L'Islam et la civilisation arabe
الإسلام والحضارة العربية
Genres
وغلب التقشف على أكثر هؤلاء العظماء عملا بسيرة الرسول، فقد ذكروا أنه كان عند رسول الله لما مرض مرضته التي مات فيها سبعة أو تسعة دنانير فقسمها في الأنصار، وقال: «ما ظن محمد لو لقي الله وهذه عنده؟» ولم يخلف عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا تركها صدقة، وترك درعه رهنا عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير، وكان يأخذ من الأنفال خمسها ويردها على المسلمين عملا بقوله تعالى:
يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ، ثم بين توزيعها بقوله:
واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل . وكانت العرب
23
في الجاهلية تغنم وتوزع الغنيمة على المحاربين وتجعل للرئيس قسطا كبيرا منها، أشار إليه أحد شعرائهم، فقال:
لك المرباع منها والصفايا
وحكمك والنشيطة والفضول
24
وقال الصديق لعائشة وهو يحتضر: «إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما، ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير، إلا هذا العبد الحبشي، وهذا البعير الناضح، وجرد هذه القطيفة،
25
Page inconnue