طائفة بيت أبي سعيد الخُدري، فأخذوا ما فيه من المتاع، ودخلت طائفةٌ أخرى فلم يجدوا شيئًا، فأضجعوه، ومعطوا لحيته خصلة خصلة.
ولم يَتعرّض لعلي بن الحسين زين العابدين؛ لأنَّ يزيد وصاه به، وقال: إنه لم يدخل في شيءٍ من أمرهم.
وَسَمَّوا مُسلمًا: هذا مُسرفًا؛ لإسرافه في القتل والفساد.
ثم توجَّهَ إلى ابن الزبير؛ فإنه قال له يزيد: إذا فرغت من أمر المدينة فتوجه إلى مكة، وكان مريضًا، فمات في الطريق.
وكان من غاية جهله وضلاله يقول: اللهم؛ إني لم أعمل بعد شهادة أن لا إله إلَّا الله عملًا أرجى لي من قتل أهل المدينة، ولئن دخلت النار بعدها إني لشقي.
ثم نادى حُصين بن نُمير، وقال له: أمير المؤمنين -يعني: يزيد- ولاك بعدي، فأسرع السير ولا تؤخر ابن الزبير. وأمره أن يَنْصِب المجانيق على مكة، وقال: إن يعوذوا بالبيت فارمه.
فذهب وحاصر مكة أربعًا وستين يومًا، وجرى فيها قتال شديد، وَرمى البيت بالمجانيق، وأخذ رجلٌ قبسًا في رأس رمح فطارت به الريح فأحرق البيت، فجاءهم نَعْيُ يزيد.
وكان بين الحرة وموته ثلاثة أشهر، وقيل دونه.
واجترأ أهل مكة والمدينة على أهل الشام، فذلوا حتى كان لا ينفرد منهم رجلٌ إلَّا أُخذ بلجام دابته فنكس عنها، فقال لهم بنو أمية: لا تبرحوا حتى تحملونا معكم إلى الشام. ففعلوا، ومضى ذلك الجيش حتى دخل الشام، فبويع لابن الزبير بالحجاز، وبايع أهل الآفاق كلها لمعاوية بن يزيد، وكان رجلًا صالحًا فيه دين وعقل، فأقام فيها أربعين يومًا، وقيل: أقام فيها خمسة أشهر وأيامًا وخلع نفسه.
وذكر غير واحدٍ أنَّ معاوية بن يزيد لما نزع نفسه صَعِد المنبر وجلس طويلًا، ثم حمد الله تعالى، وأثنى عليه بأبلغ ما يكون من الحمد والثناء، ثم ذكر النبي ﷺ بأحسن ما يُذْكَر به، ثم قال: أيها الناس؛ لست أنا بالراغب في الائتمار
1 / 71