Issues by Imam Ibn Baz
مسائل الإمام ابن باز
Maison d'édition
دار التدمرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
Lieu d'édition
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
٤٩ - سؤال: القراءة على الآدميين هي الواردة، أما الحيوانات فلا أعلم دليلًا، فقيل: هل يشرع؟
الجواب: لا أعلم له أصلًا، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه (١).
_________
(١) قلت: وقفت على أصل لهذا؛ فقد أخرجه أحمد (٥: ٦٧ - ٦٨) وابن قانع في الصحابة (ا: ٢٠٤) والطبراني في الكبير (٤: ١٣٢٦) والبيهقي في الدلائل (٦: ٤ ا ٢) وغيرهم.
«حدثنا أبو سعيدٍ (مولى بني هاشم) حدثنا ذيّال بن عبيد بن حنظلة، قال: سمعت حنظلة بن حذيمٍ (جدّي): أنّ جدّه حنيفة قال لحذيم: اجمع لي بنيّ فإني أريد أن أوصي، فجمعهم فقال: إنّ أوّلَ ما أوصي أنّ ليتيمي هذا الذي في حجري مئةً من الإبل التي كنا نسميها في الجاهلية المطيّبة، فقال حذيم:
يا أبت، إني سمعت بنيك يقولون: إنما نقرّ بهذا عند أبينا، فإذا مات رجعنا فيه. قال: فبيني وبينكم رسول الله ﷺ، فقال حذيمٌ: رضينا، فارتفع حذيمٌ وحنيفة وحنظلة معهم غلامٌ وهو رديفٌ لحذيمٍ، فلما أتوا النبيّ ﷺ سلّموا عليه، فقال النبيّ ﷺ: (وما رفعك يا أبا حذيمٍ)؟ قال: هذا. وضرب بيده على فخذ حذيمٍ، فقال: إني خشيت أن يفجاءني الكبر أو الموت فأردت أن أوصي، وإني قلت إن أولَ ما أوصي أن ليتيمي هذا الذي في حجري مئةً من الإبل، كنا نسميها في الجاهلية المطيّبة، فغضب رسولُ الله ﷺ حتى رأينا الغضب في وجهه، وكان قاعدًا فجئنا على ركبتيه، وقال: (لا، لا، لا، الصدقة خمسٌ، وإلا فعشرٌ وإلا فخمس عشرة، وإلا فعشرون، وإلا فخمسٌ وعشرون، وإلا فثلاثون وإلا فخمس وثلاثون، فإنْ كثرت فأربعون). قال: فودّعوه ومع اليتيم عصًا وهو يضرب جملًا، فقال النبي ﷺ (عظمت هذه هراوة يتيم)، قال حنظلة: فدنا بي إلى النبيّ ﷺ فقال: إنّ لي بنين ذوي لحىً ودن ذلك، وإن ذا أصغرهم فادع الله له، فمسح رأسه، وقال: (بارك الله فيك)، أو (بورك فيه).
قال ذيّالٌ: فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم وجهه، أو البهيمة الوارمة الضّرع فيتفل على يديه، ويقول: بسم الله، ويضع يده على رأسه، ويقول: على موضع كفّ رسول الله ﷺ، فيمسحه عليه، وقال ذيّالٌ: فيذهب الورم». وإسناده لا بأس به.
وذوات الأرواح تنتفع بالقراءة، ويصيبها بركة قراءة القرآن.
ومما يجلي ذلك -أيضًا -: قصة خروجه في الهجرة ﷺ، ومروره بابن مسعود حينما كان يرعى الغنم لعقبة بن أبي معيط، وقد أخرجه أحمد في مسنده من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ، عن ابن مسعود ﵁، وفيه: «كنت أرعى غنمًا فمر بي رسول الله ﷺ وأبو بكر، فقال: (يا غلام، هل من لبنٍ)؟ قال: قلت نعم، ولكنّي مؤتمنٌ، قال: (فهل من شاةٍ لم يَنزُ عليها الفحل)؟ فأتيته بشاةٍ، فمسح ضرعها، فنزل لبنٌ، فحلبه في إناءٍ، فشرب، وسقى أبو بكر، ثم قال للضرع: (اقلص فقلص ..)». والقصة مشهورة، ولها شواهد.
قلت: فإذا تحقق النفع من مثل هذا، فما المانع من حصول النفع بكلام الله؟! ودعوى الخصوصية بالمعجزة أو الكرامة لرسوله ﷺ في الخبرين فيه عسر، ولا سيما في القصة الأولى.
وأما ما حدثني يه الثقات من قراءتهم على بهائم سقمت فشُفيت بعد القراءة فكثير ..
وكمان أن للقرآن أثرًا فللشيطان أثر.
فقد أخرج أبو داود (٥٢٤٧) من طريق سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس ﵁ قال: «جاءت فأرةٌ، فأخذت تجرّ الفتلة، فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله ﷺ على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال: (إذا نمتم فأطفئوا سرجكم؛ فإن الشيطان يدلّ مثل هذه على هذا فتحرقكم)».
وعند البخاري (٣١٣٨) من حديث جابر ﵁: (فإن الفويسقةَ ربما اجترّت الفتيلةَ فأحرقت أهلَ البيت).
فإذا لم تطب نفسك بهذا فالحس شاهد، ولما قيل للإمام أحمد: إن أناسًا ينكرون دخول الجني في الإنس. قال كذبوا؛ هو ذا يتكلم على لسانه.
ثم رأيت ابن عبد البر في التمهيد (٦: ٢٣٨) روى أثرًا عن ابن مسعود ﵁ يدل على ما ذكرت.
قال ﵀: «حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤزر [كذا]، حدثنا سفيان، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن سحيم بن نوفل قال: «كنا عند عبد الله نعرض المصاحف، فجاءت جارية فقالت: ما يحبسك وقد لفع فلان مهرَك بعينه، فتركه يدور في الدار كأنه في فلك، قم بابتغ راقيًا، فقال عبد الله: لا تبتغ راقيًا وانفث في منخره أربعًا، وفي الأيسر ثلاثًا، وقل: لا بأس، اذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا يكشف الضر إلا أنت، قال: فذهب ثم رجع إلينا، قال: فقلت: ما أمرتني فما جئت حتى راث وبال وأكل».
وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (١٠١٨)، وابن فضيل في الدعاء (١١٩) من طريق حُصين بن عبد الرحمن، وإسناده لا بأس به. وفي سند ابن عبد البر تصحيف.
1 / 40