أن يساعدوهم على ذلك بالسكوت عن تعليمهم وإرشادهم فيعم الهلاك ويعظم البلاء وقلما تختبر عاميًّا -وأكثر الناس عامة- إلا وجدته جاهلا بالواجبات والمحرمات وبأمور الدين التي لا يجوز ولا يسوغ الجهل بشيء منها وإن لم يوجد جاهلا بالكل وجد جاهلا بالبعض وإن علم شيئًا من ذلك وجدت علمه به علمًا مسموعًا من ألسنة الناس لو أردت أن تقلبه له جهلا فعلت ذلك بأيسر مئونة لعدم الأصل والصحة فيما يعلمه.
وينبغي أيضًا للعلماء وخصوصًا منهم ولاة الأحكام أن يعظو عامة المسلمين عند الاختصام إليهم ويخوفوهم بما ورد عن الله وعن رسوله من التشديدات والتهديدات في الدعاوي الكاذبة وشهادة الزور والأيمان الفاجرة والمعاملات الفاسدة مثل الربا وغيره ويذكرون لهم ما ورد من تحريم هذه الأمور وشدة العقاب فيها وذلك لغلبة الجهل وشدة الحرص وقلة المبالاة بأمر الدين وكم من عامي سمع تحريم الكذب في الدعاوي والشهادات والأيمان فرجع عن شيء قد عزم عليه من ذلك لجهله وقلة علمه، وعلى الجملة فيتأكد على العلماء أن يجالسوا الناس بالعلم ويحدثوهم به ويبثوه لهم ويكون كلام العالم معهم في بيان الأمر الذي جاءوا إليه من أجله مثل ما إذا جاءوا لعقد نكاح يكون كلامه معهم فيما يتعلق بحقوق النساء من الصداق والنفقة والمعاشرة بالمعروف وما يجري هذا المجري، ومثل ما إذا جاءوا لعقد بيع يكون كلامه معهم في الشهادات وفي صحيح البيوع وفاسدها ونحو ذلك، وهذا خير وأولى في هذه المجالس من الخوض في فضول الكلام وما لا تعلق له بالأمر الذي من أجله جاءوا ولا بالدين رأسًا. ولا ينبغي للعالم أن يخوض مع الخائضين ولا يصرف شيئًا من أوقاته في غير إقامة الدين، وهذا الذي ذكرناه من أنه ينبغي للعالم ويتأكد عليه أن يجعل مجالسته ومخالطته مع عامة المسلمين مغمورة ومستغرقة بتعليمهم وتنبيههم وتذكيرهم قد صار في هذا الزمان بالخصوص من أهم المهمات على أهل العلم لاستيلاء الغفلة والجهل والإعراض عن العلم والعمل على عامة الناس فإن ساعدهم أهل العلم على ذلك بالسكوت عن التعليم والتذكير غلب الفساد وعم الضرر، وذلك مشاهد لإهمال العامة أمر
1 / 39