وينتهي المشهد ، ويتوجه الملائكة إلى أرض لوط فينفذون فيها كلمة العذاب بما كسب أهلها وظلموا وانحرفوا ، فقد شاعت وسط هذا المجتمع الجاهلي المرتد فاحشة الانحراف والشذوذ الجنسي ، فكانوا يأتون الرجال دون النساء ، ويجاهرون بالفواحش والمنكرات ، فأنزل الله عليهم العذاب بعد الرسل والهداية والانذار ، وهكذا ينزل العذاب في الأمم والشعوب وهي في نشوة القوة والكبرياء والاستهزاء بقيم الحق والخير والعدل ، وتتفتح أبواب الرحمة على المهتدين والصالحين ، وهم في حالة لا يملكون بها من وسائل العطاء والتغيير المرتبطة بقوانين الطبيعة ، وسنن الحياة ما يدفعهم للطمع بذلك ، فتأتي على حين غرة ، وتساق الألطاف والرحمة الإلهية كما يساق الغيم إلى الارض الجرز (الارض الميتة) ، فتهتز وتزهر بالخصب والرواء ..
وهكذا أبدل الله إبراهيم وسارة بعد الشيخوخة والعقم والعجز ربيعا جديدا للحياة، فأزهرت رياض البيت ، واخضر الجناب ، فكان البشرى والوليد إسحاق بعد إسماعيل بثلاثة عشر عاما .
ولد إسحاق وحاطه حنان الشيخين ، فشب وكبر برعايتهما ، شب على عقيدة التوحيد ، وفي بيت النبوة وظل الأيمان ، وشاء الله أن يكون إسحاق (عليه السلام) نبيا وأبا لأمة من الأنبياء والرسل يربو عددهم على عدد الأنبياء الذين كانوا من ذرية أخيه اسماعيل (ع)، فكان من ذريته بنو إسرائيل وأنبياؤها ، ولبني إسرائيل قصة وأحداث في ماضي التاريخ وحاضره اتسمت بالضلال والجريمة والصلف والعناد ضد أنبيائهم ورسلهم الذين بعثهم الله إليهم مبشرين ومنذرين ودعاة للهدى والإصلاح ، بعد أن ضيعوا ملة أبيهم إبراهيم ، وانحرفوا وحرفوا عقيدة التوحيد ، فشابوها بالوثنية والخرافات والأباطيل .
Page 56