L'Islam au XXe siècle : son présent et son futur
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Genres
أما صدمة الاستعمار فلم تكن من هذا القبيل، ولم تكن بالصدمة العابرة التي تمر في ساعتها، ولا تترك بعدها عبرة للمعتبر ولا أثرا للمتأثر؛ بل كانت هي الصدمة الماثلة أمام كل نظر، الملحة في كل حين، المتجددة في كل جهة، المعاودة على نحو واحد في جميع الأقطار، وعلى اختلاف التجارب والأحداث.
وقد تقدم في خلاصة أحداث القرن التاسع عشر أن هزائم تركيا وإيران ومراكش ومصر كانت هي نقطة التحول في تواريخ تلك الأمم، وأن الجامدين على القديم لم يؤمنوا بضرورة التحول إلا بعد هزيمة من هذه الهزائم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
وسيتبين من «رد الفعل» الذي أعقب هذه الهزائم أن «العالم الإسلامي» لم يزل بنية حية تستجيب للمؤثرات، وتستبقي منها ما صلح وأجدى.
وتلك هي العلامة الصادقة على كل بنية حية.
علامتها أن تستجيب للمؤثرات، وأن تعالجها بما يصلح ويجدي، فلا يبقى في البنية عارض من حقه أن يطرد وينفى.
إن رد الفعل الذي أعقب الهزائم أمام الاستعمار قد تنوع بكل نوع يخطر على البال، فكانت منه الدعوة إلى معاودة القديم على قدمه، وكانت منه الدعوة إلى البدعة التي لم تسبقها سابقة، وكانت منه الدعوة إلى حفظ الأصول واقتباس الجديد على توافق واتصال، وكانت منه الدعوة الغالية والدعوة المعتدلة، فلم تستبق البنية الحية من جميع هذا إلا ما هو جدير بالبقاء، ودلت البنية الحية بذلك على نصيبها من الحياة.
وسنعلم الأصلح من هذه الدعوات في خلاصة سريعة لما أرادته، ولما حققته، ولما تركته بعدها غير قابل للتحقيق أو قابلا له على مدى من الزمن قد يقصر وقد يطول.
الدعوة الوهابية
كان أول هذه الدعوات في تاريخ ظهورها دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي ولد في أوائل القرن الثاني عشر للهجرة ببلد العيينة من نجد في جزيرة العرب.
وسبق هذه الدعوة في تاريخها يرجع إلى بساطة المجتمع الذي ظهرت فيه، وإلى ابتعاده في داخل شبه الجزيرة عن عوائق الحياة العصرية بين الأمم الإسلامية الأخرى التي تختلط فيها عوامل السياسة والاجتماع.
Page inconnue