122

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

Genres

يعاني من وساوس الشيطان في ذات الله [السُّؤَالُ] ـ[رجل يوسوس له الشيطان بوساوس عظيمة فيما يتعلق بالله ﷿ وهو خائف من ذلك جدًا فماذا يفعل؟.]ـ [الْجَوَابُ] الحمد لله ما ذكر من جهة مشكلة السائل التي يخاف من نتائجها، أقول له: أبشر بأنه لن يكون لها نتائج إلا النتائج الطيبة، لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين، ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم، ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان، بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين. وليست حاله بأول حال تعرض لأهل الإيمان، ولا هي آخر حال، بل ستبقى ما دام في الدنيا مؤمن. ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة ﵃ فعن أبي هريرة ﵁ قال: جاء أناس من أصحاب رسول الله ﷺ إلى النبي ﷺ فسألوه: إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال: (أو قد وجدتموه؟) . قالوا: نعم، قال: (ذاك صريح الإيمان) . رواه مسلم وفي الصحيحين عنه أيضًا أن النبي ﷺ قال: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) . وعن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ جاءه رجل فقال: إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به، فقال النبي ﷺ: (الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة) . رواه أبو داود. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في كتاب الإيمان: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره. كما قالت الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال (ذاك صريح الإيمان) . وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به. قال: (الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة) . أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلوب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا عظيم الجهاد، إلى أن قال: (ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعباد من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم، لأنه (أي الغير) لم يسلك شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه، وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة، فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى) أ. هـ المقصود منه ذكره في ص ١٤٧ من الطبعة الهندية. فأقول لهذا السائل: إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها، واعلم أنها لن تضرك أبدًا مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها، والانتهاء عن الانسياب وراءها، كما قال النبي ﷺ (إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم) . متفق عليه. وأنت لو قيل لك: هل تعتقد ما توسوس به؟ وهل تراه حقًا؟ وهل يمكنك أن تصف الله سبحانه به؟ لقلت: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك، وكنت أبعد الناس نفورًا عنه، إذن فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك، وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، ليرديك ويلبس عليك دينك. ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن، فأنت تسمع مثلًا بوجود مدن مهمةٍ كبيرة مملوءة بالسكان والعمران في المشرق والمغرب ولم يخطر ببالك يومًا من الأيام الشك في وجودها أو عيبها بأنها خراب ودمار لا تصلح للسكنى، وليس فيها ساكن ونحو ذلك، إذا لا غرض للشيطان في تشكك الإنسان فيها ولكن الشيطان له غرض كبير في إفساد إيمان المؤمن، فهو يسعى بخيله ورجله ليطفئ نور العلم والهداية في قلبه، ويوقعه في ظلمة الشك الحيرة، والنبي ﷺ بين لنا الدواء الناجع الذي فيه الشفاء، وهو قوله: (فليستعذ بالله ولينته) . فإذا انتهى الإنسان عن ذلك واستمر في عبادة الله طلبًا ورغبة فيما عند الله زال ذلك عنه بحول الله، فأعرض عن جميع التقديرات التي ترد على قلبك في هذا الباب وها أنت تعبد الله وتدعوه وتعظمه، ولو سمعت أحدًا يصفه بما توسوس به لقتلته إن أمكنك، إذن فما توسوس به ليس حقيقة واقعة بل هو خواطر ووساوس لا أصل لها. ونصيحة تتلخص فيما يأتي: ١. الاستعاذة بالله والانتهاء بالكلية عن هذه التقديرات كما أمر بذلك النبي ﷺ. ٢. ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس. ٣. الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالًا لأمر الله، وابتغاء لمرضاته، فمتى التفت إلى العبادة التفاتًا كليًا بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله. ٤. كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر. وأسال الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه. [الْمَصْدَرُ] مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/١ ص ٥٧ - ٦٠.

1 / 121