(ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ) . ( العنكبوت / 28 29 )
فالقرآن بنصه الوثائقي الموجز هذا قد أرخ لجريمة الشذوذ الجنسي التي جعل الله عقابها العذاب والدمار .
كما أن حديثه عن ناد لقوم لوط وعن مجمع يجتمعون فيه للهو والعبث والفساد ، يشير إلى حياة مدنية غنية انتقلت إلى مرحلة الترف وإيجاد بيوت اللهو والفساد والممارسة الجماعية المنظمة للانحراف والرذيلة، بسبب فساد العقيدة والبطر والانحراف النفسي والوجداني الذي يعاني منه الإنسان الجاهلي عبر العصور ، فأصبح الفساد والانحراف ظاهرة حضارية ومعلما سيئا من معالم ذلك المجتمع كما هي الحال في المجتمعات الجاهلية المعاصرة .
في تلك الظروف والأوضاع الحضارية ، ولد إسحاق ليكون نبيا ومصلحا وهاديا يواصل مسيرة إبراهيم ولوط ، ويرفع راية الهدى والأصلاح في أرض الشام ، إلى جنب راية الهدى في أرض الجزيرة راية إسماعيل ، وبقدر ما في ذلك المستنقع الحضاري من أوبئة وأمراض أخلاقية وفكرية وسلوكية عامة؛ كان في شخص إسحاق النبي الذي اريد له ولذريته أن تستوعب دعوتهم تلك المساحة الارضية والبشرية، كان في شخصه الطهر والهداية والصلاح .. فقد تحدث القرآن عنه ووصفه بقوله :
(وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ).
(وباركنا عليه وعلى إسحاق ).
(إنا نبشرك بغلام عليم ) .
Page 58