L'Islam et la civilisation arabe
الإسلام والحضارة العربية
Genres
ومثل هذه النعومة، وهي الخشونة بعينها، بدرت من غودفروا دمومبين
9
فخالف بها التاريخ الصحيح في قوله: «إن الغارة الإسلامية الكبرى التي بلغت إلى حد كان أقصى مما قدر لها، قد أسكرت العرب بما أحرزوا من المغانم، فاضطربوا في فتوحهم بعض الشيء، وأدرك الأمويون وهم تجار مكة، بما فطروا عليه من لطف المأتى في الأعمال المالية، أن الواجب عليهم أن يتركوا الشعوب تحكم نفسها بنفسها على أصول الأحكام البيزنطية والفارسية، وأن لا يشغلوا أنفسهم بغير المغانم والجباية.» يريد أن يقول: إن الأمويين تجار فتحوا البلاد لترويج تجارتهم، وقصارى التاجر جمع المال، فهو بطبيعته بعيد عن إدارة الممالك؛ ولذلك كان غرام الفاتحين من الأمويين بتجارتهم، فأطلقوا لأهل البلاد حريتهم في الحكم الذي يختارونه، وفات الكاتب أن هؤلاء التجار كانوا أمراء في الجاهلية، تسلسل فيهم المجد والحكم كابرا عن كابر، وأنهم في الإسلام رفعوا راية الدين في الصين شرقا، وفي الأندلس غربا، ونشروا مدنيتهم ولغتهم على صورة مهما قال القائلون فيها فهي أدهش حدث حدث في العالم، وفي الحديث: «الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.» وفي معلمة
10
الإسلام إن القيادة في قريش كانت لأمية بن عبد شمس في الجاهلية، وما خلا أخلاف الأمويين في كل زمن من المعرفة الواسعة بالتنظيم العسكري والتنظيم السياسي. ا.ه.
ولا يلام العرب لجعلهم البلاد التي نزلوها بادئ بدء أشبه بالماية ليتعرفوا أخلاق أهلها وما يصلحهم ثم يحيلونها ملكا صرفا، فهذا مما يسجل في باب اقتدارهم السياسي، وقد قال لبون: «إن العرب كانوا أكثر حكمة من كثير من رجال السياسة الحديثة، عرفوا حق المعرفة أن أوضاع شعب لا تتناسب مع أوضاع شعب آخر، فكان من قواعدهم أن يطلقوا للأمم.
قال لوثرب ستودارد
11
العالم الأميركي: «ما كان العرب قط أمة تحب إراقة الدماء وترغب في الاستلاب والتدمير، بل كانوا على الضد من ذلك أمة موهوبة جليل الأخلاق والسجايا، تواقة إلى ارتشاف العلوم، محسنة في اعتبار نعم التهذيب، تلك النعم التي قد انتهت إليها من الحضارات السالفة، وإذ شاع بين الغالبين والمغلوبين التزاوج ووحدة المعتقد، كان اختلاط بعضهم ببعض سريعا، وعن هذا الاختلاط نشأت حضارة جديدة - الحضارة العربية - وهي جماع متجدد التهذيب اليوناني والروماني والفارسي، وذلك المجموع هو الذي نفخ فيه العرب روحا جديدا فنضر وأزهر، وألفوا بين عناصره ومواده بالعبقرية العربية والروح الإسلامي، فاتحد وتماسك بعضه ببعض؛ فأشرق وعلا علوا كبيرا، وقد سارت الممالك الإسلامية في القرون الثلاثة الأولى من تاريخها 650-1000م أحسن سير، فكانت أكثر ممالك الدنيا حضارة ورقيا وتقدما وعمرانا، مرصعة الأقطار بجواهر المدن الزاهرة، والحواضر العامرة، والمساجد الفخمة، والجامعات العلمية المنظمة، وفيها مجموع حكمة القدماء ومختزن علومهم يشعان إشعاعا باهرا، وما انفك الشرق الإسلامي خلال هذه القرون الثلاثة يرسل على الغرب النصراني نورا، ثم غابت كواكبه وأفلت أنجمه، حتى أدركته لياليه السود وأجياله المظلمة.» ا.ه.
الإسلام في الأقطار والنظر بين الإسلام والنصرانية
Page inconnue