لقد أشرت في كلمة ألقيتها في حفل تأبين المؤلف ابن سودة إلى بعض محاسن إتحاف المطالع الفريد في بابه الذي لا يحل كتاب آخر محله ولا يسدّ مسده، منها:
أ-تثبت المؤلف في تحلية المترجمين، -إلا عند ما يجمح به القلم في التحامل أحيانا على بعض المنحرفين في نظره-وتحرّيه غالبا فيما يستحقون من ألقاب علمية أو دنيوية، بحيث يعرف القارئ دون عناء هوية المترجم، ويدرك ما إذا كان فقيها أو أديبا أو مشاركا أو شيخا متصوفا أو حاكما صالحا أو فاسدا أو قائدا حربيا. ويحيل من يريد مزيدا من التوسع في بعض التراجم على الأصل زبدة الأثر.
ب-حرصه على ذكر تآليف المترجم، ووصف ما وقف عليه منها، والتنبيه على ما عرف من عناوينها ومحتواها أثناء مطالعاته وقراءاته في الكتب المخطوطة بصفة خاصة.
ج-أمانته في النقل، إذ يعزو كل شيء اقتبسه إلى صاحبه، ويتوقف عند ما لا يقف على تاريخ وفاة أو تحديد مكان أو تعليل حادثة. وكم رأيته-﵀-في السنوات التي قضاها بالخزانة العامة بالرباط، مبتهجا في بعض الأيام أشد الابتهاج، وبين يديه مخطوطة أو إضبارة يأبى إلا أن يطلعني على ما عثر فيها من كنز أو كنوز، قد لا تتعدى تاريخ وفاة شخصية ظل يبحث عنه السنين الطوال، أو ذكر اسم كتاب، أو نص رسالة أو قصيدة أو وثيقة أو ما إلى ذلك.
وها نحن اليوم-وفاء بالعهد-ننشر هذا الكتاب القيّم مستقلا مفهرسا فهرسة دقيقة بعد أن نشرناه ضمن موسوعة أعلام المغرب، راجين أن يفيد الباحثين وعموم القراء، وينال ما يستحق من القبول والانتشار.
ولن أختم هذا التقديم دون أن أزجي الشكر للأخ الأستاذ حبيب اللمسي صاحب دار الغرب الإسلامي وصديق المرحوم ابن سودة الذي أبى إلا أن يحقق أمنية المؤلف بعد وفاته بإخراج هذا الكتاب ضمن سلسلة منشوراته القيمة عن تاريخ الغرب الإسلامي وحضارته.
سلا في عشري شوال عام ١٤١٦/ ١٠ - ٣ - ١٩٩٦
محمد حجي
1 / 6