِ شكوك الأذكياء فَلَا شكّ أَن لأهل الاسلام من ذَلِك الْقدح الْمُعَلَّى فِي اثبات الصَّانِع الْحَكِيم تَعَالَى وعَلى كل حَال فالنبوات وآياتها الْبَيِّنَة ومعجزاتها الباهرة وخوارقها الدامغة أَمر كَبِير وبرهان مُنِير مَا طرق الْعَالم لَهُ معَارض أَلْبَتَّة
1 / 54