Islamic Education for Youth
التربية الإسلامية للشباب
Maison d'édition
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Numéro d'édition
ربيع الآخر
Année de publication
رمضان ١٤٠١ هـ
Genres
إلى الشام إلى أسامة بن زيد - وكان في العقد الثاني من عمره، وفي الجيش كبار الصحابة ... وهكذا كان ﵊ يعد الشباب جنودًا مجاهدين وعمالا حركيين، ويكل إليهم من المسئوليات أخطرها ومن المناصب أعلاها وأرفعها.
وقد سار على قدمه ومضى على سنته سلف الأمة في إعدادهم الشباب وثقتهم فيه وتقليدهم المهام الجسام؛ فهذا أبو بكر ﵁ ينادى (زيد بن ثابت) ﵁، ويعهد إليه بجمع القرآن الكريم بعد أن أثنى على أخلاقه وأنه شاب مستقيم، الأمر الذي أهله ليرأس المجموعة الخيرة التي نهضت بذلك العمل الفخم الجليل.
كان ذلك في ماضي الأمة الناضر الزاهر فينبغي لها في حاضرها أن تهتم بأمر الشباب حضًّا لهم على التمسك بأهداب الدين والخلق المتين مع إزالة كل عقبة تقف في سبيل إعدادهم، ولعله من الأفضل أن تسند إليهم بعض المناصب والمسئوليات مع إعطائهم الصلاحيات التي تجعلهم يتحركون في حرية واختيار، فإن في ذلك إعدادًا لهم، وتنمية لملكاتهم، وتفجيرا للكامن من طاقاتهما مع إتاحة الفرصة لهم للالتقاء بالشيوخ، والاستفادة من خبرتهم، والاقتباس من تجاربهم حتى تلتحم قوة الشباب مع حكمة الشيوخ فيثمران رشادا في الرأي وصلاحا في العمل، وإلا جاءت الأمور كما قال حكيم الشعراء:
إن الأمور إذا الأحداث دبَّرها ... دون الشيوخ ترى في بعضها خللا
الشباب والتقليد: يقول علماء الاجتماع: "الإنسان مدني بطبعه" أي أنه لا يذوق للحياة طعما إلا إذا عاش بين جماعة، ومادامت هناك جماعة فلابد من أن يؤثر بعضهم في بعض، ويقلد بعضهم بعضا؛ لأن التقليد وسيلة من وسائل التعليم ونقل الخبرات، خاصة لمن هم في ريعان الشباب ومقتبل العمر، والواقع أن التقنية الحديثة وسرعة المواصلات جعلت العالم كله أسرة واحدة مرتبط بعضها ببعض ارتباطا عضويا. وليس في هذا ضرر بل فيه منفعة، ولكن الضرر يكمن في أن يتحول التقارب إلى امتزاج، والالتصاق إلى ذوبان يفقد الناس معه أصالتهم وذاتيتهم وتراثهم. إننا لا نمانع أن تهب علينا رياح الثقافات، ولكن لا نرضى أن تصبح الرياح ريحا تقتلع شجرة ثقافتنا. وإنك لتجد كثيرا من شبابنا اليوم يتخلى عن عاداتنا السمحة وتقاليدنا الأصيلة منصرفا إلى تقليد الغربيين في شتى مناحي الحياة، ولم يقفوا عند حد التقليد بل ذهبوا إلى الدعوة
الشباب والتقليد: يقول علماء الاجتماع: "الإنسان مدني بطبعه" أي أنه لا يذوق للحياة طعما إلا إذا عاش بين جماعة، ومادامت هناك جماعة فلابد من أن يؤثر بعضهم في بعض، ويقلد بعضهم بعضا؛ لأن التقليد وسيلة من وسائل التعليم ونقل الخبرات، خاصة لمن هم في ريعان الشباب ومقتبل العمر، والواقع أن التقنية الحديثة وسرعة المواصلات جعلت العالم كله أسرة واحدة مرتبط بعضها ببعض ارتباطا عضويا. وليس في هذا ضرر بل فيه منفعة، ولكن الضرر يكمن في أن يتحول التقارب إلى امتزاج، والالتصاق إلى ذوبان يفقد الناس معه أصالتهم وذاتيتهم وتراثهم. إننا لا نمانع أن تهب علينا رياح الثقافات، ولكن لا نرضى أن تصبح الرياح ريحا تقتلع شجرة ثقافتنا. وإنك لتجد كثيرا من شبابنا اليوم يتخلى عن عاداتنا السمحة وتقاليدنا الأصيلة منصرفا إلى تقليد الغربيين في شتى مناحي الحياة، ولم يقفوا عند حد التقليد بل ذهبوا إلى الدعوة
1 / 196