عاد الخليل إلى بلاد كنعان (الشام) ومعه جارية مصرية اسمها هاجر .. توطن في هذه البلاد ولم يكن له ولد ، فراح يرفع يد الضراعة والابتهال إلى الله سبحانه:
(رب هب لي من الصالحين ) .
فوهبه الله من هاجر جارية زوجته التي وهبتها له وهبه إسماعيل .
سارة تعاني من العقم وخلو الدار من ابتسامات الطفولة العذبة ونظراتها الحلوة البريئة ، وها هي قد بلغت من الكبر عتيا ، وصارت تعيش سن اليأس وقد انقطع رجاؤها من الولد والذرية ، فليس بوسع انسان أن يتصور أو يرجو ميلادا في هذا السن المتقدم في العمر ، ولكن قدرة الله فوق عالم القوانين والطبيعة ، فهو الخالق المتصرف في الخلق ، القاهر فوق عباده ، القادر على ما يشاء.. وما أروع الرجاء بعد اليأس ، والبشرى بعد الغم ، والعطاء بعد المنع ، والفرح بعد الكرب ، واليسر بعد العسر .. ويعظم ذلك حينما يكون الحدث خارجا عن حدود المألوف من تفكير الإنسان وقوانين الحياة ، فتظهر يد الغيب جلية ، وفيوضات الرحمة واضحة وكرم الله شاخصا .
سارة ابنة التسعين ، والخليل قد جاوز المائة من السنين (59)، وقد قضيا عمر الشباب وسني الانجاب فلم يأذن الله لاسحاق أن يبصر النور في هذه السنين الطوال :
Page 52