بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (الْحَمد لله) الَّذِي خلق آدم من طين ثمَّ نفخ فِيهِ روحًا ثمَّ اصطفاه للرسالة كَمَا اصْطفى إِدْرِيس من بعده ونوحا وَاتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليمًا وَإِسْمَاعِيل ذبيحًا وَنصر هودا على عَاد وألان الْحَدِيد لداود ووسع لِسُلَيْمَان فِي الأَرْض روحًا وسخر لَهُ ريحًا وأيد صَالحا بآياته وَهَارُون بِرِسَالَاتِهِ وَجعل الْمَسِيح آيَة وروحًا ونجى يُوسُف من الْجب وَعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَكَانَ فِي أُمُوره نجيحا وأسعف لُقْمَان من الْأَنَام وآتاه الْحِكْمَة فِي الْمَنَام فَاسْتَيْقَظَ حكيمًا فصيحا وَخص مُحَمَّدًا ﷺ بالحوض المورود وبوأه من الْجنَّة مقْعدا فسيحا وَأنزل عَلَيْهِ فِي مُحكم كِتَابه الْعَزِيز: ﴿وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى﴾ وَجعل علم التَّعْبِير من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَلم يظْهر لَهَا منازعا وَلَا مزيحًا (أَحْمَده) على كل حَال وأشكره على نعمه الَّتِي لَيْسَ لَهَا زَوَال (وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة خَالِصَة فِي السِّرّ والإعلان مفرا بهَا الْقلب وَاللِّسَان (وَأشْهد) ان مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي حَاز من المكارم والمفاخر الرُّتْبَة الْعليا وجاهد فِي سَبِيل الله بِقَلْبِه وقالبه فَمَا أبقى بقيا وَكَانَ ﵊ فِي كل يَوْم يَقُول لأَصْحَابه: أَيّكُم رأى رُؤْيا ﷺ وعَلى آله الأخيار صَلَاة دائمة آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار. (يَقُول) الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى خَلِيل بن شاهين الظَّاهِرِيّ لطف الله بِهِ (قَوْله تَعَالَى) ﴿فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين﴾ وَقَوله تَعَالَى فِي تَكْذِيب الكهانة ﴿وَلَا بقول كَاهِن قَلِيلا مَا تذكرُونَ﴾ (قَالَ) الواحدي الكاهن هُوَ الَّذِي يخبر عَن المغيبات وَقد ذمّ الشَّرْع الْكل لِتَفَرُّدِهِ تَعَالَى بِعلم الْغَيْب فَأَعْرَضت عَن ذَلِك وَلم ألتفت إِلَيْهِ وَأَرَدْت أَن أجمع كتابا يشْتَمل على علم يظْهر بِهِ المغيبات وَله أصل فِي الشَّرِيعَة وَهُوَ علم التَّأْوِيل وَالتَّعْبِير (وسميته) (كتاب الإشارات فِي علم الْعبارَات) واعتمدت فِي ذَلِك على كتب الْمُتَقَدِّمين وأقوال الْمَشَايِخ المعتبرين مثل كتاب الْأُصُول لدانيال الْحَكِيم وَكتاب التَّقْسِيم لجَعْفَر الصَّادِق وَكتاب الْجَوَامِع لمُحَمد بن سِيرِين وَكتاب الدستور لإِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي وَكتاب الْإِرْشَاد لجَابِر المغربي وَكتاب التَّعْبِير لإسماعيل بن الْأَشْعَث وَكتاب كنز الرُّؤْيَا للمأموني وَكتاب بَيَان التَّعْبِير لعبدوس وَكتاب جمل الدَّلَائِل وَكتاب مبادئ التَّعْبِير وَكتاب كَافِي الرُّؤْيَا وَكتاب التَّعْبِير للطاموسي وَكتاب مقرمط الرُّؤْيَا وَكتاب تحفة الْمُلُوك وَكتاب منهاج التَّعْبِير لخَالِد الْأَصْفَهَانِي وَكتاب مُقَدّمَة التَّعْبِير وَكتاب حقائق الرُّؤْيَا وَكتاب الْوَجِيز لمُحَمد بن شامويه وَكتاب التَّعْبِير لأبي سعيد الْوَاعِظ وَكتاب كَامِل التَّعْبِير للشَّيْخ أبي الْفضل حُبَيْش بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد النقيشي وَكتاب الإشارات إِلَى علم الْعبارَات لأبي عبد الله بن أَحْمد بن عَامر السالمي وَكتاب الدّرّ المنظم فِي السِّرّ الْمُعظم لمُحَمد الْقرشِي النصيبي وَغير ذَلِك مثل الشَّيْخ أوحد الدّين عبد اللَّطِيف الدمياطي وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر الأشموني وَالشَّيْخ يُوسُف الكربوني السكندري وَالشَّيْخ مُحَمَّد الفرعوني وَالشَّيْخ حسن الرَّمْلِيّ وَالشَّيْخ نور الدّين الْكَرْخِي الغزاوي وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْمَقْدِسِي وَالشَّيْخ شرف الدّين الكركي وَالشَّيْخ شمس الدّين حمرون الصَّفَدِي وَغير ذَلِك (وأضفت) إِلَى ذَلِك مَا اتّفق لي ولغيري من الرُّؤْيَا الصَّحِيحَة الَّتِي ظَهرت كفلق الصُّبْح فَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ بَينته بقول وَاحِد وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ بَينته وبينت تَعْبِير كل وَاحِد على حَده وَمَا ظهر مَعْنَاهُ أولته بِدَلِيل أَو معنى وَاضح أَشرت فِي أَوله بقوله: قَالَ بعض المعبرين أَو قَالَ بَعضهم.
(فصل فِي إِيضَاح أَدِلَّة تدل على أَن علم الرُّؤْيَا لَهُ أصل فِي الشَّرِيعَة)
مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ مكنا ليوسف فِي الأَرْض ولنعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث﴾ قَالَ الواحدي: هُوَ تَأْوِيل الرُّؤْيَا وَقَوله تَعَالَى: ﴿لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة﴾ قَالَ بعض الْمُفَسّرين: يَعْنِي الرُّؤْيَا
1 / 603
الصَّالِحَة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة قَالَ الشهرزوري فِي شَرحه للأربعين حَدِيثا وَكَذَا زين الْعَرَب فِي شَرحه للمصابيح: إِن مُدَّة ابْتِدَاء وَحي الرَّسُول ﵇ إِلَى مُفَارقَته الدُّنْيَا كَانَت ثَلَاثَة وَعشْرين سنة وَكَانَت سِتَّة أشهر مِنْهَا فِي أول الْأَمر يُوحى إِلَيْهِ مناما فَهِيَ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من جملَة أَيَّام الْوَحْي لِأَنَّهُ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة على أَكثر الرِّوَايَات وَأوحى إِلَيْهِ بعد أَرْبَعِينَ سنة وَمِنْهَا قَوْله ﵊: من لم يُؤمن بالرؤيا الصَّالِحَة لم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَمِنْهَا قَوْله ﵊: لم يبْق من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات وَهِي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ وَمِنْهَا قَوْله ﵊: أصدقكم حَدِيثا أصدقكم رُؤْيا وَإِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد تكذب رُؤْيا الْمُؤمن وَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يكذب فِي رُؤْيَاهُ يزْعم أَنه رأى غير مَا رأى فَإِن الرُّؤْيَا وَحي يوحيه الله لَهُ فِي الْمَنَام وَمِنْهَا قَوْله ﵊ فِي صَحِيح البُخَارِيّ: أَن من تحلم بحلم لم يره كلف أَن يعْقد بَين شعيرتين وَلم يفعل وَمعنى الْحلم هُوَ معنى الرُّؤْيَا لَكِن غلب اسْتِعْمَال الرُّؤْيَا فِي المحبوبة والحلم فِي الْمَكْرُوهَة وَقَالَ عمر ﵁: أَلا أخْبركُم أَن الْإِنْسَان إِذا نَام عرج بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء فَمَا رأى قبل أَن يصل إِلَى السَّمَاء فَذَلِك حلم وَمَا رأى بعد أَن يصل إِلَى السَّمَاء فَذَلِك الَّذِي يكون وَفِي قَول ابْن سِيرِين بَيَان أَن لَيْسَ كل مَا يرَاهُ الْإِنْسَان يكون صَحِيحا وَيجوز تَعْبِيره إِنَّمَا الصَّحِيح مِنْهُ مَا كَانَ من الله تَعَالَى يَأْتِيك بِهِ ملك الرُّؤْيَا وَهُوَ روحائيل من نُسْخَة أم الْكتاب يَعْنِي من اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَمَا سوى ذَلِك أضغاث أَحْلَام لَا تَأْوِيل لَهَا.
(فصل فِي بَيَان معرفَة الرُّؤْيَا ومجاريها وقوتها وضعفها)
وبينت مَا كَانَ مُسْتَقِيمًا وَاضحا وألغيت مَا كَانَ أضغاثًا مختلطًا وتأملت ذَلِك بِتَوْفِيق الله تَعَالَى. (وَاعْلَم) أَن صدق الرُّؤْيَا إِن نمت على جَنْبك الْأَيْمن لقَوْل ابْن سِيرِين: من نَام على جنبه الْأَيْمن فَرَأى رُؤْيا فَهِيَ من الله تَعَالَى وَمن نَام على جنبه الْأَيْسَر أَو على ظَهره وَرَأى رُؤْيا فَإِنَّهَا من قبل الْأَرْوَاح وَرُبمَا يَصح بعض وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي مَنَامه على بَطْنه فَهُوَ أضغاث أَحْلَام وأصدق مَا تكون الرُّؤْيَا فِي الرّبيع والصيف لما تقدم من الحَدِيث الشريف وَقد ذهب بَعضهم بِأَن تَفْسِير ذَلِك على هَذَا الْوَجْه وأضعف مَا تكون فِي الخريف والشتاء وَقد قَالَ ابْن سِيرِين وَغَيره: أقوى مَا تكون الرُّؤْيَا عِنْد إِدْرَاك الثِّمَار واجتماع أمرهَا وأضعف مَا تكون عِنْد سُقُوط وَرقهَا وَذَهَاب ثَمَرهَا وَقيل إِن الله تَعَالَى وكل على كل مدر وَشَجر ملكا لحفظه من الْجِنّ لِئَلَّا يفسدونه فَإِذا انْقَضى أوانها وَارْتَفَعت الْمَلَائِكَة والموكلون بهَا بَعدت النُّفُوس وتغيرت الأمزجة فتظهر الأحلام السوء والاضغاث. فصل وَأقرب مَا تخرج الرُّؤْيَا أَي تظهر الرُّؤْيَا إِذا رئيت آخر اللَّيْل فَإِنَّهُ ينْتَظر بهَا وروى أَن ابْن سِيرِين قَالَ: من رأى رُؤْيا أول اللَّيْل فَإِنَّهُ ينْتَظر بهَا إِلَى عشْرين سنة فمادون ذَلِك وَيُقَاس على اللَّيْل وعَلى السنين وَيعرف مَا مضى من اللَّيْل وَينْقص من السنين بِقَدرِهِ مِثَاله إِذا مضى من اللَّيْل نصفه ينْتَظر الرُّؤْيَا إِلَى عشر سِنِين فَمَا دون ذَلِك وَيُقَاس على ذَلِك وَمن رأى رُؤْيا بعد الصُّبْح فَإِنَّهُ ينْتَظر لَهَا مُدَّة شهر وَمَا دون ذَلِك وَكَذَلِكَ رُؤْيَة النَّهَار وَقد ظَهرت رُؤْيَة يُوسُف ﵇ بعد عشْرين سنة فَلَا حل ذَلِك حد آخر انْتِظَار الرُّؤْيَا عشْرين وَقَالَ الْكرْمَانِي: أصح مَا تكون الرُّؤْيَا عِنْد استغراق النّوم لقَوْل عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه: مَا زَالَ الْإِنْسَان يرى الشَّيْء فَيكون وَيرى الشَّيْء فَلَا يكون وَالْجَوَاب عَن ذَلِك فِي قَول عمر بن الْخطاب ﵁. فصل وَقد يبطل تَأْوِيل الرُّؤْيَا إِذا كَانَ الْإِنْسَان قد عمل فِيمَا يرَاهُ فِي مَنَامه وشغل بِهِ فِي الْيَقَظَة سره وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي ﷺ: إِن الرُّؤْيَا ثَلَاثَة فالرؤيا الصَّالِحَة بشرى من الله تَعَالَى والرؤيا من تخويف الشَّيْطَان والرؤيا مِمَّا يحدث بِهِ الرجل نَفسه وَقَالَ بعض المعبرين: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة على قسمَيْنِ: قسم بشرى وَقسم تحذير وَقد تخرج الرُّؤْيَا على مآرب كَثِيرَة وَقد رأى كسْرَى فِي الْمَنَام زَوَال ملكه وَظُهُور مُحَمَّد ﷺ وَكَانَ كَذَلِك وَقد رأى النمرود حِين رمى الْخَلِيل إِبْرَاهِيم ﵇ بمنجنيق أَن الْخَلِيل فِي رَوْضَة خضراء وفيهَا عين جَارِيَة فَكَانَ كَذَلِك وَرَأى فِرْعَوْن أَنه دخل الْبَحْر وَجُنُوده فَغَرقُوا فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَإِن لم تخرج الرُّؤْيَا لصَاحِبهَا خرجت لِبَنِيهِ أَو لنظيره أَو لأحد من عشيرته وَقد رأى النَّبِي ﷺ فِي مَنَامه أَن ابْن أبي الْعيص فِي الْجنَّة بعد مَوته وَكَانَ مُشْركًا فأولها النَّبِي ﷺ عتاب بن أسيد لِأَنَّهُ كَانَ نَظِيره وَإِن عبرت الرُّؤْيَا فِي الْمَنَام فَإِنَّهَا تخرج على نَحْو مَا عبرت بِهِ إِذا كَانَ الْمعبر مِمَّن يركن إِلَيْهِ وسيمته الْخَيْر وَإِن
1 / 604
رأى الْإِنْسَان رُؤْيا مِمَّا تدل على خير أَو غَيره ثمَّ انتظرها فرآها على صفة مَا رأى أَولا فَتكون قد عبرت وَلَا يكون ذَلِك تَكْرَارا عِنْد بعض المعبرين وَلَيْسَت الرُّؤْيَا تبطل بِتَأْوِيل مَا أول بِمَا يُخَالف التَّعْبِير إِذْ لَو كَانَ ذَلِك لبطلت رُؤْيا عَزِيز مصر لقَوْل المعبرين اضغاث أَحْلَام وَإِن الشَّيْطَان يتَمَثَّل فِي الرُّؤْيَا بِكُل شَيْء إِلَّا بِاللَّه تَعَالَى وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَفِي الحَدِيث: إِذا رأى أحدكُم مَا يكره فَليقمْ وليتفل وَلَا يحدث بِهِ النَّاس وَفِي الحَدِيث: الْمَنَام على رجل طَائِر إِذا قصّ وَقع وَأول بَعضهم قصّ الرجل الْوُقُوع وَفِي حَدِيث آخر مَا يدل مَعْنَاهُ أَن الْإِنْسَان إِذا رأى فِي مَنَامه مَا يكره فَلَا يحدث بِهِ أحدا وَأَن يبصق عَن يسَاره ويتعوذ من الشَّيْطَان فَإِنَّهُ لَا يضرّهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمعبر ذَا حذاقة وفطنة صَدُوقًا فِي كَلَامه حسنا فِي أَفعاله مشتهرًا بالديانة والصيانة بِحَيْثُ لَا يُنكر عَلَيْهِ فِيمَا يعبره لشهرة صدقه وَلذَلِك سمى الله يُوسُف بِالصديقِ وَأَن يكون عَارِفًا بالأصول فِي علم التَّعْبِير وَأَن يُمَيّز رُؤْيَة كل أحد بِحَسب حَاله وَمَا يَلِيق بِهِ وَمَا يُنَاسِبه وَلَا يُسَاوِي النَّاس فِيمَا يرونه وَيعْتَبر فِي تَعْبِيره على مَا يظْهر لَهُ من آيَات الْقُرْآن وَتَفْسِيره وَمن حَدِيث رَسُول الله ﷺ وَمَا يَنْقُلهُ المتقدمون فِي كتبهمْ وَقد يَقع نَوَادِر ويعتمد على تعبيرها من الْأَلْفَاظ الجلية الظَّاهِرَة بَين النَّاس وَمَا نقل عَن الأدباء فِي أشعارهم وَغير ذَلِك من أَشْيَاء تناسب فِي الْمَعْنى كَمَا سنذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى بعض ذَلِك فِي بَاب النَّوَادِر وَلَو اعْتمد المعبرون على مَا ضبط فِي الْكتب خَاصَّة لعجزوا عَن أَشْيَاء كَثِيرَة لم تذكر فِي الْكتب لِأَن علم التَّعْبِير وَاخْتِلَاف رُؤْيا النَّاس كبحر لَيْسَ لَهُ شاطئ وَقد وضعت هَذَا الْكتاب مُلَخصا وبوبته ثَمَانِينَ بَابا وَجعلت لكل بَاب مَا يُنَاسِبه من مَعَانِيه وأسأل الله الْعِصْمَة من الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فَإِنَّهُ حسبي وَنعم الْوَكِيل.
(الْبَاب الأول)
(فِي رُؤْيَة الله تَعَالَى وَالْعرش والكرسي واللوح والقلم وسدرة الْمُنْتَهى)
٣ - (فصل فِي رُؤْيَة الله تَعَالَى)
قَالَ دانيال: من رأى الله ﷿ من الْمُؤمنِينَ فِي مَنَامه بِلَا كَيفَ وَلَا كَيْفيَّة مثل مَا ورد فِي الْأَخْبَار يدل على أَنه تَعَالَى يرِيه ذَاته يَوْم الْقِيَامَة وتنجح حَاجته (وَمن) رَآهُ وَهُوَ قَائِم وَالله تَعَالَى ينظر إِلَيْهِ دَائِما يدل على أَن هَذَا العَبْد يسلم فِي أَمر يكون فِي رَحْمَة الله تَعَالَى فَإِن كَانَ مذنبا يَنْبَغِي أَن يَتُوب وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى الله تَعَالَى وَهُوَ يتَكَلَّم مَعَه يدل على أَن هَذَا العَبْد يكون عِنْد الله عَزِيزًا لقَوْله تَعَالَى: ﴿وقربناه نجيا﴾ (وَمن رأى) أَن الله كَلمه من وَرَاء حجاب يدل على زِيَادَة مَاله وَنعمته وَقُوَّة دينه وأمانته (وَمن رأى) أَن الله كَلمه لَا من وَرَاء حجاب يدل على وُقُوع الْخطاب عَلَيْهِ لأجل الدّين لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب﴾ (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى قربه وعززه ورحمه بكرامة يدل على أَنه تَعَالَى يرحمه فِي الْآخِرَة وَلكنه يَبْتَلِيه فِي الدُّنْيَا (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى يعظه يعْمل عملا يكون لله فِيهِ رضَا لقَوْله تَعَالَى: ﴿يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ﴾ (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى بشره بِالْخَيرِ يدل على أَن الله تَعَالَى رَاض عَنهُ (وَمن) رأى أَنه بشره بِالشَّرِّ يدل على أَن الله تَعَالَى غَضْبَان عَلَيْهِ فليتق الله وَيحسن أَفعاله. (وَمن) رأى أَنه قَائِم بَين يَدي الله ناكسا رَأسه يدل على أَنه يصل إِلَيْهِ ظَالِم لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عِنْد رَبهم﴾ وَقَالَ الْكرْمَانِي: من أعطَاهُ الله تَعَالَى شَيْئا فِي مَنَامه سلط الْبلَاء والمحنة على بدنه فِي الدُّنْيَا (وَمن) رأى الله تَعَالَى وَرَأى من يُخبرهُ يَقع لَهُ حَاجَة عِنْد أحد من النَّاس وَيكون قَضَاؤُهَا على مَا تكون الرُّؤْيَا لَهُ (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى نزل على أَرض أَو مَدِينَة أَو قَرْيَة أَو حارة وَنَحْو ذَلِك يدل على أَن الله تَعَالَى ينصر أهل ذَلِك الْمَكَان ويظفرهم على الْأَعْدَاء فَإِن كَانَ فِيهَا قحط يدل على الخصب وَإِن كَانَ فِيهَا خصب زَاد الله خصبها ويرزق أَهلهَا التَّسْوِيَة (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى نور وَهُوَ قَادر على وَصفه فَإِنَّهُ يدل على أَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ باسم آخر يحصل لَهُ شرف وعظمة (وَمن) رأى أَن الله تَعَالَى قَالَ لَهُ تعال إِلَى يدل على قرب أَجله (وَمن) رأى أَن الله تَعَالَى غضب على أهل مَكَان يدل على أَن قَاضِي ذَلِك الْمَكَان يمِيل فِي الْقَضَاء وَأَنه يظلم الرّعية أَو عالمه يكون غير متدين وَإِن كَانَ الرَّائِي سَارِقا سَقَطت رجله وَيدل على أَن الرَّائِي يكون مذنبا أَيْضا ولائقا بالعقوبة وَيَقَع فِي ذَلِك الْمَكَان بلَاء وفتنة. (وَمن) رأى أَن الله تَعَالَى على صُورَة رجل مَعْرُوف يدل على أَن ذَلِك الرجل قاهر وعظيم (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى فِي الْمَقَابِر يدل على نزُول الرَّحْمَة على تِلْكَ الْمَقَابِر (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى على صُورَة وَهُوَ يسْجد لَهَا فَإِنَّهُ يفتري على الله تَعَالَى: (وَمن رأى) أَنه يسب الله تَعَالَى يكون كَافِرًا بِنِعْمَة الله تَعَالَى وساخطًا لقضائه وَحكمه وَمن رأى أَن الله تَعَالَى جَالس على سَرِير أَو مُضْطَجع أَو نَائِم أَو غير ذَلِك مِمَّا لَا يَلِيق فِي حَقه جلّ وَعز يدل على أَن الرَّائِي يعْصى الله تَعَالَى ويصاحب الأشرار وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: رُؤْيا الله تَعَالَى فِي الْمَنَام تؤول على سَبْعَة أوجه: حُصُول نعْمَة فِي الدُّنْيَا وراحة فِي الْآخِرَة وَأمن وراحة وَنور وهداية وَقُوَّة للدّين وَالْعَفو وَالدُّخُول إِلَى الْجنَّة بكرمه وَيظْهر الْعدْل ويقهر الظلمَة فِي تِلْكَ الديار ويعز الرَّائِي ويشرفه وَينظر إِلَيْهِ نظرة الرَّحْمَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سَأَلت مُحَمَّد بن سِيرِين أَي الرُّؤْيَا أصح عنْدك؟ قَالَ: أَن يرى العَبْد خالقه بِلَا كَيفَ وَلَا كَيْفيَّة وَقَالَ السالمي ﵀: من رأى الله ﷿ وَهُوَ يعانقه أَو يقبله فَازَ بِالْأَمر الَّذِي يَطْلُبهُ ونال من حسن الْعَمَل مَا يرغبه (وَمن رأى) أَنه أعطَاهُ شَيْئا من أُمُور الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُصِيبهُ أسقام (وَمن رأى) أَنه وعده بالمغفرة أَو بشره أَو غير ذَلِك فَإِن الْوَعْد يكون على حِكْمَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿قَوْله الْحق﴾ (وَمن رأى) أَنه يفر من الله تَعَالَى وَهُوَ يَطْلُبهُ فَإِنَّهُ يحول عَن الْعِبَادَة وَالطَّاعَة أَو يعْتق وَالِده إِن كَانَ حَيا أَو يأبق من سَيّده إِن كَانَ لَهُ سيد. (وَمن رأى) أَن الله ﷾ يهينه يكون ذَا بِدعَة فليتق الله ﷾ لقَوْله: ﴿يسمعُونَ كَلَام الله ثمَّ يحرفونه من بعد مَا عقلوه﴾ الْآيَة وَمن رأى أَن الله ﷾ على غير مَا ذكرنَا جَمِيعه يكون نوعا مُفردا مِمَّا يُوَافق الشَّرِيعَة فَهُوَ خير على كل حَال وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى كَأَنَّهُ قَائِم بَين يَدي الله تَعَالَى وَالله ينظر إِلَيْهِ فَإِن كَانَ من الصَّالِحين فليحذر الله تَعَالَى لقَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين﴾ (وَمن رأى) كَأَنَّهُ يكلم الله من وَرَاء حجاب فَإِنَّهُ يحسن دينه وَإِن كَانَ عِنْده أَمَانَة أَدَّاهَا وَإِن كَانَ ذَا سُلْطَان نفذ أمره (وَمن رأى) أَنه يتَكَلَّم مَعَ الله تَعَالَى من غير حجاب فَإِنَّهُ يؤول بِحُصُول خلل فِي دينه لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله﴾ الْآيَة (وَمن رأى) أَن الله ﷾ حَاسبه أَو غفر لَهُ وَلم يعاين صفة لقى الله فِي الْقِيَامَة كَذَلِك (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى ساخط عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عَاق لوَالِديهِ فليستغفر لَهُم وَرُبمَا يسْقط من مَكَان رفيع لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي فقد هوى﴾ .
٤ - (فصل فِي رُؤْيَة الْعَرْش وَمَا يَتَّصِف بِهِ)
من رَآهُ على هَيئته الموصوفة عِنْد الْعلمَاء فَهُوَ خير على كل حَال وَقيل إِن الْعَرْش يعبر بأمير كَبِير وَمن رَآهُ وَهُوَ مزخرف يعبر بِأَنَّهُ يصاحب رجلا جليل الْقدر وَيحصل لَهُ مِنْهُ عز وجاه وَإِن رَآهُ بالزخرف ملونا بألوان شَتَّى يدل على أَن الرَّائِي يصاحب رُؤَسَاء ذَوي فَضَائِل وَمَعْرِفَة بعلو قدره وَمن رَآهُ على غير هَيْئَة حَسَنَة يكون ذَلِك نقصا فِي حق الرَّائِي وحقارة لَهُ (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق رُؤْيَة الْعَرْش تؤول على خَمْسَة أوجه: رفْعَة ومرتبة ورياسة وَعز وجاه وَمن رأى أَنه يُطِيل النّظر إِلَى الْعَرْش من غير مشقة فَإِنَّهُ يَدُوم فِي سُلْطَانه.
٥ - (فصل فِي رُؤْيَة كرْسِي الله تَعَالَى وَهُوَ فِي الْمَنَام علم)
وَقَالَ بعض المعبرين: هُوَ رجل كَامِل عَاقل (وَقَالَ) جَابر المغربي: الْكُرْسِيّ يؤول بمطيع أَو زاهد تَقِيّ كَامِل أَو ملك عَادل ورع عَالم وَمن رأى أَنه متلأليء بِالنورِ وَعَلِيهِ جلالة رهيبة فَيكون الرَّائِي ذَا مهابة وَصَلَاح وَإِن رَآهَا أحد من الْعلمَاء يكون فِي حَقه أحسن من غَيره ويصل إِلَى رائيه خير من السُّلْطَان الْعَادِل أَو من الْعَالم الْعَامِل وَيكثر مَاله (وَمن) رأى بضد ذَلِك يدل على حُصُول نقص فِي أُمُور الْعلمَاء والأدباء (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيَة الْكُرْسِيّ تؤول على سِتَّة أوجه الْعدْل والعز وَالْولَايَة وعلو الْأَمر وَالْقدر والجاه وَأما الْكُرْسِيّ يؤلفه النجار فَهُوَ امْرَأَة بِقدر ذَلِك الْكُرْسِيّ (وَقَالَ) السالمي: رُؤْيَة الْكُرْسِيّ خير على كل حَال مَا لم يكن فِيهِ مَا يُنكر فِي الشَّرِيعَة إِن فَإِن كَانَ فِيهِ مَا يُنكر فَلَيْسَ بجيد فِي حق الرَّائِي إِمَّا فِي الدّين أَو فِي أَمر يَطْلُبهُ من أُمُور الدُّنْيَا.
1 / 605
٦ - (فصل فِي رُؤْيَة اللَّوْح الْمَحْفُوظ)
وَهِي تعبر بِرُؤْيَة رجل عَالم مُؤمن مَقْبُول الْكَلَام (وَقَالَ) بعض المعبرين: هُوَ رجل مصلح ينْفق مَاله فِي طَرِيق الْحق (وَقَالَ) الْكرْمَانِي: هُوَ يؤول للرائي بِحُصُول علم وَقُرْآن وَحِكْمَة لقَوْله ﷿: ﴿بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ﴾ وَقَالَ جَابر المغربي: وَمن رأى اللَّوْح الْمَحْفُوظ صَغِيرا حَقِيرًا يدل على كَون حَال الرَّائِي رديئا وَمن رأى اسْمه مَكْتُوبًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله (وَمن رأى) شَيْئا مَكْتُوبًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ يكون ذَلِك الشَّيْء مَوْجُودا بِعَيْنِه وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيَته اللَّوْح الَّذِي يتَعَلَّم فِيهِ الصّبيان يؤول على سِتَّة أوجه رياسة وَولد وعالم وهداية ونفاذ أَمر وَعلم.
٧ - (فصل فِي رُؤْيَة الْقَلَم)
فَمن رأى قلم الْقُدْرَة وَهُوَ يكْتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفسّر قِرَاءَة الْكتاب فَإِن الرُّؤْيَة تكون كَمَا هِيَ مَكْتُوبَة وَإِن لم يُفَسر الْكِتَابَة فَإِنَّهُ يكون متفكرا فِي خلق الله ورؤية الْقَلَم مَا لم يكن فِيهِ حَادث فَهِيَ جَيِّدَة وَإِن كَانَ فِيهِ حَادث فَهِيَ تشوش خاطر أَو تَعْطِيل مَا يَقْصِدهُ من أُمُور الدُّنْيَا وَأما أَقْلَام الْكِتَابَة فلهَا تأويلات فَمن رأى أَن بِيَدِهِ قَلما يرزقه الله تَعَالَى ولدا عَالما وَقيل إِنَّه وَظِيفَة وَقيل علم لقَوْله تَعَالَى: ﴿علم بالقلم﴾ الْآيَة وَإِن رَآهُ يكْتب بِهِ فَهُوَ مشي حَال وَقَضَاء حَاجَة (وَمن رأى) بِهِ مَا يعِيبهُ فَهُوَ ضد ذَلِك (وَمن رأى) أَنه يكْتب وَلَا يظْهر أثر كِتَابَته فَإِنَّهُ إِن كَانَ صَاحب منصب عزل عَنهُ وَقيل أمره لَا ينفذ وَقد رأى بعض الْأَعْيَان بِيَدِهِ أَرْبَعَة أَقْلَام فعبرت بأَرْبعَة وظائف وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَمن رأى بِيَدِهِ عدَّة أَقْلَام فَهُوَ خير على كل حَال وَمن رأى أَنه يبرى قَلما وَأتم برايته يكون مُسَددًا فِي أُمُوره وَإِن عسرت عَلَيْهِ برايته يكون بضد ذَلِك (وَمن رأى) أَنه يَمْتَد قَلما من دَوَاة مَجْهُولَة فَإِنَّهُ يركب فَاحِشَة (وَمن رأى) أَنه زوج قَلما إِلَى قلم فَفِيهِ وَجْهَان إِمَّا أَن يُولد لَهُ ولدان أَو يَأْتِيهِ أَخ (وَمن رأى) أَن قلمه ضَاعَ أَو سرق أَو بَاعه أَو كسر فَلَا خير فِيهِ وَيكون التَّعْبِير على قدر حسب الرَّائِي وَمن رأى أَنه يكْتب بقلم وَهُوَ أُمِّي فَلَا خير فِيهِ وَرُبمَا يدل على قرب وَفَاته وَقَالَ الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيَة الْقَلَم تؤول على سَبْعَة أوجه: حِكْمَة وَأمر وَعلم وأبهة وَولَايَة واستقامة الْأَشْيَاء ونيل المُرَاد.
٨ - (فصل فِي رُؤْيَة سِدْرَة الْمُنْتَهى)
من رأى بهَا أوراقًا ثَابِتَة يدل على كَثْرَة المواليد فِي ذَلِك الزَّمَان وَالْمَكَان (وَمن رأى) وَرقهَا أَو بعضه يتساقط فَيدل على وُقُوع فنَاء (وَمن رأى) أَن ورقة عَلَيْهَا اسْم معِين اصْفَرَّتْ يكون قرب أجل صَاحب ذَلِك الِاسْم وَإِن سَقَطت يكون فرَاغ عمره (وَمن رأى) أَنَّهَا خَالِيَة عَن أوراقها لَا خير فِيهِ وَرُبمَا دلّت رؤيتها على انْتِهَاء أَمر الرَّائِي بِمَا هُوَ فِيهِ من خير أَو شَرّ لاشتقاق اسْمهَا.
(الْبَاب الثَّانِي)
(فِي رُؤْيَة الْمَلَائِكَة وَالْوَحي وَالسَّمَاوَات والأفلاك)
فصل من رأى جِبْرِيل ﵇ فَإِنَّهُ يُسَافر فِي طلب علم وَيدْرك أمْنِيته وَإِن تَكَرَّرت رُؤْيَاهُ فَإِنَّهُ ظفر على الْأَعْدَاء وَرُبمَا أَمر بِمَعْرُوف أَو نهى عَن مُنكر (وَمن رأى) مِيكَائِيل فَإِنَّهُ يرْزق مَالا وشرفا وَعزا وَيكون سخيا جوادا (وَمن رأى) إسْرَافيل فَإِنَّهُ خبر صَالح وسفر فِيهِ معاش بمصلحة وَمَنْفَعَة (وَمن رأى) عزرائيل ملك الْمَوْت فليستعد للْمَوْت وَإِن كَانَ هُنَاكَ عليل يدل على مَوته وَرُبمَا دلّ ذَلِك على عَدو قَاصد فليعتبر بِسوء أَحْوَال الرُّؤْيَا وَمَا تدل عَلَيْهِ من صَلَاح وَفَسَاد (وَمن رأى) أَنه يقبله فَيدل على حُصُول مِيرَاث وَقيل تدل على تفرق جمَاعَة أَو حُدُوث أَمر مَكْرُوه (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة الروحانية أَو الْكِرَام الْكَاتِبين فَإِن ذَلِك شَهَادَة يرزقها أَو شَهَادَة تقع عَلَيْهِ وَمن رأى أحد الْمَلَائِكَة فِي مَوضِع فَإِن
1 / 607
أَهله يصيبون خيرا وظفرا وفرجا من هم أَو غم وَإِذا رأى جملَة من الْمَلَائِكَة فَرُبمَا يدل على عَسْكَر وَرُبمَا يكون طاعونا وحربا (وَقَالَ) بَعضهم: الْملك يعبر بِالْملكِ أَو بقاصده. (وَمن رأى) أَنه يطير مَعَ الْمَلَائِكَة فَإِنَّهُ ينَال السَّعَادَة فِي الْآخِرَة ويفوز برضوان الله وَكَرمه (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة على هَيْئَة إِنْسَان حسن الملبس والمنظر فَإِنَّهُ سرُور وَخير وَإِن رَآهُ على صُورَة قبيحة أَو نُقْصَان فَإِنَّهُ ضد ذَلِك وَإِن رأى ملكا وَأخْبرهُ بِأَمْر فَيكون كَذَلِك وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: رُؤْيَة الْمَلَائِكَة إِذا كَانُوا معروفين تدل على حُصُول شَيْء لصَاحب الرُّؤْيَا وَعز وَقُوَّة وَبشَارَة وَنَصره وَأمن وَيسر وَحج (وَمن رأى) الْمَلَائِكَة هَبَطت فِي مَكَان فَإِنَّهُ يؤول بالنصرة لأَهله (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة على صفة النسْوَة فَإِنَّهُ يؤول بكذبه على الله تَعَالَى (وَمن رأى) كَأَن الْمَلَائِكَة يلعنونه فَإِنَّهُ يؤول بِفساد دينه وَعدم اعْتِقَاده (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة يصنع شَيْئا مَعْرُوفا فَإِنَّهُ يؤول على حسن دين صَاحب تِلْكَ الصَّنْعَة وسلوكه فِيهَا وَفِي تِلْكَ الطَّرِيقَة الحميدة (وَمن رأى) أَنه صَاحب ملكا فَإِنَّهُ عز ودولة ورفعة وظفر.
٣ - (فصل فِي رُؤْيا الْوَحْي)
من رأى أَنه أوحى إِلَيْهِ أَو إِلَى غَيره بِأَمْر على لِسَان ملك مَعْرُوف الْهَيْئَة لَا يشك فِيهِ فَإِنَّهُ يعبر على سِتَّة أوجه: أَولهَا مَا يخبر بِهِ حق لقَوْل النَّبِي ﷺ الدَّال مَعْنَاهُ على ذَلِك وَالثَّانِي: تَفْوِيض أَمر إِلَيْهِ أَو وُصُول خبر من السُّلْطَان على لِسَان وَاسِطَة ثمَّ يعْتَبر الْخَبَر على مَا يظْهر مِمَّا قيل للرائي وَالثَّالِث: علو شَأْن وارتفاع مَكَان وَعز وإقبال وَالرَّابِع: زِيَادَة فِي الْعلم وَصَلَاح فِي الدّين وسياسة فِي الْأُمُور وَالْخَامِس: رُبمَا يكون مضى من عمر الرَّائِي أَرْبَعُونَ سنة إِذا كَانَ مِمَّا يعبر عَنهُ وَالسَّادِس: إِنَّه كَرَامَة من الله تَعَالَى وعصمة.
٤ - (فصل فِي رُؤْيا السَّمَاوَات)
من رأى أَنه فِي السَّمَاء الأولى فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الثَّانِيَة يحصل لَهُ علم وَحِكْمَة وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الثَّالِثَة يحصل لَهُ الْعِزّ والإقبال فِي الدُّنْيَا (وَمن رأى) أَنه فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِنَّهُ يتَقرَّب إِلَى السُّلْطَان وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الْخَامِسَة يحصل لَهُ فزع وجزع (وَمن رأى) أَنه فِي السَّمَاء السَّادِسَة يحصل لَهُ سَعَادَة وجاه (وَمن) رأى أَنه صعد إِلَى السَّمَاء وَوجد بَابهَا مغلوقا فَلَا خير فِيهِ وَيدل على عمله إِمَّا برياء أَو نقص فِيهِ (وَمن رأى) أَنه لَا يَسْتَطِيع النّظر إِلَى السَّمَاء نكس رَأسه فَإِنَّهُ يعز سُلْطَانه وَتغَير أُمُوره وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه فِي السَّمَاء فَإِنَّهُ يدل على أَنه يُسَافر سفرا عَظِيما ويجد فِي ذَلِك السّفر عزا ومرتبة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (وَمن) رأى أَنه طَار على عرض السَّمَاء يكون مثل ذَلِك وَمن رأى أَنه يُسَافر مُسْتَقِيمًا إِلَى أَن وصل إِلَى السَّمَاء يدل على وُصُول شدَّة ونصرة للرائي وَمن رأى أَنه سَار إِلَى السَّمَاء قَائِما وَلم يعد إِلَى الأَرْض يدل على انْقِضَاء عمره (وَمن رأى) أَن رَأسه وصل إِلَى السَّمَاء يدل على علو الْمنزلَة وَزِيَادَة الأبهة (وَمن رأى) انه سمع من السَّمَاء نِدَاء مُنَاد فَإِنَّهُ يكون خيرا. (قَالَ) الْكرْمَانِي: من رأى أَنه بني فِي السَّمَاء بِنَاء فَإِنَّهُ يدل على مَوته وَمن رأى أَنه بنى فِي السَّمَاء بِنَاء من الْآجر والجص يدل على أَنه يكون مغرورا فِي الدُّنْيَا وَمن رأى أَنه نزل من السَّمَاء رمل أَو تُرَاب إِن كَانَ قَلِيلا يكون جيدا وَإِن كَانَ كثيرا يكون ضد ذَلِك وَمن رأى أَنه نزل من السَّمَاء نَار أَو عقرب أَو حَيَّة أَو حجر يدل على نزُول عَذَاب الله على ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) أَنه تدلى من السَّمَاء يدل على أَنه يتَمَسَّك بدين الله وَسنة رَسُوله (وَمن رأى) أَنه مُعَلّق من السَّمَاء بِحَبل يدل على علو أمره (وَمن رأى) ابواب السَّمَاء مفتحة يدل على إِجَابَة الدُّعَاء وَكَثْرَة الأمطار وجريان الْمِيَاه لقَوْله تَعَالَى: ﴿ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر﴾ الْآيَة (وَمن رأى) أَنه صعد إِلَى السَّمَاء بسلم أَو بِسَبَب من الْأَسْبَاب نَالَ من الْملك حظرة ورفعة وَإِن صعد إِلَيْهَا بِلَا سلم وَلَا سَبَب نَالَ مِنْهُ خوفًا. (وَمن) رأى أَنه غَابَ فِي إِحْدَى السَّمَاوَات وَلم يدر بِنَفسِهِ فِي أَي سَمَاء هُوَ وَلم يرجع إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَمُوت لَا
1 / 608
محَالة لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنِّي متوفيك ورافعك إِلَيّ﴾ وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء وَلم يدر مَتى صعد إِلَيْهَا فَإِنَّهُ يدْخل الْجنَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى (وَمن رأى) أَنه وَقع من السَّمَاء فَإِن ذَلِك مَكْرُوه فِي الدّين لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء﴾ الْآيَة وَمن رأى ذَلِك سُلْطَانا أَو ذَا سُلْطَان فَإِنَّهُ يَزُول عَنهُ سُلْطَانه وَلَا يتم لَهُ أمره (وَمن رأى) أَن طَائِر طَار بِهِ إِلَى السَّمَاء وَلم يَقع فَإِنَّهُ يُصِيبهُ رفْعَة وَخيرا (وَمن رأى) فِي السَّمَاء سِرَاجًا فَإِنَّهُ يؤول ذَلِك بالشمس فَإِن رَآهُ انطفأ فَإِن الشَّمْس تكسف (وَمن رأى) أَن السَّمَاء انشقت فَإِنَّهُ اخْتِلَاف بَين النَّاس أَو كذب على الله لقَوْله تَعَالَى: ﴿تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ﴾ الْآيَة (وَقيل) رُؤْيَة السَّمَاوَات سفر وغيبة وَقيل أمطار لِأَن الْعَرَب تسمى الْمَطَر سَمَاء وأنشدوا فِي ذَلِك شعرًا:
(إِذا نزل السَّمَاء بِأَرْض قوم ... رعيناه وَإِن كَانُوا غضابا)
(وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق ﵁: (من رأى) لون السَّمَاء أَبيض يكون فِي ذَلِك الْمَكَان نعْمَة وخصب وَإِن رَآهُ أَخْضَر فَهُوَ خير وَإِن رَآهُ أصفر فَهُوَ دَاء وَمرض وَإِن رَآهُ أَحْمَر فَهُوَ حَرْب وَسَفك دم وَإِن رَآهُ أسود فَهُوَ قحط وضيق وَإِن رأى أَن السَّمَاء تتلون يكون فِي ذَلِك الْمَكَان بلَاء وفتنة عَظِيمَة. (وَمن رأى) فِي السَّمَاء عَلَامَات حَمْرَاء مثل الأعمدة يكون لمثل ذَلِك الْمَكَان قُوَّة ونصرة (وَمن رأى) أَنه عبد السَّمَاء يكون ضَالًّا بِلَا دين (وَمن رأى) أَنه نزل من السَّمَاء حِنْطَة أَو دَقِيق تكون نعْمَته مزيدة (وَمن رأى) أَن فِي السَّمَاء أشجارا أَو قناديل موقدة أَو نَحْوهَا يدل على انْتِقَال جمَاعَة من أهل الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة فَإِن عرف من ذَلِك شَيْئا أَو قيل لَهُ هَذَا لفُلَان يكون الْمُنْتَقل هُوَ بِعَيْنِه.
٥ - (فصل فِي رُؤْيَة الأفلاك)
من رأى أَن الْفلك دائر فَإِنَّهُ تحسن معيشته وَإِن رَآهُ وَاقِفًا من غير دوران يكون ضد ذَلِك (وَمن رأى) أَنه مُتَعَلق بِهِ مُتَمَكن مِنْهُ فَإِنَّهُ يهم بِأَمْر وينتج فِيهِ وَإِن لم يتَمَكَّن يكون ضد ذَلِك (وَمن رأى) أَن الْفلك يَدُور أَو يَتَحَرَّك فَإِنَّهُ يُسَافر من منزله إِلَى منزل آخر.
٦ - (فصل فِي رُؤْيا الْبَيْت الْمَعْمُور وَهُوَ يؤول على أوجه)
(قَالَ) ابْن سِيرِين: من رأى أَنه دخل فِيهِ فَإِنَّهُ يتَقَدَّم على قوم وَيظْهر بِالْعلمِ وينجح ويأمن من شَرّ الْأَعْدَاء (وَمن رأى) أَن الْبَيْت الْمَعْمُور مَوْضُوع على الأَرْض فَإِنَّهُ يدل على مصاحبة ملك عَادل (وَمن رأى) أَنه قَامَ فِي الْبَيْت الْمَعْمُور فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله (وَمن رأى) أَنه دخل أَو فعل فِيهِ شَيْئا من أَنْوَاع الْعِبَادَات فَإِنَّهُ يدل على حُصُول مُرَاده (وَقَالَ) الْكرْمَانِي: من رأى طَرِيقا مُسْتَقِيمًا من الأَرْض إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور فَإِنَّهُ يدل على كَثْرَة الْحجَّاج فِي تِلْكَ السّنة (وَمن رأى) أَن الْبَيْت الْمَعْمُور مزخرف أَو بِهِ مَا يزين فَإِنَّهُ يؤول بنظام الْأَمر ونتائج الْأَحْوَال فِي حق الْعلمَاء.
(الْبَاب الثَّالِث)
(فِي رُؤْيا الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالْحر وَالْبرد)
٣ - (فصل فِي رُؤْيا الشَّمْس)
(قَالَ) دانيال: رُؤْيا الشَّمْس تؤول بالخليفة وَالسُّلْطَان فَمن رأى أحدث فِيهَا حَادث مِمَّا يُنكر فِي الْيَقَظَة فَيكون عَائِدًا إِلَيْهَا حسب الْحَادِث (وَمن رأى) أَنه قبض الشَّمْس فِي السَّمَاء بِيَدِهِ أَو جعلهَا فِي ملكه أَو صَار شمسا أَو صَار فِي مَكَانهَا أَو أَخذ من ضوئها يحصل لَهُ السلطنة إِن كَانَ يَلِيق بِهِ ذَلِك وَإِلَّا يحصل للرائي عَظمَة وأبهة على مِقْدَاره ويتقرب عِنْده أَو يَنُوب عَنهُ (وَمن رأى) أَنه أَخذ الشَّمْس بِيَدِهِ لَكِن لَا من السَّمَاء وَلَا نور لَهَا وَلَا شُعَاع وَأَنَّهَا لم تكن مظْلمَة يحصل لَهُ
1 / 609
الْفرج من الغموم وَإِن كَانَت مظْلمَة وَلم يكن فِي مَكَان يحْتَاج السُّلْطَان إِلَى الرَّائِي فِي أَمر من الْأُمُور. (وَقَالَ) جَابر المغربي: الشَّمْس تعبر بالوالدة وَاسْتدلَّ لذَلِك بقوله تَعَالَى فِي قصَّة يُوسُف ﵇: ﴿إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكبا وَالشَّمْس وَالْقَمَر رَأَيْتهمْ لي ساجدين﴾ (وَمن رأى) الشَّمْس مضيئة قد طلعت فِي بَيته خَاصَّة يخْطب امْرَأَة من أَقَاربه وَإِن رَآهَا طلعت فِي بَيت غَيره يخْطب امْرَأَة من الْأَجَانِب وَفِي كِلَاهُمَا يحصل لَهُ خير وَمَنْفَعَة من أهل تِلْكَ الْمَرْأَة (وَمن) رأى أَنه يسْجد للشمس يظْهر مِنْهُ خَطِيئَة (وَمن رأى) الشَّمْس على الأَرْض وَلَا ضوء لَهَا يدل على عزل ملك ذَلِك الْمَكَان (وَمن رَآهَا فِي يَده مظْلمَة سَوْدَاء) يحصل للْملك وللرائي مَا يكرهانه (وَمن رأى) الشَّمْس فِي منخس وَغَابَتْ فِيهِ يدل على موت السُّلْطَان لَا محَالة. (وَقَالَ) إِسْمَاعِيل بن الْأَشْعَث: (وَمن رأى) الشَّمْس تكَلمه فَإِنَّهُ ينَال من السُّلْطَان عزا وشرفا (وَمن رأى) شمسين قد اصطكا فَإِنَّهُمَا سلطانان يقتتلان (وَمن رأى) أَن الشَّمْس طلعت من الأَرْض وأنارت كَمَا تكون فَإِن كَانَ مَرِيضا يدل على إِفَاقَته وَإِن كَانَ لَهُ غَائِب يدل على رُجُوعه سالما غانما (وَمن رأى) أَن الشَّمْس طلعت بعد مَا غَابَتْ فَإِن كَانَ فِي أَمر ملتبس ينْكَشف لَهُ أَو تنْفق سلْعَته وصناعته بعد كسادها أَو يُرَاجع زَوجته (وَمن رأى) أَن الشَّمْس طلعت من الْمغرب أَو من غير مطْلعهَا فَإِنَّهُ يكون حَادِثا يحدث أَو تكون آيَة للرائي إِن كَانَ مُطيعًا فَهِيَ تبشير وَإِن كَانَ عَاصِيا فَهِيَ إنذار (قَالَ جَعْفَر الصَّادِق): الشَّمْس تؤول عِنْد المعبرين على ثَمَانِيَة أوجه: خَليفَة وسلطان وَرَئِيس وعالم كَبِير وَعدل وَنذر وبعل امْرَأَة وَامْرَأَتَيْنِ (قَالَ) أَبُو سعيد الْوَاعِظ: (وَمن رأى) الشَّمْس تَدور حول السَّمَاء وَهُوَ نَاظر إِلَيْهَا فَإِنَّهُ يكون مرشدًا للْملك يقْتَدى بِرَأْيهِ وَرُبمَا كَانَت الشَّمْس أَمِيرا عَظِيم المزية تَوليته عَن الْخَلِيفَة وَرُبمَا كَانَت امْرَأَة جميلَة أَو جملَة من الذَّهَب.
٤ - (فصل فِي رُؤْيا الْقَمَر)
قَالَ دانيال: يؤول إِمَّا بوزير الْخَلِيفَة أَو بوزير الْملك أَو بِمن يقوم مقامهما فَمن رأى أَنه أمسك الْقَمَر أَو جعله فِي ملكه يدل على أَنه يكون وزيرا للْملك أَو مقربا عِنْده أَو خَاصّا من خواصه (وَمن رأى) أَنه حَارب الْقَمَر يدل على أَنه يحصل لَهُ الْمُحَاربَة مَعَ أحد هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين (وَمن رأى) أَنه أَقَامَ مقَام الْقَمَر أَو أَخذ مِنْهُ نورا يكون أحد هَؤُلَاءِ وَمن أَخذ الْقَمَر لَا من السَّمَاء وَلَا نور لَهُ وَلَا شُعَاع وَلم يكن مظلما يدل على الْفرج من الغموم وَإِن كَانَ مظلما وَلم يكن فِي مَكَانَهُ يدل على احْتِيَاج أحد هَؤُلَاءِ إِلَى الرَّائِي فِي أَمر من الْأُمُور (وَقَالَ) ابْن سِيرِين: إِن الْقَمَر إِذا كَانَ بَدْرًا يؤول بِالْملكِ (وَمن رأى) أَن الْقَمَر انْشَقَّ نِصْفَيْنِ يدل على هَلَاك الْملك أَو أحد هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين (وَمن رأى) أَنَّهُمَا انضما بعد الانشقاق يدل على أَن النَّاس يتظلمون مِنْهُ وَيطْلبُونَ الْعدْل (وَقَالَ) بَعضهم: تمرض زَوجته (وَمن رأى) أَن الْقَمَر كَلمه يدل على وجدان الْولَايَة ونجاح الْحَاجة (وَمن رأى) القمرين البدرين تحاربا يدل على محاربة ملكَيْنِ وَإِن كَانَا غير بدرين يدل على محاربة اثْنَيْنِ مِمَّن هُوَ دون الْملك (وَقَالَ جَابر المغربي): من رأى الْقَمَر فِي يَده أَو عِنْده يدل على أَنه يخْطب امْرَأَة فَإِن كَانَ الْقَمَر هلالا فَإِنَّهَا تكون الْمَرْأَة دونه فِي الأَصْل وَالنّسب وَإِن كَانَ نصف الْقَمَر مظلما تكون الْمَرْأَة من أَوْلَاد الموَالِي وَإِن كَانَ بَدْرًا تكون أَعلَى مِنْهُ فِي الأَصْل وَالنّسب وَإِن رَأَتْ هَذِه الرُّؤْيَا امْرَأَة فَإِنَّهُ يطْلبهَا بعل وَيكون حكم ذَلِك فِي التَّعْبِير على مَا تقدم وَإِن رأى الْقَمَر نقيا قد طلع فِي بَيته يدل على أَنه يحصل لَهُ خير من قبل ملكه أَو يخْطب امْرَأَة أَو يَشْتَرِي أمه وَإِن رَآهُ طالعا فِي بَيت أحد غَيره يدل على أَنه يخْطب امْرَأَة من أهل ذَلِك الْبَيْت وَيحصل لَهُ بِسَبَبِهَا خير ومنعة وَإِن رأى الْقَمَر منخسفًا يدل على رداءة حَال ملك ذَلِك الزَّمَان أَو حَال وزيره مثل عزل الْملك عَن مَمْلَكَته أَو الْوَزير عَن وزارته خُصُوصا إِذا انخسف بِتَمَامِهِ. (وَمن رأى) الْقَمَر هلالا طلع من مطلعه لَكِن لَا فِي أول شهر وَبعد طلوعه أَخذ نوره فِي التزايد إِلَى أَن صَار بَدْرًا يدل على أَن يُولد ولد فِي ذَلِك الْمَكَان وَيصير ملكا أَو يكون الْوَزير أَو من يقوم مقَامه ملكا (وَمن رأى) هلالا طالعا من غير مطلعه يدل على وُقُوع أَمر صَعب فِي ذَلِك الْمَكَان يحصل مِنْهُ للنَّاس غم (وَقَالَ) بَعضهم: رُؤْيا الْقَمَر تدل على ولادَة ابْن ملك ذَلِك الْمَكَان فَإِن رأى للقمر نورا زَائِدا يدل على طول حَيَاة ذَلِك الْمَوْلُود وَإِن رأى أَنه بدر يكون عمره وسطا وَإِن رَآهُ نَاقص النُّور يكون عمره قَصِيرا (وَمن رأى) أَنه عبد الْقَمَر يكون مَشْغُولًا بِخِدْمَة ملك أَو وَزِير (وَمن رأى) أَنه دنا من الْقَمَر يدل على أَنه يحصل لَهُ من ملك أَو وَزِير خيرا وَمَنْفَعَة (وَقَالَ) إِسْمَاعِيل بن الْأَشْعَث: من رأى
1 / 610
أَنه أمسك الْقَمَر أَو جَاءَ الْقَمَر إِلَيْهِ يدل على أَن تكون زَوجته حَامِلا وتلد ولدا يكون مقربا عِنْد الْملك أَو عَالما (وَمن رأى) أَن الْقَمَر خرج عَن حَده أسقطت زَوجته ولدا ذكرا وَإِن لم تكن حَامِلا فَلَيْسَ بمحمود (وَمن رأى) أَنه يَأْكُل من الْقَمَر فَإِنَّهُ يغيب أحد الْمَذْكُورين فِي صدر هَذَا الْفَصْل (وَمن رأى) أَن الْقَمَر غَابَ أَو هُوَ على المغيب فقد صَار الْأَمر الَّذِي هُوَ فِيهِ على آخِره وَكَذَلِكَ أول اللَّيْل أَو وَسطه أَو آخِره فقد يمْضِي الْأَمر بِقدر مَا مضى مِنْهُ. (وَقَالَ) أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى الْقَمَر ضوئيًا فَإِنَّهُ يؤول بِرِضا الْوَالِد وَإِذا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك فتعبيره ضِدّه وَقيل رُؤْيا اجْتِمَاع الْأَهِلّة تؤول بِالْحَجِّ لقَوْله تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج﴾ (وَمن رأى) هلالًا مُفردا وَهُوَ يرِيه للنَّاس وَلم يره غَيره فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله (وَمن رأى) هلالًا قد طلع وَغَابَ فَإِن الْأَمر الَّذِي هُوَ طَالبه لَا يتم لَهُ (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْقَمَر تؤول على سَبْعَة عشر وَجها: ملك أَو وَزِير أَو نديم الْملك أَو رَئِيس أَو شرِيف أَو جَارِيَة أَو غُلَام أَو أَمر بَاطِل أَو وَال أَو عَالم مُفسد أَو رجل مُعظم أَو ولد أَو وَلَده أَو زَوْجَة أَو بعل زَوْجَة أَو ولد أَو عَظمَة.
٥ - (فصل فِي رُؤْيا الْكَوَاكِب)
أما الدراري فَهِيَ سَبْعَة وَقد تقدم الْكَلَام فِي الشَّمْس وَالْقَمَر وَأما الْخَمْسَة الْبَاقِيَة فَهِيَ: زحل وَهُوَ صَاحب عَذَاب الْملك وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ صَاحب خزانَة أَمْوَاله والمريخ وَهُوَ صَاحب حربه والزهرة وَهِي زَوْجَة الْملك وَعُطَارِد وَهُوَ كَاتبه والنجوم الْمَعْرُوفَة فَهِيَ أعيانه وَبَاقِي النُّجُوم جيوش لَهُ (وَقَالَ) جَابر المغربي: غير الشَّمْس وَالْقَمَر من الْكَوَاكِب إخْوَة وأخوات (وَمن رأى) أَنه يملك النُّجُوم فَإِنَّهُ يملك أَشْرَاف النَّاس ويحتوي على قُلُوبهم (وَمن رأى) أَنه يضع شَيْئا مِنْهَا فَإِنَّهُ يضع للنَّاس مثل ذَلِك (وَمن رأى) أَنه أصَاب مِنْهَا أَو من نورها شَيْئا فَإِنَّهُ يُصِيب مَنْفَعَة بِقدر مَا أصَاب (وَمن رأى) النُّجُوم فِي بَيت أَو فِي السَّمَاء منيرة فَإِنَّهُ يُصِيب سُلْطَانا وَعزا ويرتفع شَأْنه وَمن رأى أَنه ينظر النُّجُوم الْمَعْرُوفَة فَذَلِك رشد وهداية وصواب فِي رَأْي وَمن رأى أَنه يَأْكُل النُّجُوم فَإِن ذَلِك غيبَة ووقيعة فِي النَّاس (وَمن رأى) أَنه أَخذ نجمًا فَإِن كَانَ لَهُ امْرَأَة حُبْلَى فَإِنَّهَا تَلد ابْنة (وَمن رأى) أَن نجما انقض عَلَيْهِ نجم أصَاب سُلْطَانا ورفعة (وَمن رأى) أَن نجما رمى بِهِ فَأَصَابَهُ يلقى من الشَّيْطَان شدَّة ثمَّ ينفرج مَا بِهِ وَإِن أصَاب سفينة غرقت أَو دَابَّة عطبت (وَمن رأى) أَن نجما سقط مَاتَ سَرِيعا (وَمن رأى) أَن رَأسه عَاد نجما فَإِنَّهُ دُيُون تنجم عَلَيْهِ. (وَمن رأى) أَن نجما سقط فِي الأَرْض فَإِنَّهُ سُقُوط رجل جليل الْقدر وَإِن كَانَ لَهُ غَائِب أقدم إِلَيْهِ وَإِن كَانَ عِنْده حَامِل فتعبير ذَلِك النَّجْم إِن كَانَ مذكرا تضع ولدا ذكر وَإِن كَانَ مؤنثا تضع بِنْتا (وَمن رأى) أَن النُّجُوم مجتمعة عِنْده فِي دَاره فَإِنَّهُ يدل على هَلَاكه (وَمن رأى) نجما طلع ثمَّ غَابَ من غير سير فَإِن الْأَمر الَّذِي يَطْلُبهُ لَا يتم لَهُ وَهُوَ أَيْضا بِمَنْزِلَة الْهَلَاك (وَمن رأى) أَنه طلع وَتمّ طلوعه وَسَار فتعبيره ضِدّه قَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى سهيلا طلع فَإِنَّهُ يدل على الإدبار ورؤيا الزهرة تدل على الإقبال ورؤيا المُشْتَرِي تدل على صفاء الْعَيْش إِلَى آخر الْعُمر والشعري تؤول بِأَمْر محَال لِأَنَّهَا كَانَت تعبد فِي الْجَاهِلِيَّة وكل مَا يعبد سوى الله فَهُوَ محَال وَقيل رُؤْيا النُّجُوم مُطلقًا تؤول بِالسَّفرِ لِأَن الْمُسَافِرين يَهْتَدُونَ بهَا فِي الْبَحْر.
٦ - (فصل فِي رُؤْيا اللَّيْل وَالنَّهَار)
أما الْأَيَّام فَيَأْتِي ذكرهَا فِي أحد فُصُول الْبَاب الثَّامِن عشر وَأما اللَّيْل وَالنَّهَار فَالْمُرَاد بهما الظلمَة والنور وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى لَيْلًا مظلما فَإِنَّهُ يدل على الْحزن وَالْغَم (وَمن رأى) لَيْلَة نيرة طيبَة وَالنَّاس يَجدونَ فِيهَا رَاحَة فَإِنَّهَا تؤول بالفرح وَالسُّرُور والعيش الطّيب وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى أَنه يمشي فِي ليل مظلم وَالطَّرِيق مُبْهَم عَلَيْهِ وَهُوَ يظنّ أَنه على جادة الطَّرِيق فَإِنَّهُ يدل على استقامته فِي طَرِيق الدّين (وَقَالَ) جَابر المغربي: من رأى اللَّيْل نَهَارا وَالشَّمْس طالعة فَإِنَّهُ يدل على الْخَيْر وَالْمَنْفَعَة وَحُصُول المُرَاد (وَمن رأى) بِخِلَافِهِ فتعبيره بِخِلَافِهِ (وَقَالَ) أَبُو سعيد الْوَاعِظ: رُؤْيا اللَّيْل تؤول بالضلالة (وَمن رأى) أَن الدَّهْر كُله ليل لَا نَهَار فِيهِ فَإِنَّهُ غم أهل ذَلِك الْمَكَان وفزع وجزع وَخَوف والظلمة ظلم لمن كَانَ أَهله (وَمن رأى) لَيْلًا وَبِه قمر وكواكب تَدور فَلَا بَأْس بِهِ (وَمن رأى) أَن دَاره ظلمَة فَإِنَّهُ يُسَافر سفرا بَعيدا وَقيل رُؤْيا الظُّلُمَات تؤول بالتحير فِي طَرِيق الدّين (وَمن رأى) أَنه فِي الظُّلُمَات ثمَّ تبدل بِالنورِ فَإِنَّهُ يدل على التَّوْبَة وَفتح أَبْوَاب الدّين (وَقَالَ) الْكرْمَانِي: من رأى أَنه كَانَ فِي الظُّلُمَات ثمَّ جَاءَ إِلَى النُّور ثمَّ رَجَعَ إِلَى الظُّلُمَات فَإِنَّهُ يؤول بالنفاق لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا أظلم عَلَيْهِم قَامُوا﴾ . (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق: والظلمات تؤول على خَمْسَة أوجه: كفر وتحير وتعسير أَمر وبدعة وَوُقُوع فِي ضَلَالَة من رأى أَنه خرج من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَكَانَ من أهل الصّلاح فَإِنَّهُ يخرج من الْفقر إِلَى الْغنى وَأما النُّور يَعْنِي النَّهَار فَإِنَّهُ يؤول بِالْهدى وَأول النَّهَار يؤول بِأول الْأَمر الَّذِي يَطْلُبهُ وَنصفه وَآخره يُقَاس على ذَلِك (وَمن رأى) أَن الدَّهْر كُله نَهَار فَإِنَّهُ يؤول باستقامة أُمُوره وَطول عمره وَرُبمَا يستشيره سُلْطَان ويقتدى بِرَأْيهِ.
٧ - (فصل فِي رُؤْيا الْحر وَالْبرد)
أما الْحر فَإِنَّهُ يؤول بالهم وَالْغَم وشدته أبلغ وَأما الْبرد فَإِنَّهُ مشقة ومحنة وَعَذَاب وَقيل فقر ومضرة (وَمن رأى) عضوا من أَعْضَائِهِ سقط من الْبرد فَإِنَّهُ يؤول بهلاكه أَو هَلَاك أحد من أَقَاربه وَقيل رُؤْيا الْبرد فِي وقته مَا لم يتَجَاوَز الْحَد فَلَيْسَ بمضر وَكَذَلِكَ الْحر وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
(الْبَاب الرَّابِع)
(فِي رُؤْيا الْقِيَامَة وأشراطها وَالْجنَّة وَالنَّار والصراط وَالْمِيزَان والحوض والحساب)
٣ - (فصل فِي رُؤْيا الْقِيَامَة وأشراطها)
(وَمن رأى) أَن الْقِيَامَة قَامَت وَبسط الله الْعدْل بَين النَّاس يدل على أَنه إِن كَانَ فِي أهل ذَلِك الْمَكَان مظلومون سلط الله على ظالميهم الشدَّة والمضرة وَإِن رأى أهل ذَلِك الْمَكَان قَائِمين بَين يَدي الله تَعَالَى وعلامة غضب الله تَعَالَى وعذابه مَوْجُودَة لَا يكون مَحْمُودًا (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْقِيَامَة تؤول فِي حق أهل الصّلاح على أَرْبَعَة أوجه: الْفَلاح والأفراح والنجاح وَالصَّلَاح وسعادة الخاتمة وَفِي حق أهل الْفساد يكون بضد ذَلِك (وَمن رأى) من أَشْرَاط الْقِيَامَة شَيْئا مثل النفخ فِي الصُّور وطلوع الشَّمْس من الْمغرب وَخُرُوج الدَّابَّة أَو نَحْو ذَلِك فَإِن تَأْوِيله فتْنَة تظهر فَيهْلك فِيهَا قوم وينجو آخَرُونَ وَيَنْبَغِي للرائي أَن يَتُوب وَخُرُوج الدَّجَّال رجل ذُو بِدعَة وضلالة يظْهر فِي النَّاس والنفخ فِي الصُّور طاعون أَو إنذار السُّلْطَان فِي بعث أَو غير أَو قِيَامَة تكون فِي الْبَلَد أَو سفر عَام إِلَى الْحَج والحشر ومجيء الله تَعَالَى لفصل الْقَضَاء واجتماع الْخلق لِلْحسابِ عدل من الله تَعَالَى يكون فِي النَّاس إِمَام عَادل يقدم عَلَيْهِم أَو يَوْم عَظِيم يرَاهُ النَّاس ويشهدونه (وَمن رأى) كَأَنَّهُ أَخذ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَازَ بالصلاح وَالثنَاء الْجَمِيل والعز (وَمن رأى) كَأَنَّهُ أَخذ كِتَابه بِشمَالِهِ هلك بالإثم أَو بالفقر وَالْحَاجة.
٤ - (فصل فِي الْحساب)
وَمن رأى أَنه ذهب بِهِ إِلَى مَكَان الْحساب يدل على الْغَفْلَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿اقْترب للنَّاس حسابهم وهم فِي غفله معرضون﴾ وَمن رأى أَنه حُوسِبَ يَقع فِي محنة وَعَذَاب لقَوْله ﵇: من نُوقِشَ الْحساب عذب (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا حِسَاب الْقِيَامَة تؤول على سِتَّة أوجه من الْعَذَاب: من ملك أَو شغل أَو دَاء أَو غم أَو عناء أَو عمر قصير.
٥ - (فصل فِي الصِّرَاط)
من رأى أَنه كَانَ قَائِما على الصِّرَاط يَسْتَقِيم على يَده أُمُور معوجة لقَوْله تَعَالَى: ﴿ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا﴾
1 / 611
(وَمن رأى) أَنه مر على الصِّرَاط يَأْمَن من البلايا والشدائد (وَمن رأى) أَنه سقط من الصِّرَاط فِي النَّار يَقع فِي فتْنَة وبلاء ومصيبة عَظِيمَة (وَقَالَ) الْكرْمَانِي: من رأى أَنه جَازَ الصِّرَاط يخْتَار طَرِيق الْخيرَات وَيعْمل أعمالا صَالِحَة وَيطْلب رضَا الله (وَمن رأى) أَنه وَقع من الصِّرَاط فِي النَّار يَأْخُذ عملا من الْملك وَيكون على يَدَيْهِ ظلم كثير وذنوب كَثِيرَة (وَمن رأى) أَنه ابتلع الصِّرَاط فَإِنَّهُ يعْمل أمرا مُسْتَقِيمًا يطْلب النَّاس إِظْهَاره مِنْهُ فيكتمه (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الصِّرَاط تؤول على سِتَّة أوجه: أَمر مُسْتَقِيم أَو أَمر صَعب أَو خوف أَو ظلم من قبل السُّلْطَان أَو ذَنْب أَو نفاق مَعَ النَّاس وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى أَنه على الصِّرَاط فَإِنَّهُ مُسْتَقِيم فِي الدّين (وَمن رأى) أَنه زل عَن الصِّرَاط وَهُوَ يبكي فَإِنَّهُ يؤول بالغفلة فِي الدّين وَلَكِن يُرْجَى لَهُ الْمَغْفِرَة وَرُبمَا دلّت رُؤْيا الصِّرَاط على الزّهْد فِي الدُّنْيَا.
٦ - (فصل فِي رُؤْيا الْمِيزَان)
من رأى الْمِيزَان فَإِنَّهُ يدل على انبساط الْعدْل وارتفاع الظُّلم لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة فَلَا تظلم نفس شَيْئا﴾ قَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا ميزَان الْقِيَامَة تؤول على سِتَّة أوجه: قَاض أَو عَالم أَو فَقِيه أَو مهندس أَو حكم بَاطِل.
٧ - (فصل فِي رُؤْيا حَوْض الْكَوْثَر)
من رأى أَن الْقِيَامَة قَامَت وَاجْتمعَ الْخلق عِنْد حَوْض الْكَوْثَر يطْلبُونَ المَاء فَإِنَّهُ يدل على ولَايَة ملك يعدل بَين النَّاس (وَمن رأى) أَنه شرب مِنْهُ فَإِنَّهُ يَمُوت على الْإِسْلَام (وَمن رأى) أَنه يَدُور حوله ويسال المَاء مِنْهُ فَيمْنَع يدل أَنه يعادي أَصْحَاب النَّبِي ﷺ وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى اسْمه مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَأخذ كأسا وَشرب مِنْهُ يدل على أَنه يصحب عَالما كَبِيرا أَو سخيا وينال مِنْهُ مَنْفَعَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقَالَ جَابر المغربي: من رأى أَنه شرب مِنْهُ متواتر وَلَكِن مَاءَهُ كدر أجاج يدل على أَن الرَّائِي منافقا وَلَا يعْتَقد الْقُرْآن وأخبار النَّبِي ﵇ ويحقر دين الْإِسْلَام وَإِن كَانَ مَاؤُهُ مثل مَا ورد فِي الْأَخْبَار وَيكون الرَّائِي من جملَة أكَابِر الْإِسْلَام الَّذين يشربون مِنْهُ وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيا الْحَوْض من حَيْثُ الْجُمْلَة تؤول على أَرْبَعَة أوجه: رجل نَافِع للنَّاس وَرجل غَنِي أَو مَال مَجْمُوع أَو عَالم ينفع النَّاس بِعِلْمِهِ وَرُبمَا دلّت عمَارَة الْحَوْض على فعل الْخيرَات وهدمه يدل على ضد ذَلِك.
٨ - (فصل فِي رُؤْيا الْجنَّة رزقنا الله إِيَّاهَا بمنه وَكَرمه)
وَمن رأى أَنه دخل الْجنَّة فَإِنَّهُ يحصل لَهُ فَرح وسرور وَبشَارَة من الله تَعَالَى بالخيرات وَقيل أَمن لقَوْله: ﴿ادخلوها بِسَلام أمنين﴾ (وَمن رأى) أَنه تنَاول من فواكه الْجنَّة أَو أعطَاهُ أحد وَأكل مِنْهَا فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِ بِمِقْدَار ذَلِك من الْخَيْر والراحة وَمن رأى أَنه تنَاول فَاكِهَة بِيَدِهِ وَأكل فَإِنَّهُ يتَعَلَّم الدّين وَيحصل سيرة الْمُتَّقِينَ وَلَا يُسْتَفَاد مِنْهُ وَمن رأى كَأَنَّهُ مَعَ الْحور فِي الْجنَّة تسهل لَهُ الأشغال الْحَسَنَة وَمن رأى أَنه مُقيم فِي الْجنَّة وَلم يعلم أَنه فِيهَا يكون فِي الدُّنْيَا ذَا نعْمَة وإقبال إِلَى انْقِضَاء أَجله (وَمن رأى) أَنه أَرَادَ الدُّخُول فِي الْجنَّة وَلَكِن منع يكون ميله فِي الدُّنْيَا إِلَى الْفساد والعصيان وَمن رأى بَاب الْجنَّة قد غلق فِي وَجهه يكون عَاق الْوَالِدين وَمن رأى أَنه قرب إِلَى الْجنَّة ثمَّ رد عَنْهَا بِمَرَض وَيُؤَدِّي مَرضه إِلَى الْمَوْت وَلم يشف. (وَمن رأى) أَن الْمَلَائِكَة قد أخذُوا بِيَدِهِ إِلَى الْجنَّة فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى الله متابًا ويرتحل من الدُّنْيَا عَن قريب وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى أَنه قيل لَهُ ادخل الْجنَّة وَلم يدْخل يتَجَنَّب عَن طَرِيق الدّيانَة (وَمن رأى) أَنه قيل لَهُ تدخل الْجنَّة يحصل لَهُ مِيرَاث (وَمن رأى) أَنه سل السَّيْف وَدخل الْجنَّة فَإِنَّهُ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر (وَمن رأى) أَنه جَالس تَحت شَجَرَة طُوبَى يحصل لَهُ مُرَاده فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿طُوبَى لَهُم وَحسن مآب﴾ ﴿وَمن رأى﴾ أَنه شرب فِي الْجنَّة شرابًا أَو لَبَنًا فَإِنَّهُ يصير غَنِيا من الْعلم وَالْحكمَة (وَمن رأى) أَنه قد امْتنع من نعم الْجنَّة فَإِنَّهُ يدل على الضَّلَالَة وَقلة الدّين لقَوْله تَعَالَى: ﴿من يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة﴾ .
1 / 613
(وَمن رأى) أَنه قد ناول أحدا من فواكه الْجنَّة فَإِنَّهُ يَسْتَفِيد من علمه (وَمن رأى) أَنه قد ألْقى فِي الْجنَّة نَارا فَإِنَّهُ يَأْكُل من بُسْتَان أحد شَيْئا حَرَامًا (وَمن رأى) أَنه أعطي قصرا فِي الْجنَّة يحصل لَهُ ولَايَة أَو ينْكح جَارِيَة وَقَالَ جَابر المغربي: من رأى رضوَان وَهُوَ فرحان يحصل لَهُ وفور السرُور وَالنعْمَة والحبور لقَوْله تَعَالَى: ﴿طبتم فادخلوها خَالِدين﴾ (وَمن رأى) أَنه على مَكَان عَال وَهُوَ على هَيْئَة الْجنَّة ويحسب أَنه فِي الْجنَّة يتَوَصَّل إِلَى سُلْطَان عَادل أَو غنى فَاضل أَو عَالم عَامل (وَمن رأى) أَنه مُتَوَجّه إِلَى الْجنَّة فَإِنَّهُ يسْلك طَرِيق الْحق (وَمن رأى) أَن بِيَدِهِ مَفَاتِيح الْجنَّة فَإِنَّهُ يتوفى على التَّوْحِيد لقَوْله ﵇: مِفْتَاح الْجنَّة لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَمن رأى أَنه فِي الْجنَّة وَحدث مِنْهُ مَا لَا يَلِيق أَن يكون بهَا فَإِنَّهُ يرتكب الْمعاصِي وَإِذا رأى الْمَرِيض أَنه دخل الْجنَّة فَإِنَّهُ يدل على مَوته وَدَفنه لقَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين يَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم ادخُلُوا الْجنَّة﴾ وَالْمرَاد بِالْجنَّةِ هُنَا الْقَبْر لقَوْل النَّبِي ﷺ: الْقَبْر إِمَّا رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁ رُؤْيا الْجنَّة تؤول على تِسْعَة أوجه علم وزهد ومنة وَفَرح وَبشَارَة وَخير وبركة وسعادة وَأمن.
(الْبَاب الْخَامِس)
(فِي رُؤْيا السَّحَاب والمطر والثلج والطل وَالْبرد والضباب والشفق وقوس قزَح)
٣ - (فصل فِي رُؤْيا السَّحَاب)
من رأى قِطْعَة من سَحَاب على رَأسه يحصل لَهُ عَظمَة بمقدارها وَينفذ أمره وَمن رأى سَحَابَة مرت على رَأسه يصحب رجلا ذَا عهد وَأَمَانَة وَيحصل مِنْهُ مُرَاده وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه يَسُوق السَّحَاب فِي الْهَوَاء يدل على أَنه يصاحب الْعلمَاء والحكماء وَإِن رأى هَذِه الرُّؤْيَا ملك أَو من يقوم مقَامه يدل على إرْسَال الرُّسُل وَأَصْحَاب الْأَخْبَار فِي ولَايَته (وَمن رأى) سَحَابَة دخلت فِي بَيته ضافه عَالم أَو حَكِيم (وَمن رأى) أَنه أَخذ السَّحَاب فِي الْهَوَاء وَجَاء بِهِ إِلَى الأَرْض يحصل لَهُ مَا لَا يحصل لأمثاله وَقيل يجد عَظمَة وعلمًا وَمن رأى أَنه فِي ظلّ السَّحَاب يجد فِي تِلْكَ السّنة خير أَو نعْمَة كَثِيرَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿وظللنا عَلَيْهِم الْغَمَام﴾ الْآيَة (وَمن رأى) أَنه خاط ثوبا من السَّحَاب ولبسه يحصل لَهُ من الْعلم مَا لَا يحصل لأمثاله وَمن رأى أَن السَّحَاب ستر جَمِيع الدُّنْيَا وَلم ينزل مِنْهُ مطر فَلَيْسَ بمحمود قَالَ الْكرْمَانِي: من رأى أَنه جمع السَّحَاب أَو حمله أَو كَلمه يدل على الْعلم وَالْحكمَة وَمن رأى أَنه بَين يَدَيْهِ وَلَكِن لم يسْتَطع أَن يجمعه يدل على أَنه يكون مَعَ الْحُكَمَاء وَلَا يحصل لَهُ من حكمتهم شَيْء وَقَالَ جَابر المغربي: من رأى سحابا أسود مخوفا منبسط فَوق مَوضِع يدل على غضب الله وعذابه. (وَمن رأى) سحابا انبسط فِي بَيته أَو فِي ثَوْبه يدل على حُصُول علم وَحِكْمَة لأولاده وَأهل بَيته بِمِقْدَار ذَلِك السَّحَاب وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن الْأَشْعَث: والسحاب الْأسود خوف وسحاب الْمَطَر بركَة وَخير ورخاء وَرُبمَا يكون غما وَأما السَّحَاب الَّذِي يجاء بِهِ من شاطئ الْبَحْر وَيُقَال لَهُ أسفح فَهُوَ يدل على الْغَنِيمَة وَقيل من رأى أَنه أَخذ شَيْئا من السَّحَاب فَإِنَّهُ يكثر الْحَرْث وَالزَّرْع والضياع وَمن رأى أَنه ركب السَّحَاب فَإِنَّهُ يدْرك حِكْمَة متنوعة وَمن رأى أَن السحابة استقبلته فَإِنَّهَا أَمن وَعدل وَبشَارَة وراحة من كل غم وَإِن كَانَ الرجل من أهل الْفساد فَإِنَّهَا عُقُوبَة وَعَذَاب ينزل مِنْهَا وَمن رأى أَن السَّحَاب سقط على الأَرْض فَإِنَّهَا سيول وأمطار تنزل وجراد ينتشر وغارات أَعدَاء على تِلْكَ الأَرْض إِن كَانَ مَعَ السَّحَاب ريح شَدِيد أَو ظلمَة أَو مَا يكره فِي التَّأْوِيل وَمن رأى أَن السَّحَاب غطى الشَّمْس فَإِن الْملك يَمُوت أَو يفر أَو يعْزل وَمن رأى أَنه ركب السَّحَاب فَإِنَّهُ يتَزَوَّج إِن كَانَ عزبا أَو يركب سفينة إِن أمل سفرا فِي الْبَحْر أَو صَار بعسكر أَو برفقة وَيَرْفَعهُ السُّلْطَان أَعلَى منزلَة وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا السَّحَاب تؤول على تِسْعَة أوجه: حِكْمَة ورياسة وَملك وَرَحْمَة وعفة وَعَذَاب وقحط وبلاء وفتنة.
٤ - (فصل فِي رُؤْيا الْمَطَر)
قَالَ دانيال: رُؤْيا الْمَطَر تؤول بِالْخَيرِ وَالرَّحْمَة من الله تَعَالَى إِذا كَانَ عَاما لقَوْله تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي ينزل الْغَيْث من
1 / 614
بعد مَا قَنطُوا وينشر رَحمته﴾ فَإِن نزل الْمَطَر فِي وقته تحبه النَّاس وَيكون مرضيًا وَإِن نزل فِي غير وقته لَا تحبه النَّاس وَيكون مذموما وَإِذا كَانَ الْمَطَر خَاصّا مثل أَن ينزل على دَار أَو محلّة فَهُوَ دَاء وَمرض أَو بلَاء ومحنة وَإِن نزل الْمَطَر هَنِيئًا يكون خير أَو مَنْفَعَة (وَمن رأى) أَن الْمَطَر نزل فِي أول السّنة أَو أول الشَّهْر يحصل فِي تِلْكَ السّنة أَو فِي ذَلِك الشَّهْر رخاء ونعمة وَإِن نزل الْمَطَر شَدِيدا مثل الطوفان يلْحق أهل ذَلِك الْمَكَان غم عَظِيم وَإِن رأى مَرِيض أَنه نزل مطر خَفِيف متواتر شفى وَإِن رأى مَطَرا شَدِيدا كدرا نزل على التَّوَاتُر يهْلك فِي ذَلِك الْمَرَض وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى مَطَرا شَدِيدا كدرًا نزل على التَّوَاتُر فِي وقته على الدَّوَام يلْحق بِأَهْل ذَلِك الْمَكَان عَسْكَر دَاء وبلاء وَمن رأى أَنه مسح بِمَاء الْمَطَر يَأْمَن من الْخَوْف وَمن رأى أَنه جَاءَ من كل قَطْرَة من قطرات الْمَطَر صَوت يزْدَاد عزه وجاهه وينتشر اسْمه فِي ذَلِك الْمَكَان وَإِن رأى مَطَرا عَظِيما نزل وَجرى فِي كل مَكَان مِنْهُ نهر وَلم يلْحق الرَّائِي مِنْهُ ضَرَر يكون متعصبا بِالْملكِ ويكف شَره من نَفسه وَإِذا لم يسْتَطع أَن يعبره لَا يَسْتَطِيع أَن يدْفع شَره وَإِن نزل من الْهَوَاء مَاء مثل الْمَطَر يحصل فِي ذَلِك الْمَكَان مرض وَعَذَاب. (وَمن رأى) أَنه يشرب من مَاء الْمَطَر فَإِن كَانَ صافيا أصَاب خيرا وَإِن كَانَ كدرًا مرض بِقدر مَا شرب (وَمن رأى) أَن مَطَرا ينزل من السَّمَاء لَيْسَ كَهَيئَةِ الْمَطَر فَإِن كَانَ نَوعه محبوبا كَانَ صلاحا وَإِن كَانَ مَكْرُوها كَانَ بلَاء وفتنة (وَمن رأى) أَنه اغْتسل بِمَاء الْمَطَر أَو تَوَضَّأ بِهِ فَإِنَّهُ صَلَاح فِي دينه ودنياه وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْمَطَر تؤول على اثنى عشر وَجها رَحْمَة وبركة واستغاثة وَمرض وبلاء وَحرب وَسَفك دم وفتنة وقحط وإيمان وَكفر وَكذب.
٥ - (فصل فِي رُؤْيا الثَّلج)
من رأى الثَّلج يلْحقهُ غم وداء وَعَذَاب إِلَّا أَن يرَاهُ قَلِيلا نزل فِي وقته (وَمن) رأى ثلجًا فِي الشتَاء أَو فِي أَرض يكون الثَّلج فِيهَا مُتَّصِلا يدل على النِّعْمَة والرخاء وَقَالَ جَابر المغربي: يدل على هزيمَة الْعَسْكَر خُصُوصا إِذا كَانَ بِالرِّيحِ وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِن رأى الثَّلج فِي مَكَان بَارِد يكون خيرا وَإِن رَآهُ فِي مَكَان حَار يدل على الْقَحْط وَالْغَم وَإِن أكل الثَّلج إِن كَانَ فِي الشتَاء كَانَ أحسن مَا يكون فِي الصَّيف وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق رُؤْيا الثَّلج تؤول على سِتَّة أوجه رزق وَاسع وحياة وَمَال كثير وَرخّص السّعر وعسكر وَمرض إِن جمعه فِي الصَّيف.
٦ - (فصل فِي رُؤْيا الطل وَهُوَ الندى)
من رأى الطل نزل على الْأَشْجَار فأورقت يصل من رجل كريم إِلَى قوم ذَلِك الْمَكَان خير.
٧ - (فصل فِي رُؤْيا الْبرد)
قَالَ الْكرْمَانِي: رُؤْيا الْبرد عَذَاب وضيق واحتياج وَإِن نزل فِي وقته قَلِيلا يحصل لأهل ذَلِك الْمَكَان رخاء وَقيل من رأى الْبرد وَقع بِأَرْض فَإِنَّهُ غوث من الله تَعَالَى مَا لم يفْسد شَيْئا وَإِن فحش فَهُوَ عَذَاب ينزل بذلك الْمَكَان وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الْبرد تؤول على خَمْسَة أوجه: بلَاء وخصومة وعسكر وقحط وَمرض.
٨ - (فصل فِي رُؤْيا الضباب)
من رأى فِي مَنَامه ضبابا قد صب عَلَيْهِ فَهُوَ رجل يُرِيد الْبَاطِل فليتق الله ربه وَقيل من رأى ضبابا فَإِنَّهُ يهتم ويحزن وَإِن رَآهُ انْكَشَفَ عَنهُ فَهُوَ ينجلي عَنهُ ذَلِك (وَمن) رأى أَنه غطى شَيْئا ثمَّ انْكَشَفَ فَهُوَ أَمر غم عَلَيْهِ ثمَّ يَتَّضِح لَهُ.
٩ - (فصل فِي رُؤْيا الشَّفق)
من رأى الشَّفق فَإِنَّهُ يدل على طلب أَمر وَإِن رَآهُ غَابَ فَإِنَّهُ يدل على انْتِهَاء الْأَمر الْمَطْلُوب وَأَنه صَار إِلَى آخر.
1 / 615
١٠ - (فصل فِي رُؤْيا قَوس قزَح)
من رَآهُ أصفر يدل على الْعلَّة وَالْمَرَض يُصِيب أهل ذَلِك الْمَكَان وَإِن رَآهُ أَحْمَر يدل على الْحَرْب وَسَفك الدَّم بَين أهل ذَلِك الْمَكَان وَإِن رَآهُ أَخْضَر يدل على الرخَاء وَالنعْمَة فِي ذَلِك الْمَكَان وَقَالَ جَابر المغربي: من رأى فِي السَّمَاء عَلامَة حَمْرَاء مثل العمود تحصل للْملك الَّذِي لذَلِك الْمَكَان قُوَّة وَإِن كَانَت سَوْدَاء يكون تَأْوِيله بضد ذَلِك وَقيل من رأى قَوس قزَح طلع من الأَرْض ثمَّ امْتَدَّ إِلَى أَن وصل السَّمَاء يدل على أَمر يظْهر من أهل تِلْكَ الأَرْض فَإِن غَابَ فَلَا يكون لما ظهر مِنْهُم أصل وَلَا تَأْثِير وَلَا قُوَّة (وَمن رأى) أَنه مضيء فَهُوَ حسن وَإِن رَآهُ مظلما فَهُوَ قَبِيح وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
(الْبَاب السَّادِس)
(فِي رُؤْيا الْبَرْق والرعد وَالصَّوَاعِق والرياح والسراب)
٣ - (فصل فِي رُؤْيا الْبَرْق)
وَمن رأى الْبَرْق فَإِنَّهُ حُصُول خوف شَدِيد لَهُ وَلأَهل تِلْكَ الأَرْض لقَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا﴾ وَقيل إِن الْبَرْق خَازِن دَار الْملك (وَمن رأى) أَنه أَخذ من الْبَرْق شَيْئا يطْلب امرا يحصل لَهُ فِيهِ خير وَمَنْفَعَة وَإِن لمع الْبَرْق دَائِما تكون النِّعْمَة فِي تِلْكَ السّنة كَثِيرَة خُصُوصا إِذا هَب مَعَه ريح خَفِيف وَقيل من رأى الْبَرْق يلوح على عمَارَة مُرْتَفعَة وَالنَّاس يصيحون بأصواتهم يدل على زِيَارَة الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وَقيل إِن الْبَرْق يؤول بِالذَّهَب لِأَنَّهُ يَبْرق مثل الذَّهَب وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: هُوَ خَازِن دَار الْملك ووعد وعتاب وَرَحْمَة وَطَرِيق مُسْتَقِيم.
٤ - (فصل فِي رُؤْيا الرَّعْد)
رُؤْيا الرَّعْد خوف من عَامل الْملك أَو من أعوانه وَإِن كَانَ مَعَ الرَّعْد مطر يكون الْأَمْن والرخاء وَإِن كَانَ الرَّعْد شَدِيدا والمطر قَلِيلا يدل على خوف الرَّائِي من دُعَاء وَالِديهِ عَلَيْهِ وَمن سمع صَوت الرَّعْد فِي وَقت نزُول الْمَطَر فَإِنَّهُ يدل على حُصُول الْخَيْر وَالْبركَة والرخاء فِي ذَلِك الْمَكَان وَقَالَ جَابر المغربي: صَوت الرَّعْد الشَّديد يدل على انبساط صيت الْملك وهيبته فِي ذَلِك الْمَكَان وَإِن رأى الرَّعْد مَعَ الْبَرْق وَفِي الْهَوَاء ظلمَة شَدِيدَة يدل على ظُهُور ملك جَائِر فِي ذَلِك الْمَكَان وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيا الرَّعْد تؤول على خَمْسَة أوجه الْعَذَاب وَالْحكمَة وَالرَّحْمَة والصولة وَغَضب الْملك.
٥ - (فصل فِي رُؤْيا الصَّوَاعِق)
قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى الصاعقة سَقَطت يلْحق أهل ذَلِك الْمَكَان بِقَدرِهَا عَذَاب من الله لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَيُرْسل عَلَيْهَا حسبانا من السَّمَاء فَتُصْبِح صَعِيدا زلقا﴾ فَيَنْبَغِي لَهُم أَن يتوبوا من ذنوبهم إِلَى الله تَعَالَى وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى صَاعِقَة نزلت من السَّمَاء أَو من الْهَوَاء مثل الْمَطَر فَهُوَ بلَاء وفتنة وَسَفك دِمَاء من جِهَة حَرْب يَقع بَين الْمُلُوك وَقَالَ جَابر المغربي: من رأى صَاعِقَة سَقَطت وأحرقته يهْلك من عُقُوبَة ملك أَو يمرض أَو يلْحقهُ آفَة عَظِيمَة تهلكه وَقيل أَن الصاعقة وعد من الْملك وتخويف لقَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن أَعرضُوا فَقل أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود﴾ (وَمن رأى) أَن صَاعِقَة وَقعت فِي بلد وأحرقت أرْضهَا فَإِن ذَلِك سُلْطَان ينزل فِي ذَلِك الْمَكَان أَو يحدث فِيهَا فَسَادًا أَو حَرْب أَو غلاء شَدِيد أَو أمراض تعم أهل ذَلِك الْمَكَان وَإِن وَقعت بِغَيْر نَار فَهِيَ ملك مقبل يظنّ بِالنَّاسِ سوءا وينجون من بأسه (وَمن رأى) أَن صَاعِقَة وَقعت فِي دَاره فَإِن كَانَ عِنْده مَرِيض مَاتَ وَإِن كَانَ لَهُ غَائِب يطْرق لَهُ قصّ أَو يَسْطُو عَلَيْهِ صَاحب الْمَدِينَة.
1 / 616
٦ - (فصل فِي رُؤْيا الرِّيَاح)
قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَن الرّيح هبت هبوبًا شَدِيدا فَإِنَّهُ يلْحق أهل ذَلِك الْمَكَان خوف وَإِن اشْتَدَّ هبوب الرّيح حَتَّى قلعت الْأَشْجَار يلْحق أهل ذَلِك الْمَكَان بلَاء ومصيبة مثل عِلّة الطَّاعُون والنقطة والحصبة قَالَ الْكرْمَانِي: الرّيح السمُوم يدل على الْأَمْرَاض المحرقة وَالرِّيح الزَّمْهَرِير تدل على الْأَمْرَاض الْبَارِدَة وَالرِّيح المعتدلة تدل على الصِّحَّة وَالرِّيح الَّتِي تجْعَل الْأَشْجَار حاملة تدل على صَلَاح أهل ذَلِك الْمَكَان. (وَمن رأى) أَن الرّيح أذهبته من مَكَانَهُ يدل على أَنه يُسَافر سفرا بَعيدا أَو يحصل لَهُ فِي ذَلِك السّفر جاه وأبهة بِقدر ذهابها إِيَّاه من الأَرْض إِلَى السَّمَاء وَقَالَ جَابر المغربي: من أذهبه الرّيح الشَّديد إِلَى جَانب السَّمَاء فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله وَإِن جَاءَ بِهِ بعد الذّهاب من السَّمَاء إِلَى الأَرْض فَإِنَّهُ يمرض وَيحصل لَهُ الشِّفَاء (وَمن رأى) انه جلس على الرّيح يحصل لَهُ العظمة ونفاذ الْأَمر (وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن الْأَشْعَث): وَمن رأى أَن ريح الْمشرق هبت فَإِنَّهُ يدل على الْخَيْر وعَلى صِحَة أهل ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) ريح الْمغرب هبت خَفِيفا يكون مثل ذَلِك (وَمن رأى) أَن الرّيح الْجنُوب هبت خَفِيفا فَإِنَّهُ يدل على ازدياد المَال وَالنعْمَة لأهل ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) ريح الشمَال هبت خَفِيفا فَإِنَّهُ يدل على الشِّفَاء والراحة وَإِن هبت شَدِيدا لَا يكون خيرا وَإِن سمع صَوت الرّيح يدل على انبساط خبر ملك كَبِير فِي ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) أَن الرّيح حملت أَقْوَامًا ورفعتهم إِلَى الجو فَإِنَّهُ يدل على حُصُول الشّرف والسيادة لَهُم. (وَمن رأى) أَن الريحين تقابلا فانهما جيشان يتقابلان (وَمن رأى) إعصارا قد أقبل ثمَّ انبسط على الأَرْض فانهم قوم يخرجُون إِلَى حَرْب أَو شَرّ ثمَّ يصطلحان (وَمن رأى) أَن الرّيح اشتدت عَلَيْهِ حَتَّى كَادَت ترميه من مَكَانَهُ فَإِنَّهُ عَدو فليحذر (وَمن رأى) أَنه يملك الرّيح فَإِنَّهُ يُصِيب سلطنة وَعزا (وَمن رأى) أَن الرّيح فِيهَا غبرة أَو ظلمَة فَإِنَّهُ هم وَخَوف شَدِيد وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُؤْيَة الرّيح تؤول على تِسْعَة أوجه: بِشَارَة ونفاذ أَمر وَمَال وَمَوْت وَعَذَاب وَقتل وَمرض وشفاء وراحة.
٧ - (فصل فِي رُؤْيا السراب)
قَالَ ابْن سِيرِين: رُؤْيا السراب بَاطِل وَعلم لَا خير فِيهِ وَلَا مَنْفَعَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة﴾ .
(الْبَاب السَّابِع)
(فِي رُؤْيا الْأَنْبِيَاء والآل وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْخُلَفَاء وأنسابهم)
٣ - (فصل فِي رُؤْيا الْأَنْبِيَاء)
قَالَ ابْن سِيرِين: رُؤْيا أولى الْعَزْم من الرُّسُل تدل على الْعِزّ والشرف ورؤيا الرُّسُل تدل على الظفر والنصر ورؤيا النَّبِي دين وديانة وَأَدَاء أَمَانه وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى النَّبِي فَرحا مَسْرُورا ذَا بشاشة يدل على الْعِزّ والجاه وَالظفر وَإِن رَآهُ غَضْبَان عبوس الْوَجْه يدل على الشدَّة وَالْعلَّة وَرُبمَا يجد بعْدهَا فرجا وَإِن رأى أَنه سمع أَو أَخذ شَيْئا من نَبِي يُصِيب نَصِيبا من علم ذَلِك النَّبِي وَيكون مَسْرُورا وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: من رأى آدم ﵇ إِن كَانَ أَهلا يُصِيب السِّيَادَة وَالْولَايَة الْعَظِيمَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿اني جَاعل فِي الأَرْض خليفه﴾ وَإِن لم يكن أَهلا لَهُ يَتُوب لقَوْله تَعَالَى: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ وَهدى﴾ (وَمن رأى) أَنه كلم آدم ﵇ يحصل لَهُ علم وَمَعْرِفَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا﴾ (وَمن رأى) إِنَّه لم يطع آدم ﵇ يدل على نحوسته وعصيانه وَقيل من رأى آدم فَهُوَ حُصُول خير وَإِن رأى أَنه ذبح آدم فَإِنَّهُ عَاق لوَالِديهِ أَو معلميه (وَمن رأى) حَوَّاء يدل على وجدان دولة الدُّنْيَا وازدياد مَال ونعمة وَأَوْلَاد وإصابة مُرَاد يهواه.
1 / 617
(وَمن رأى شَيْئا) يكون عَيْشًا طيبا وَيحصل لَهُ مَال وَأَوْلَاد وَقيل من رأى شَيْئا فَإِنَّهُ يدل على أَنه وصّى ومقدم على أُمُور عِظَام وانه يُوفي بِالْوَصِيَّةِ ويؤديها حَقًا لِأَن شَيْئا كَانَ وَصِيّا على وَجه الأَرْض من رأى ادريس يحسن أمره وَيكون عاقبته محموده وَقيل من رأى ادريس يدل على اجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة وان يكون فِيهَا بَصيرًا فَإِن ادريس كَانَ أعدل أهل زَمَانه وأعرفهم بالحكمة (وَمن رأى) نوحًا يطول عمره وَلَكِن يصادفه من الاعداء ضَرَر وتعب وعاقبة الْأَمر يحصل مُرَاده وَقيل: من رأى نوحًا يكون لَهُ أَعدَاء وجيران يحسدونه وينجيه الله تَعَالَى من شرهم وينتقم الله مِنْهُم (وَمن رأى) هودا فَإِن الأعادي تتسلط عَلَيْهِ وَهُوَ يظْهر عَلَيْهِم وَقيل (وَمن رأى) هودا فَإِنَّهُ يفوز برشد وَخير وينجو قوم من سوء على يَدَيْهِ (وَمن رأى) لوطا فَإِنَّهُ يتَحَوَّل من مَكَان إِلَى مَكَان وعاقبة أمره تكون محمودة فِي تسهيل اشغاله وَقيل من رأى لوطا فَإِنَّهُ يكون لَهُ امْرَأَة فاسقة لَا خير فِيهَا فَلْينْظر فِي مصْلحَته مَعهَا وَإِن كَانَ مِمَّن يعْمل عمل قومه فليتق الله وليتب. (وَمن رأى) صَالحا فتعبيره فِي إشتقاق اسْمه وَقيل من رأى إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ يحجّ وَقيل يصل إِلَيْهِ جور من سُلْطَان ظَالِم وَقَالَ بَعضهم يُخَالف أَبَوَيْهِ وَقيل من رأى إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ يرْزق محبَّة الله تَعَالَى وَيذْهب همه وغمه ويصيب خيرا وَدُنْيا وَاسِعَة (وَمن رأى) إِسْمَاعِيل يَعْلُو قدره وتقضى حَوَائِجه وَقيل من رأى إِسْمَاعِيل يدل على إِنْسَان صَدُوق أَو يوعده أحد بوعد وَيصدق فِيهِ (وَمن رأى) إِسْحَاق يحصل لَهُ بِشَارَة وَفتح وغنيمة لقَوْله تَعَالَى: ﴿وبشرناه باسحاق نَبيا من الصَّالِحين﴾ وَقيل من رأى إِسْحَاق فَإِنَّهُ نجاة من عقوق أَصله (وَمن رأى) يَعْقُوب فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِ هم وغم من جِهَة الْأَوْلَاد ويفرح بعد ذَلِك وَقيل من رأى يَعْقُوب فَإِن كَانَ لَهُ غَائِب يَأْتِي بِخَير وَبشَارَة (وَمن رأى) يُوسُف فَإِنَّهُ يحصل لَهُ من جِهَة أَقَاربه بهتان وَفِي عاقبته يصل إِلَى مرتبَة السُّلْطَان ويعلو قدره ويبلغ مُرَاده وَقيل من رأى يُوسُف رُبمَا يحصل لَهُ هم من قبل امْرَأَة وعاقبته إِلَى خير وَرُبمَا دلّت رُؤْيَته على بشرى (وَمن رأى) شعيبا فَإِن النَّاس يقهرونه ثمَّ بعد ذَلِك يظفر على من يَقْهَرهُ (وَمن رأى) مُوسَى ﵇ فَإِنَّهُ يَبْتَلِي بالأهل والعيال ثمَّ يَسْتَقِيم حَاله ويظفر لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ من رَحْمَتنَا أَخَاهُ هَارُون نَبيا﴾ وَقَالَ بَعضهم: يهْلك فِي هَذِه الديار سُلْطَان ظَالِم وَقيل من رأى مُوسَى فَإِنَّهُ يدل على أَنه رجل مغلوب ثمَّ يظفر بالنصر على أعدائه ويقهر من يعاديه وَإِن كَانَ فِي بَحر ينجو سالما وَمن أعطي عَصا مُوسَى فِي مَنَامه فَإِنَّهُ يرْزق علم الكيمياء حَقًا وينجو مِمَّا يخَاف وَمن أعْطى سيف على يرْزق الشجَاعَة حَقًا (وَمن رأى) هَارُون يكون خَليفَة أَو رجلا كَبِيرا يُصِيب بلَاء وخصومة وَتَكون عاقبته إِلَى خير. (وَمن رأى) اليسع تيَسّر امْرَهْ العسير (وَمن رأى) دَاوُد فَإِنَّهُ يحصل لَهُ ضَرَر وضيق صَدره من جِهَة الْعِيَال وَقيل من رأى دَاوُد يكون خَليفَة فِي أَهله وَرُبمَا ينَال خيرا وَحكما وملكًا وَرُبمَا يبتلى بِسَبَب امْرَأَة وَرُبمَا كَانَ عِنْده شَيْء مدخر فاثر فِيهِ السوس فلينقذه (وَمن رأى) سُلَيْمَان فَإِنَّهُ يَعْلُو قدره ويصل إِلَى مرتبَة السُّلْطَان ان كَانَ مِمَّن يَلِيق بِهِ ويزداد مَاله وَنعمته وَقيل نَفاذ أَمر وَحُصُول خير على كل حَال وَقيل من رأى سُلَيْمَان فَإِنَّهُ يدل على السّفر وَالرُّجُوع مِنْهُ عَن قريب وَرُبمَا ينَال سَلامَة لاشتقاق الِاسْم (وَمن رأى) زَكَرِيَّا فَإِن الله تَعَالَى يوفقه لفعل الْخيرَات وَقيل من رأى زَكَرِيَّا فَإِنَّهُ يرْزق ولدا صَالحا (وَمن رأى) يحيى فَإِنَّهُ يتَجَنَّب عَن اكْتِسَاب الدُّنْيَا وأشغالها وَيكون مَشْغُولًا بأشغال الْآخِرَة وَقيل من رأى يحيى فَإِنَّهُ يدل على حَيَاة ودولة وبشرى وَخير (وَمن رأى) الْخضر فَإِنَّهُ يُسَافر سفرا بَعيدا بِالسَّعَةِ والأمان وَقيل من رأى الْخضر فَإِنَّهُ يحجّ وَيكون عمره طَويلا. (وَمن رأى) إلْيَاس فَإِنَّهُ يسهل عَلَيْهِ الْأُمُور الصعاب وَقيل من رأى إلْيَاس فَإِنَّهُ يدل على أَنه يَدْعُو الله تَعَالَى فيستجاب لَهُ (وَمن رأى) أَيُّوب فَإِنَّهُ يخلص من الْأَمْرَاض والأوجاع وتنصلح أَحْوَاله وَقيل من رأى أَيُّوب فَإِن كَانَ مَرِيضا أَو عِنْده مَرِيض يحصل لَهُ الشِّفَاء من الله تَعَالَى (وَمن رأى) يُونُس فَإِنَّهُ يحصل لَهُ الْفرج بعد الشدَّة وَالسُّرُور بعد الثبور وَيخرج من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَقيل من رأى يُونُس فَإِنَّهُ يخرج من الضّيق إِلَى الفضاء (وَمن رأى) ذَا الكفل فَإِن كَانَ مِمَّن تلِيق بِهِ الْكفَالَة فَإِنَّهُ يتقلدها وَإِن لم يكن فيؤتمن أَمَانَة (وَمن رأى) لُقْمَان يرزقه الله تَعَالَى حِكْمَة وسدادًا ورأيا صَالحا (وَمن رأى) ذَا القرنين فَإِنَّهُ يتبع رجلا كَبِيرا ويشفع عِنْده وَتقبل شَفَاعَته وتقضى حَاجته (وَمن رأى) عِيسَى فَإِنَّهُ يحيى أشغاله الْميتَة وَيُقَوِّي الطَّاعَات وَيحصل لَهُ التَّوْفِيق لفعل الْخيرَات وَقيل من رأى عِيسَى يرْزق الْعِبَادَة والزهد وَالتَّقوى وَرُبمَا كثرت أَسْفَاره وينجو مِمَّا يخَاف وَرُبمَا رزق علم الطِّبّ حَتَّى لَا يكون فِي زَمَانه مثله (وَمن رأى) أمه مَرْيَم فانها آيَة عَظِيمَة تظهر فِي ذَلِك الْموضع (وَمن رأى) الْمُصْطَفى ﷺ فَإِنَّهُ يحصل لَهُ الْفرج بعد الْغم وَيقْضى دينه
1 / 618
وَإِن كَانَ مَحْبُوسًا أَو مُقَيّدا فَإِنَّهُ يتَخَلَّص من حَبسه وَقَيده ويأمن من خَوفه وَإِن كَانَ فِي ضيق وقحط توافرت النِّعْمَة وَالْخَيْر عَلَيْهِ وَأما إِذا كَانَ غَنِيا فَإِنَّهُ يزْدَاد غنى وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة ﵁: سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول: من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي حَقًا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي وَقيل رُؤْيَته ﵇ تدل على سَعَادَة العقبى وَقيل ان كَانَ مَغْلُوبًا ينتصر على أعدائه وَإِن كَانَ مَرِيضا شفَاه الله تَعَالَى. (وَمن رأى) أَنه يزور نَبيا من الْأَنْبِيَاء سَوَاء كَانَ حَيا أَو مَيتا فَإِن ذَلِك يؤول على ثَلَاثَة أوجه: الأول ان كَانَ متقيًا زَادَت تقواه وَإِن كَانَ عَاصِيا تَابَ الله عَلَيْهِ وَالثَّانِي يزوره كَمَا رأى أَو حُصُول خير وبركة وَالثَّالِث دَلِيل أَنه من أهل الْجنَّة وَمن الفائزين (وَمن رأى) أَنه يسب نَبيا فَإِنَّهُ يطعن فِيمَا أَتَى بِهِ (وَمن رأى) نَبيا ازْدَادَ طولا أَو عرضا عَمَّا هُوَ فَتكون فِي النَّاس فتْنَة (وَمن رأى) أحدا مِنْهُم ﵈ وَهُوَ شيخ كَبِير فَإِنَّهُ يكون رَاحَة لأهل ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) أحدا مِنْهُم وَهُوَ فِي صُورَة حَسَنَة فَإِنَّهُ صَلَاح فِي دينه ودنياه (وَمن رأى) أَن أحدا مِنْهُم ألبسهُ شَيْئا من مَتَاع الدُّنْيَا وَأَعْطَاهُ فَهُوَ حُصُول بركَة وشفاعة يَوْم الْقِيَامَة (وَمن رأى) أَنه أعْطى أحدا مِنْهُم بِشَيْء من مَتَاع الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يهمل سنته وَلَيْسَ ذَلِك بِصَالح إِن أعطَاهُ شَيْئا مِمَّا يسْتَحبّ نَوعه فَإِنَّهُ يفعل الْخيرَات (وَمن رأى) أَنه نبش قبر أحد من الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهُ يتبع سنته وَإِن وجد من عظمه شَيْئا يكون اتِّبَاعه أبلغ وَحصل مُرَاده من ذَلِك. (وَمن رأى) أحدا من الْأَنْبِيَاء وَهُوَ يَأْمُرهُ بِمَا يُخَالف الشَّرِيعَة يكون ذَلِك نهيا لَهُ وزجرًا وتهديدًا لقَوْله ﵇: إِذا لم تستح من الله فَاصْنَعْ مَا شِئْت فَإِن ذَلِك لَيْسَ بِأَمْر على فعل وَإِنَّمَا هُوَ تهديد (وَمن رأى) أحدا من الْأَنْبِيَاء فِيهِ نُقْصَان فَإِنَّهُ يدل على نُقْصَان دين الرَّائِي فليتق الله (وَمن رأى) أحدا من الْأَنْبِيَاء على غير صُورَة حَسَنَة فَهُوَ قريب من ذَلِك وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيا الْأَنْبِيَاء أَو أحد مِنْهُم يؤول على أحد عشر وَجها: رَحْمَة ونعمة وَعز وعلو قدر ودولة وظفر وسعادة ورياسة وَقُوَّة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَالْخَيْر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وراحة لأهل ذَلِك الْمَكَان وَقَالَ: من رأى أَنه يناقش أحدا من الْأَنْبِيَاء ويجادله وَيرْفَع عَلَيْهِ صَوته فَإِن ذَلِك بِدعَة قد أحدثها فِي الدّين وَالسّنَن (وَمن رأى) أَنه يقْتله فَلْينْظر فِيمَا يرْوى عَنهُ فليتق الله تَعَالَى ولينته (وَمن رأى) أَنه يلبس ملبوس الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهُ صَالح لدينِهِ ودنياه (وَمن رأى) أَنه صَار نَبيا فَإِنَّهُ يَمُوت شَهِيدا أَو يرْزق الصَّبْر وَالْعِبَادَة والاحتساب على المصائب (وَمن رأى) أَنه يفعل بعض أَفعَال النَّبِيين من الْعِبَادَة وَالْبر فَهُوَ دَلِيل على حسن دينه وَصِحَّة يقينه للشَّرْع وَإِذا رأى مَا لَا يُنَاسب فِيهَا فَهُوَ ضد ذَلِك وَقيل تفريج هم وغم (وَمن رأى) أحدا مِنْهُم وَفِيه نُقْصَان أَو عيب فَإِنَّهُ قلَّة دين.
٤ - (فصل فِي رُؤْيا الصَّحَابَة)
من رأى أَبَا بكر الصّديق ﵁: وَهُوَ فرحان طلق الْوَجْه فَإِنَّهُ فَرح وسرور على قَول ابْن سِيرِين: وَقيل تَحْصِيل علم وَمن رَآهُ فِي مَكَان مَعْرُوف وَهُوَ على هَذِه الْهَيْئَة فَإِنَّهُ حُصُول خير لأهل ذَلِك الْمَكَان وَإِن رَآهُ وَهُوَ عبوس فَهُوَ ضد ذَلِك وَقيل من رأى أَبَا بكر فَإِنَّهُ يكون صَدُوقًا أَمينا كثير الْخَيْر (وَمن رأى) عمر ﵁ قَالَ ابْن سِيرِين: يكون حسن السِّيرَة وَقيل يكون طَوِيل الْعُمر وَالْفضل قوالًا للحق فعالًا للخير مزهقا للباطل وَرُبمَا يرْزق الطّواف بِالْبَيْتِ الْعَتِيق (وَمن رأى) عُثْمَان ﵁: فَإِنَّهُ يدل على الْحيَاء والزهد والورع والرياضة وَقيل يكون خيرا فَاضلا وَرُبمَا يقتل ظلما (وَمن رأى) عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه فَإِنَّهُ يكون عالي الْمحل ورفيع الْمَكَان وطلق اللِّسَان وشجاعًا وقوى الْقلب مؤثرًا مُصدقا وَقيل من رَآهُ وَهُوَ طلق الْوَجْه ينَال علما وشجاعة وَمن رَآهُ حَيا فِي مَكَان ينَال أهل ذَلِك الْمَكَان الْعلم وَالْعدْل والإنصاف وَيرْفَع عَنْهُم الْجور والإجحاف. وَمن رأى أحدا من الصَّحَابَة ﵃ فليتأول من اشتقاق اسْمه مثل سعد وَسَعِيد فَإِنَّهُ يكون سعيدا ومسعود أَو سديد الرَّأْي وَرُبمَا حسنت أَفعاله وَقيل من رأى أحدا مِنْهُم يكون فِي دين الْإِسْلَام قَوِيا فَردا ذَا رياضة وصادق الْأَقْوَال وَحسن الافعال وَرُبمَا يقْتَدى بِأَفْعَال من رَآهُ مِنْهُم لقَوْله ﵇: أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيا الْحسن وَالْحُسَيْن تدل على الِاتِّصَال بِبَعْض الاكابر وينال خيرا وراحة وَرُبمَا يَمُوت شَهِيدا (وَمن رأى) جَعْفَر الطيار فَإِنَّهُ يحجّ ويغزو (وَمن رأى) أَبَا هُرَيْرَة أَو أنس بن مَالك فَإِنَّهُ يكون رَاغِبًا لسنن النَّبِي ﷺ وَيكون ميله إِلَى علمه وشريعته وَيطول عمره (وَمن رأى) سلمَان الْفَارِسِي يرزقه الله الْعلم وَالْقُرْآن (وَمن رأى)
1 / 619
سعد بن أبي وَقاص يكون ميله إِلَى الْغَزْو (وَمن رأى) عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن مَسْعُود فَإِنَّهُ يشْتَغل بمهمات الْعِبَادَات ويجتهد فِي أَفعَال الدّين (وَمن رأى) بِلَالًا فَإِنَّهُ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيكون ذَا ذكر على رُؤُوس الْخَلَائق وعَلى الْجُمْلَة رُؤْيا صحابة النَّبِي خير ومنفعه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
٥ - (فصل فِي رُؤْيا التَّابِعين)
(وَمن رأى) أحدا من التَّابِعين اعطاه شَيْئا أَو كلمة أَو خالطه فَإِنَّهُ حُصُول خير على كل حَال مَا لم يكن فِي الرُّؤْيَا مَا يُنكر فِي الْيَقَظَة فيؤول بِحَسب ذَلِك وَقيل رُؤْيا التَّابِعين تدل على اتِّبَاع مَعْرُوف وسلوك طَرِيق الْخَيْر.
٦ - (فصل فِي رُؤْيا الْخُلَفَاء)
من رأى أحد الْخُلَفَاء بشائش الْوَجْه سليم الطَّبْع يتَلَفَّظ مَعَه بلين الْكَلَام فَإِنَّهُ يحصل لَهُ خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن رَآهُ وَهُوَ يَأْمر بِفعل فِي مستخلصه فَإِنَّهُ يُصِيب شرفا وذكرًا عَالِيا وَخيرا عَاجلا فِي دُنْيَاهُ وآخرته (وَمن رأى) أَن الْخَلِيفَة كتب لَهُ عهدا مكملًا بِولَايَة فَإِنَّهُ لَا يزَال معاهد الله على الدّين وَالتَّقوى وَقيل من رأى أَن الْخَلِيفَة ولاه على قوم فَإِنَّهُ يحصل لَهُ شرف وَإِن كَانَ من أهل الولايات حصل لَهُ ذَلِك وَلَا يسود قومه (وَمن رأى) أَن الْخَلِيفَة كَسَاه أَو حمله أَو أركبه أَو أعطَاهُ شَيْئا من مَتَاع الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُصِيب سُلْطَانا وَعزا وفخرًا بِقدر مَا ينْسب إِلَيْهِ ذَلِك الْعَطاء (وَمن رأى) أَنه يُعَاقِبهُ أَو جرى بَينهمَا كَلَام الْبر فَإِنَّهُ يصلح حَاله عِنْده أَو غَيره من الاعيان (وَمن رأى) أَن الْخَلِيفَة يخاصمه فَإِنَّهُ يظفر بحاجته وينصر على أعدائه (وَمن رأى) وَجه الْخَلِيفَة عبوسًا ينظر إِلَيْهِ بِعَين الْغَضَب أَو رأى فِيهِ نقصا أَو خللا فَإِنَّهُ نُقْصَان فِي دين الرَّائِي والخلل عَائِد إِلَيْهِ قَالَ جَابر المغربي: من رأى أَنه صَار خَليفَة فَإِنَّهُ ان لم يكن أَهلا لذَلِك فَإِنَّهُ يشْتَهر بشهرة قبيحة وَقيل يصل إِلَيْهِ خبر سوء أَو يحصل لَهُ أَمر يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَر من حَيْثُ الْجُمْلَة الْأَخِيرَة فِي ذَلِك (وَمن رأى) أَنه يَأْكُل مَعَ الْخَلِيفَة فِي إِنَاء أَو أطْعمهُ شَيْئا فَإِنَّهُ يُصِيبهُ حزن بِقدر مَا أكل (وَمن رأى) أَنه هُوَ والخليفة على فرَاش وَاحِد فَإِنَّهُ يشركهُ فِي أمره أَو يوليه مَكَانا يحكم فِيهِ وَقيل اما ان يتَزَوَّج امْرَأَة من بَيت الْخَلِيفَة أَو يَهبهُ جَارِيَة.
٧ - (فصل فِي رُؤْيا الْإِنْسَان)
من رأى أحدا مِنْهُم لم يكن فِيهِ سَيِّئَة نقص فَهُوَ خير وَإِن رأى نقصا فضد ذَلِك (وَمن رأى) شريفا فَإِنَّهُ يدل على الشّرف للرائي وَقيل رُؤْيَة الشرفاء تدل على أكَابِر الأقوام وأشرافهم (وَمن رأى) أَنه صَار شريفا فَإِنَّهُ يسود على قوم وَلَا بَأْس برؤيا الشريف.
(الْبَاب الثَّامِن)
(فِي رُؤْيا الْوضُوء وَالْغسْل وَالتَّيَمُّم وَالصَّلَاة وَالْقِرَاءَة والمصحف والمجلدات والهياكل)
٣ - (فصل فِي رُؤْيا الْوضُوء)
من رأى أَنه تَوَضَّأ بِمَاء صَاف وَأتم وضوءه فَإِن كَانَ مهموما فرج الله عَنهُ همه وَإِن كَانَ مديونا قضى الله دينه وَإِن كَانَ مَرِيضا شفَاه الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مذنبا يَتُوب الله عَلَيْهِ وَيغْفر ذنُوبه وَإِن كَانَ خَائفًا أَمنه الله تَعَالَى وَهُوَ خير على كل حَال (وَمن رأى) أَنه لم يتم وضوءه أَو تعذر عَلَيْهِ ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يتم لَهُ أَمر هُوَ طَالبه ويرجى لَهُ النجاح من فضل الْوضُوء (وَمن رأى) أَنه تَوَضَّأ بِمَا لَا يجوز الْوضُوء بِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَة من لَا يتم وضوءه وَقيل: من تَوَضَّأ بِلَبن أَو عسل فَهُوَ حسن فِي الدّين (وَمن رأى) أَنه تَوَضَّأ بِمَاء حَار فَلَا خير فِيهِ (وَمن رأى) انه تَوَضَّأ بِمَاء كدر وَمَا أشبه ذَلِك فَإِنَّهُ هم وغم وَلَكِن ويرجى لَهُ الْفرج (وَمن رأى) أَنه يطْلب الْوضُوء وَلَا يجد المَاء فَإِن الْأَمر الَّذِي يَطْلُبهُ يعسر عَلَيْهِ وَلَكِن يُرْجَى لَهُ من فضل الله تيسيره (وَمن رأى) أَنه يتَوَضَّأ وَهُوَ جنب فَإِنَّهُ يدْخل فِي أَمر يعسر عَلَيْهِ وَلَا يَتَيَسَّر.
1 / 620
٤ - (فصل فِي رُؤْيا الْغسْل)
قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه اغْتسل فِي بَحر أَو نهر فَإِنَّهُ يدل على الدّيانَة والخضوع لله تَعَالَى وَقيل من رأى أَنه اغْتسل غسل بِمَاء صَاف طَاهِر فَحكمه حكم الْوضُوء وَزِيَادَة على ذَلِك أُمُور الْآخِرَة وَإِن كَانَ المَاء غير صَاف وَلَا طَاهِر فتعبيره ضد ذَلِك وَلَا يُرْجَى لَهُ الْخَيْر (وَمن رأى) أَنه اغْتسل من الْجَنَابَة بِمَا يجوز الْغسْل بِهِ فَإِنَّهُ تتيسر لَهُ الْأُمُور وَيخرج من الْهم وَالْغَم وَإِن تعذر عَلَيْهِ ذَلِك فتعبيره ضِدّه (وَمن رأى) أَنه جنب وَلم يجد مَا يغْتَسل بِهِ فَإِنَّهُ يعسر عَلَيْهِ أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (وَمن رأى) أَنه اغْتسل غسل الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُ زِيَادَة دَرَجَات فِي الْآخِرَة مَعَ مَا تقدم من تَفْسِير ذَلِك (وَمن رأى) أَنه اغْتسل وَلبس ثِيَابه فَإِنَّهُ يَنْقَطِع عَنهُ الْهم وَيسلم من كل بلَاء وسقم وَإِن كَانَت الثِّيَاب جددًا كَانَ أبلغ لِأَن أَيُّوب اغْتسل وَلبس ثيابًا جددا فَخرج مِمَّا كَانَ فِيهِ من بلَاء (وَمن رأى) أَنه غسل أحدا فَإِنَّهُ يُزَكِّيه (وَإِن رأى) أَن أحدا غسله فَهُوَ تَزْكِيَة أَيْضا (وَمن رأى) أَنه غسل مَا لَا يجوز تغسيله فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِأَمْر يعْتَقد أَنه مُسْتَقِيم وَالْأَمر بِخِلَافِهِ (وَمن رأى) أَنه غسل يَدَيْهِ وَوَجهه فَلَا بَأْس بِهِ وَقَالَ جَابر المغربي: الْغسْل يدل على النَّظَافَة فِي الدّين والورع زِيَادَة أبهة وشهرة حَسَنَة (وَمن رأى) أَنه اغْتسل بحنوط أَو بعضه فَإِن كَانَ لَهُ محب تزداد محبته وَإِن الْمُحب متنفرا فَإِنَّهُ يزْدَاد نفورا وَاسْتِعْمَال الصابون زِيَادَة فِي النَّظَافَة.
٥ - (فصل فِي رُؤْيَة التَّيَمُّم)
(من رأى) أَنه تيَمّم فِي مَكَان لَا يُوجد فِيهِ المَاء وَأتم ذَلِك فتعبيره تَمام الْوضُوء وَكَذَلِكَ ان تعذر (وَمن رأى) أَنه تيَمّم وَالْمَاء مَوْجُود يدل على أَنه منحرف عَن الشَّرِيعَة فليتب إِلَى الله تَعَالَى وليرجع وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: التَّيَمُّم حُصُول المُرَاد وَهُوَ شِفَاء ورزق وَحج وَفَرح وَعتق.
٦ - (فصل فِي رُؤْيا الصَّلَاة)
(من رأى) أَنه يُصَلِّي جِهَة الشرق فَإِن كَانَ الرَّائِي مَشْهُورا بِالْخَيرِ يحجّ وَإِن كَانَ بِخِلَاف ذَلِك يكون ميله إِلَى أهل الذِّمَّة وَقيل: من رأى أَنه يُصَلِّي شرقا أَو غربا فقد ينحرف عَن الاسلام بِعَمَل مِنْهُ يُخَالف الشَّرِيعَة (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي نَحْو الشمَال مستدبر الْقبْلَة فقد نبذ الاسلام وَرَاء ظَهره لقَوْله تَعَالَى: ﴿فنبذوه وَرَاء ظُهُورهمْ﴾ رُبمَا التمس من امْرَأَة دبرهَا أَو اشْتغل عَنْهَا بغَيْرهَا وَقَالَ بَعضهم: رُبمَا يرْزق تَوْبَة هَذَا إِذا كَانَ الرَّائِي من أهل الدّين وَالصَّلَاح (وَمن رأى) أهل الْمَسْجِد يصلونَ إِلَى غير الْقبْلَة يعْزل رَئِيس ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) عَالما يُصَلِّي إِلَى غير الْقبْلَة أَو عمل بِخِلَاف السّنة فقد خَالف الشَّرِيعَة وَاتبع الْهوى (وَمن رأى) أَن صلَاته فَاتَت عَن وَقتهَا وَلَا يجد موضعا أَو مَكَانا يُصَلِّي فِيهِ فَإِنَّهُ يدل على أَمر عسير وَقيل يتَعَذَّر عَلَيْهِ طلب شَيْء فِي أَمر آخرته (وَمن رأى) أَنه يؤم قوما فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يَلِي ولَايَة يعدل فِيهَا وَإِن لم يكن أَهلا لذَلِك يَسْتَقِيم أمره وَيصْلح حَاله (وَمن رأى) أَنه يؤم قوما مجهولين فِي مَكَان مَجْهُول وَلَا يدْرِي مَا يقْرَأ فَهُوَ على شرف الْمَوْت فليتق ربه (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي نَحْو الْقبْلَة مُسْتَقِيمًا فَإِنَّهُ يتبع الشَّرِيعَة وَالسّنة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: من رأى أَنه يؤم قوما فَإِنَّهُ علو قدر ونفاذ أَمر (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي فِي السُّوق فَلَا خير فِيهِ وَقيل: من رأى أَنه يؤم قوما بمَكَان يَقْتَضِي ذَلِك فَإِن ذَلِك الْمَكَان ينظر إِلَيْهِ بِالْخَيرِ وَيحصل لَهُ تقدم على غَيره وَيكون مسموع القَوْل (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الظّهْر فَإِنَّهُ صفاء وَقت وَحُصُول مُرَاد وَزِيَادَة خيرات وَقيل: من رأى أَنه يُصَلِّي الظّهْر فَإِنَّهُ يظفر بحاجته ويستظهر على جَمِيع مَا يَطْلُبهُ وَإِن كَانَت هِيَ صَلَاة الْجُمُعَة فَإِن يتم لَهُ جَمِيع مَا يُرِيد ويبلغ مَا يؤمله وَيحصل لَهُ فضل الله تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله﴾ (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي صَلَاة الْعَصْر فَإِنَّهُ حُصُول مُرَاد وَلَكِن بعد مشقة (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الْمغرب فَإِن الْأَمر الَّذِي يَطْلُبهُ من خير أَو شَرّ يتم عَاجلا وَقيل انه يُؤَدِّي صدَاق زَوجته (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الْعشَاء الْأَخِيرَة فَإِنَّهُ يُعَامل أقرباءه وَيحصل لَهُ سرُور وَقيل يحصل لَهُ مكر وبكاء لقَوْله تَعَالَى: ﴿وجاؤوا أباهم عشَاء يَبْكُونَ﴾ (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الصُّبْح فَإِنَّهُ حُصُول مَال وَكسب حَلَال وَقيل: إِنَّه وعد قريب يَأْتِيهِ خيرا أَو شرا على
1 / 621
حسب مَا هُوَ متوقع ذَلِك لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِن موعدهم الصُّبْح أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب﴾ وَشرط فِيمَا قُلْنَا أَنه يُؤَدِّي كل صَلَاة فِي وَقتهَا كَامِلَة فَإِن حصل فِيهَا نقص أَو زِيَادَة فَهُوَ محَال ومخالف لما ذكر (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي صَلَاة فَاتَتْهُ من هَذِه الصَّلَوَات فَإِنَّهُ يدل على قَضَاء دينه وَقيل من رأى أَنه صلى صَلَاة وَنقص مِنْهَا شَيْئا فَإِنَّهُ يُسَافر وَإِن كَانَت امْرَأَة فَإِنَّهَا تحيض وَقيل إِن من رأى أَنه لم يتم صلَاته لم تتمّ حَاجته (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي بِغَيْر وضوء فَإِنَّهُ يمرض (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي فِي مَكَان لَا تجوز فِيهِ الصَّلَاة فَإِنَّهُ فَسَاد فِي دينه وَقيل: من رأى أَن الصَّلَاة فَاتَتْهُ مَعَ الإِمَام فَهُوَ نَظِير ذَلِك وَإِن أدْرك آخر الصَّلَاة ثمَّ أتمهَا مُنْفَردا لَا بَأْس بذلك (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي فِي الصَّحرَاء فَهُوَ على وَجْهَيْن: إِمَّا سفر أَو حج. وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن الْأَشْعَث: من رأى أَنه يسْجد لله تَعَالَى فَإِنَّهُ شكر لله وَطول حَيَاة لَهُ (وَمن رأى) أَنه جلس فِي التَّحِيَّات فَإِنَّهُ زِيَادَة خير (وَمن رأى) أَنه سلم عَن شِمَاله فَلَا خير فِيهِ (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي قَاعِدا أَو رَاقِدًا فَإِنَّهُ يدل على عَجزه عَن أُمُور وَرُبمَا دلّ على توعك الْبدن أَو على كبر السن (وَمن رأى) أَنه يسْأَل الله تَعَالَى فِي صلَاته فَإِنَّهُ يرْزق ولدا لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا﴾ (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي نَافِلَة يعْمل عملا صَالحا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى وَإِن كَانَت النَّافِلَة نَافِلَة اللَّيْل تدل على أَنه يرْزق بِشَيْء مَحْمُود لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن اللَّيْل فتجهد بِهِ نَافِلَة لَك﴾ الْآيَة وَرُبمَا ألف بَين قُلُوب قوم تشَتت أهواؤهم وَقيل: زَوَال هم وغم (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي اللَّيْل كُله فَهُوَ حُصُول خير فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بأوفر نصيب من الله تَعَالَى (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي فَوق الْكَعْبَة فَهُوَ ارْتِكَاب مَا يُخَالف الشَّرِيعَة (وَمن رأى) أَنه صلى بِأحد الْمَسَاجِد الثَّلَاث فَإِنَّهُ تَضْعِيف الأجور لَهُ وَدَلِيل على قبُول أَعماله (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي بِجَامِع أَو مدرسة أَو مَا يُنَاسب ذَلِك فَهُوَ زِيَادَة فِي الْخيرَات وَقيل الصَّلَاة فِي الْأَمَاكِن الْمُعْتَبرَة أَمن وَصَلَاة وَرَحْمَة وَقيل رُؤْيا صَلَاة الْجُمُعَة تدل على السّفر والرزق الْحَلَال (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي بكنيسة أَو مَا يُنَاسب ذَلِك على القانون الشَّرْعِيّ فَإِن كَلمته تعلو على أحد من أهل الذِّمَّة ويقهره. (وَقَالَ جاحظ الْمُعير) الصَّلَاة على ثَلَاثَة أوجه: فَرِيضَة وَسنة وتطوع فَأَما الْفَرِيضَة فتدل على الْحَج والتجنب عَن الْفَوَاحِش وَالْمُنكر لقَوْله تَعَالَى: ﴿ان الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر﴾ وَأما السّنة فتدل على النَّظَافَة وَالصَّبْر على مَا يكره والشهرة الْحَسَنَة والشفقة على مَا خلق الله تَعَالَى وَأما التَّطَوُّع فَيدل على التَّوَسُّع على عِيَاله وَالْقِيَام بمهمات الاصدقاء وَالْجَار واظهار الْمُرُوءَة مَعَ كل أحد. (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي على دَابَّة فَهُوَ حُصُول هم (وَمن رأى) أَنه أَطَالَ قيام صلَاته وَلم يرْكَع فَإِن كَانَ ذَا مَال فَهُوَ مَانع الزَّكَاة فليتق الله والا فَهُوَ قَائِم فِي أَمر لَيْسَ لَهُ نتيجة ويرجى لَهُ الصّلاح (وَمن رأى) أَنه ركع وَأطَال فِيهِ وَلم يسْجد فَإِنَّهُ بعيد التَّوْبَة وَرُبمَا كَانَ قصير الْعُمر فليبادر إِلَى التَّوْبَة (وَمن رأى) أَنه قصر صلَاته فَإِنَّهُ سفر لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة﴾ (وَمن رأى) أَنه يضْحك فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ كثير اللَّهْو فليتب إِلَى الله (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي وَهُوَ سَكرَان فَإِنَّهُ يشْهد شَهَادَة زور لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ﴾ ﴿وَمن رأى﴾ أَنه يُصَلِّي وَهُوَ جنب فَإِنَّهُ فَسَاد فِي دينه ونقصان فِي أُمُوره وتعسرها عَلَيْهِ. وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: الصَّلَاة على سَبْعَة أوجه: أَمن وسرور وَعز ومرتبة وَفرج بعد شدَّة وَحُصُول مُرَاد وَقَضَاء حَاجَة وَقَالَ أَيْضا رُؤْيا السُّجُود على خَمْسَة: حُصُول مَقْصُود ودولة وَنصر وظفر والامتثال لأمر الله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا واعبدوا ربكُم﴾ الْآيَة وَقيل: ان الصَّلَاة على الْمَيِّت دُعَاء مستجاب وَقيل شَفَاعَة تقبل. وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: الصَّلَاة من حَيْثُ الْجُمْلَة محمودة على كل حَال فِي الدّين وَالدُّنْيَا وتدل على إِدْرَاك رياسة وبلوغ أمل ونيل الْولَايَة وَقَضَاء دين أَو أَدَاء أَمَانَة أَو قَضَاء فَرَائض الله تَعَالَى (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الظّهْر فَإِنَّهُ يكون فِي أُمُوره وسطا وَيحصل لَهُ عز بِحَسب صفاء ذَلِك الْيَوْم (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الْعَصْر فَإِنَّهُ يدل على أَنه قد مضى فِي الْأَمر الَّذِي هُوَ فِيهِ أَو طَالبه أَكْثَره وَلم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الْمغرب فَإِنَّهُ يقوم باصلاح مَا يلْزم
1 / 622
من أَمر عِيَاله (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الْعشَاء فَإِنَّهُ يُعَامل عِيَاله بِمَا يفرح بِهِ قُلُوبهم (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي الصُّبْح فَإِنَّهُ يَبْتَدِئ أمرا يحصل مِنْهُ صَلَاح سَبَب معاشه (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي قَاعِدا من غير عذر فَإِن عمله نَاقص (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي رَاكِبًا فَإِنَّهُ يُصِيبهُ خوف شَدِيد وتعب (وَمن رأى) ملكا يُصَلِّي بقَوْمه ورعيته وَهُوَ رَاكب وهم كَذَلِك فَإِن كَانُوا فِي حَرْب يؤول بالظفر وَالتَّوْبَة وَطول الْحَيَاة وَحُصُول النجَاة وَتَحْصِيل المَال (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي على جِدَار وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يخضع لبَعض الرؤساء. (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي قَائِما وَالنَّاس يصلونَ خَلفه قَاعِدين فَإِنَّهُ يَلِي أَمر لَا ينقاد إِلَيْهِ من ينْسب لذَلِك الامر (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي قَاعِدا وَالنَّاس يصلونَ خَلفه قيَاما فتعبيره ضد مَا تقدم (وَمن رأى) أَنه يؤم رجَالًا وَنسَاء فَإِنَّهُ يكون وَاسِطَة خير فِي الاصلاح بَين النَّاس وَإِن كَانَ أَهلا للْقَضَاء فَإِنَّهُ يَتَوَلَّاهُ (وَمن رأى) أَنه يُصَلِّي بِالنَّاسِ نَافِلَة دخل فِي ضَمَان لَا يضرّهُ وَقيل من رأى أَنه صَار إِمَامًا فَإِنَّهُ يَرث مِيرَاثا لقَوْله تَعَالَى: ﴿ونجعلهم أَئِمَّة ونجعلهم الْوَارِثين﴾ .
٧ - (فصل فِي رُؤْيا الْقِرَاءَة)
(وَمن رأى) أَنه يقْرَأ شَيْئا من الْقُرْآن وَلَا يعرف مَا قَرَأَهُ أَو نَسيَه فَإِن كَانَ مَرِيضا شفَاه الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مهموما فرج الله همه وَإِن كَانَ عِنْده قلق زَالَ لقَوْله تَعَالَى: ﴿وشفاء لما فِي الصُّدُور﴾ وَقيل: من رأى أَنه يقْرَأ الْقُرْآن فَإِنَّهُ يتَكَلَّم بِالْحَقِّ وَقَالَ ابْن سِيرِين: يكون حَاكما ان كَانَ لائقا بِهِ (وَمن رأى) أَنه يقْرَأ آيَة الرَّحْمَة فَإِنَّهُ حُصُول خير وَإِن كَانَت آيَة عَذَاب فضد ذَلِك (وَمن رأى) أَنه قَرَأَ الْقُرْآن وَأتم قِرَاءَته فَإِنَّهُ يَنْقَضِي أَجله على خير وَإِن قَرَأَ نصفه يكون مضى نصف عمره (وَمن رأى) أَنه حَافظ وَكَانَ كَذَلِك يدل على زِيَادَة الْخَيْر وَإِن لم يكن حَافِظًا فَلَا بَأْس بِهِ (وَمن رأى) أَن أحدا يقْرَأ وَهُوَ يسمعهُ فَهُوَ يتبع الْقُرْآن (وَإِن رأى) ذَلِك وَلم يفهم مَا يَقُوله فضد ذَلِك. وَقَالَ جَابر المغربي: (وَمن رأى) أَنه ختم الْقُرْآن يحصل لَهُ بُلُوغ مَقْصُود وَإِن كَانَت الْقِرَاءَة صَحِيحَة فَهُوَ حُصُول مَال وَإِن كَانَ صَوته حسنا فَهُوَ على منزلَة وارتقاء دَرَجَة وَقد يعبر المعبرون الْآيَة على مَعْنَاهَا وَمَا تدل عَلَيْهِ (وَمن رأى) أَنه يقْرَأ بمَكَان لَا تجوز الْقِرَاءَة فِيهِ يدل على ان فِي دينه خللا وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁: تدل على أَرْبَعَة أوجه: السَّلَام والغنى وبلوغ الْمَقَاصِد وَحجَّة لقَوْله ﵇: الْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك. (سُورَة الْفَاتِحَة) من رأى أَنه يَقْرَأها تدل على تسهيل الْأُمُور الصعاب وَحُصُول سَعَة وَخير وَقَالَ الْكرْمَانِي: يقبل الله طَاعَته ويؤمنه مِمَّا يخَاف وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يوفقه الله تَعَالَى لطاعته وَيكون حَرِيصًا على الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَيخْتم لَهُ بِالْخَيرِ وَقيل: من رأى أَنه يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم خَاصَّة فَإِنَّهُ يسْأَل الله الْبركَة فِي مَاله وَزِيَادَة فِي رزقه وَرُبمَا بِجَانِب دعاؤه ببركتها وَقيل: من رأى أَنه يقْرَأ الْفَاتِحَة فَإِنَّهُ يحجّ أَو يَدْعُو بِدُعَاء فيستجاب لَهُ سُورَة الْبَقَرَة قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه قراها فَإِنَّهُ يدل على طول عمره لِأَنَّهَا اطول السُّور وَيكون صَابِرًا على الْبلَاء وَقَالَ الْكرْمَانِي: يكون فِي أَمَان من أعدائه وتنتظم أُمُوره وَقيل حُصُول مِيرَاث وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون دينه وَقَوله صَحِيحا (آيَة الْكُرْسِيّ): قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا على الِانْفِرَاد خَاصَّة يكون آمنا من الْآفَات وَيحصل مُرَاده وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِن كَانَ مَرِيضا شفَاه الله وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يحصل لَهُ قدر وجاه وَحُرْمَة. (سُورَة آل عمرَان): قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا يكون محبوبا عِنْد النَّاس بَرِيئًا من الافعال السَّيئَة وَقَالَ الْكرْمَانِي يخْتم بِالْخَيرِ لَهُ وَقيل: يكون مُرَاد قَارِئهَا حُصُول ولد صَالح وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون دينه وَقَوله صَحِيحا قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَ شهد الله الْآيَة خَاصَّة يكون قد وفى حُقُوق الله اللَّازِمَة ويخلص من دَار الدُّنْيَا على جميل وَقَالَ الْكرْمَانِي: ان كَانَ عِنْده امانة يُؤَدِّيهَا إِلَى صَاحبهَا وَيكون عَزِيزًا عِنْد النَّاس وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يحصل لَهُ خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَيكون فريدًا فِي دينه وَقَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَ: ﴿قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك﴾ الْآيَة خَاصَّة يحصل لَهُ من الْمُلُوك مرتبَة وَعز وجاه وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحصل لَهُ مُرَاده (سُورَة النِّسَاء) قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه يقْرؤهَا يحصل لَهُ مِيرَاث وتكثر أقرباؤه وَعِيَاله وَقَالَ الْكرْمَانِي: يكون طَوِيل الْعُمر وَتحصل لَهُ الْخيرَات وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون عفيفا (سُورَة الْمَائِدَة): قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه يقْرؤهَا يكون عَزِيزًا مكرما فِي قومه وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحصل
1 / 623
لَهُ مَال ونعمة وخيرات وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون فريدا فِي دينه وَيحصل لَهُ المُرَاد (سُورَة الْأَنْعَام): قَالَ ابْن سِيرِين من رأى أَنه يقْرؤهَا يحصل لَهُ السَّعَادَة الدُّنْيَوِيَّة والأخروية وَقَالَ الْكرْمَانِي: بركَة وغنى من قبل الْجمال وَالْبَقر وَالْغنم وَنَحْوهَا وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يوفقه الله تَعَالَى لطاعته. (سُورَة الْأَعْرَاف) قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه يقْرؤهَا يكون فِي دينه مخلصا وَتَكون عاقبته محمودة وَقَالَ الْكرْمَانِي: رُبمَا يزور طور سيناء وَقيل شماتة عَدو ورؤيته على سوء حَال وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون الْخَالِق رَاضِيا عَنهُ يحفظ الْأَمَانَة (سُورَة الْأَنْفَال) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا فَإِنَّهُ يظفر على أعدائه وَيحصل لَهُ مَال ونعمة وغنيمة وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَيحصل لَهُ عز وجاه وعلو مرتبَة (سُورَة التَّوْبَة) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَ سُورَة التَّوْبَة لم يخرج من الدُّنْيَا حَتَّى يَتُوب الله عَلَيْهِ وَقَالَ الْكرْمَانِي: تكون عاقبته خيرا وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون بَين الْخلق محبوبا مرغوبا ويسلك طَرِيق الْخيرَات (سُورَة يُونُس) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَ سُورَة يُونُس يُوسع الله عَلَيْهِ الرزق وَقَالَ الْكرْمَانِي: يكف الله عَنهُ كيد الأعادي والسحرة ويقهرهم وَقيل: ان كَانَ مَحْبُوسًا أطلق وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: فَإِنَّهُ يحسن أَلْفَاظه وعبادته. (سُورَة هود) قَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه يقْرؤهَا يزْدَاد مَاله من الزِّرَاعَة وغرس الكروم وَقَالَ الْكرْمَانِي: يكون مُقبلا فِي الاشغال وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون سالكا فِي طَرِيق الدّين (سُورَة يُوسُف) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا فِي عهد شبوبيته يكون مَظْلُوما ويسافر سفرا كثيرا وَتَكون عاقبته خيرا وَقَالَ الْكرْمَانِي: ينَال شرف وعلو قدر وغنى وَعز وَفرج بعد ضيق وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون صَادِق القَوْل صَاحب امانة (سُورَة الرَّعْد) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا يزْدَاد فِي قِرَاءَة الْقُرْآن إِن كَانَ من أَهله إِلَّا فَهُوَ تَسْبِيح وتهليل وَقَالَ الْكرْمَانِي: تزداد طَاعَته وَفعله الْخيرَات وَقيل: أَنه أَمن من مَخَافَة ملك وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: رُبمَا يقرب أَجله (سُورَة إِبْرَاهِيم) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا تدل على مُلَازمَة الْخيرَات والعبادات وَقَالَ الْكرْمَانِي: تستقيم أَحْوَاله وتحمد عاقبته وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون عِنْد الله معززا مكرما وَقيل: يكون بَرِيئًا مِمَّا يُقَال فِي حَقه. (سُورَة الْحجر) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا يكون عِنْد الْخلق معززا مكرما وَقيل: يكون ذَا جاه ووقار وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحصل لَهُ جَمِيع مقاصده ويعلو قدره وَقيل تحجير من الْمعاصِي وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون عِنْد الله مَقْبُولًا (سُورَة النَّحْل) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا رزق رزقا حَلَالا وَيكون محبا لأهل الدّين والديانة وَقَالَ الْكرْمَانِي: يَأْمَن من الْآفَات والمصائب ويجد حَاله وَقيل صِحَة بدن وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: إِن الله تَعَالَى يرزقه علما وَإِن كَانَ مَرِيضا عافاه. (سُورَة الْإِسْرَاء) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا يكون عِنْد الْخَالِق والخلق ذَا منزلَة وجاه عَال وَيكون مُؤمنا ذَا خشوع وخضوع وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَنه يظفر على من يعاديه ويصل إِلَى مُرَاده وَقيل يَأْتِيهِ ولد عَاق وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون قوي الدّين والديانة صَادِق فِي القَوْل والاعتقاد (سُورَة الْكَهْف) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا يكون آمنا فِي حَيَاته من جَمِيع الْآفَات والعاهات وَيكون فِي طَرِيق الدّين مخلصا وَقَالَ الْكرْمَانِي: يطول عمره ويرزق سَعَادَة الْآخِرَة وَقيل: يحصل لَهُ خوف من مكايد أعاديه وينجيه الله من ذَلِك وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: نِهَايَة أُمُور فِيمَا يرومه (سُورَة مَرْيَم) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا كَانَ عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة فِي حرزه وكنفه وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِنَّهُ يسْلك طرق الْخيرَات وَيُؤَدِّي سنَن النَّبِي ﷺ وَقيل يكذب على الرَّائِي ويفتري عَلَيْهِ وَيكون بَرِيئًا من ذَلِك وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق كَذَلِك. (سُورَة طه) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا فَإِنَّهُ يُجَادِل الأعادي ويظفر بهم وينتصر عَلَيْهِم وَقَالَ الْكرْمَانِي: يشْتَهر اسْمه بالخيرات فِي ذَلِك الْمَكَان وَقيل غَفلَة فِي الدّين وسهو وَقيل أَمَان من الشِّفَاء لمن يكون صَالحا وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: يكون مَعْرُوفا بِالدّينِ والديانة (سُورَة الْأَنْبِيَاء) قَالَ ابْن سِيرِين: يرزقه الله علم الْأَنْبِيَاء وسيرتهم وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحصل لَهُ إقبال الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقيل صَلَاة وَدُعَاء وَعبادَة وَنصر على الْأَعْدَاء وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق: وَيكون عَالما عَاملا وَيحصل لَهُ الْفَرح بعد التَّرَحِ والراحة بعد التَّعَب. (سُورَة الْحَج) قَالَ ابْن سِيرِين: من قَرَأَهَا فَإِنَّهُ يصرف مَاله فِي الْحَج وَقَالَ الْكرْمَانِي: يخْتَار أفعالا مرضية فِي
1 / 624