القرآن يتحدث
لنقف بين يدي القرآن ولنستمع له وهو يتحدث عن إسماعيل ، ويصفه ويبرز معالم شخصيته الكبيرة الفذة من خلال وحيه وتصويره لهذا الكيان الإنساني الشامخ ، فالملاحظ في أدب القرآن أنه عندما يتحدث عن شخصية أو جماعة ويبرزها قدوة للبشرية ، إنما يبني هذا العرض على أساسين اثنين هما :
أولا : أن هذه الشخصية تمتاز بالكمال وقوة الأيمان ، وتحتل موقع المثل الأعلى في الحياة .
ثانيا : أن فيضها وإشعاعها ينير مساحة معينة من ظلمات النفس الإنسانية ، وعطاءها يسد جانبا من جوانب الفقر والنقص فيها .
فكثيرا ما كان النبيون يعالجون بشكل أساسي وبارز حضاريا معينا من مرضا حضاريا معينا من أمراض المجتمع والمرحلة التي يبعثون فيها، كالانحراف العقائدي أو السلوك الشخصي أو في التعامل الاجتماعي ، فتطغى الخرافة والوثنية مثلا ، أو الانحراف الجنسي والأخلاقي، أو الجشع وحب المال ، أو الارهاب وسفك الدماء ، فتأتي رسالات الأنبياء بالإضافة إلى بنيتها الرسالية العامة مهتمة بمعالجة تلك الظاهرة المعينة ، ومنصبة جهودها على استئصال ذلك المرض .
Page 44