الإسلام والمذاهب الإشتراكية
الإسلام والمذاهب الإشتراكية
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية
Numéro d'édition
السنة الثالثة-العدد الثاني
Année de publication
١٣٩٠هـ/١٩٧٠م
Lieu d'édition
المدينة المنورة
Genres
النوع الثاني:
الاشتراكية الديمقراطية، كالتي عليها حزب العمال البريطاني الحاكم وأحزاب أخرى في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وغيرها، وهذا النوع من الاشتراكية ليس فيه استبداد ولا خنق لحريات الشعوب وإنما يبنى على الدعاية ولا يمنع الملك الفردي لكنه يوجب أن تكون المصالح العامة كالمعادن والمناجم وسكك الحديد وما أشبه ذلك ملكًا للحكومة التي تمثل الشعب، فهذه الموارد يجب أن تكون ملكًا لعموم الشعب لا يستبد باستغلالها فرد ولا جماعة؛ لأن ذلك يفضي إلى احتكار بعض الأفراد أو الجماعات مقدارًا كبيرًا من الأموال والممتلكات على حساب أبناء جنسهم، وبذلك تنقسم الأمة إلى أغنياء طاغين قد تفاحش غناهم وتجاوز الحدود، وفقراء مدقعين قد تفاحش فقرهم فهم في غاية الذلة والاستكانة لا رأي لهم ولا كرامة موطوئين بالأقدام عبيدًا أرقاء ليس لهم إلا السمع والطاعة وذلك ظلم وحيف في نظر الاشتراكية الديمقراطية، ولا تمنع هذه الاشتراكية وجود أحزاب مخالفة لها؛ لأنها كما قلنا لا تنشر مبادئها بالقهر والجبر بل بالدعاية والإقناع وتقدس حرية الرأي والكلام والعقيدة والعمل والتنقل.
ولما كان هذا النوع من الاشتراكية يبيح الملك إلا ما تقدم استثناؤه خاف من تفاحش الغنى وتعاظم الثروة ففرض ضرائب تصاعدية على قدر الدخل والمحاصيل حتى لا تتسع المسافة بين الأغنياء والفقراء وهذه الاشتراكية لا تتعرض للدين ولا تتدخل في عقائد الناس وأقطابها متدينون معظمون لرجال الكنائس متفقون معهم وهم حاربون نظام رأس المال ويتهمون المتبعين له بأنهم كاذبون في ما يزعمونه من الدعوة إلى الحرية والديمقراطية لأنه متى لم تقيد الثروة بالقيود التي تقدم ذكرها طغى الأغنياء على الفقراء ﴿كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ فالرجل الذي يملك معامل أو مزارع أو متاجر تحتاج إلى آلاف العمال لا بد أن يفرض إرادته على أولئك العمال فلا يستطيعوا أن ينتخبوا غيره إذا رشح نفسه ليكون نائبًا في مجلس النواب أو يكون عينًا في مجلس الأعيان، وهذا يتنافى مع تحقيق الحرية وإقامة العدل والمساواة التي يزعم
1 / 11