فشربه، فخرج من جرحه، فقال بعضهم: نبيذ. وقال بعضهم: بل دم. فدعا بلبن، فخرج من جرحه.
فلما عَلِم أنه ميتٌ، جعل الأمر شورى بين ستة: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص ﵃.
وجعل عبد الله بن عمر ﵄ معهم مشيرًا وليس هو منهم، وَأَجّلهُم ثلاثًا، وأمر صُهيبًا أن يُصلي بالناس، ثم قال: ادعوا لي عليًا، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعدًا. فوصاهم، فلما خرجوا من عنده قال: إن ولوها الأجلح -يعني: عليا- سلك بهم الطريق الأقوم. فقال له ابن عمر ﵄: فما يمنعك يا أمير المؤمنين؟ قال: أكره أن أتحملها حيًا وميتًا. رواه ابن سعد، والحارث، وأبو نُعيم في "الحلية"، واللالكائي في "السُّنَّة".
عن أبي مطر قال: سمعت عليًا ﵁ يقول: دَخلتُ على عمر بن الخطاب ﵁ حين وجَأهُ أبو لؤلؤة وهو يبكي، فقلت: ما يُبكيكَ يا أمير المؤمنين؟ قال: أبكاني خبر السماء، أيُذهب بي إلى الجنة أم إلى النار؟ فقلت له: أبشر يا أمير المؤمنين، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول ما لا أُحصيه: "سيدا كُهُول أهل الجنة: أبو بكر، وعمر، وأنعما" فقال: أشاهد أنت لي يا عليّ بالجنة؟ قلت: نعم. قال: وأنت يا حسن؛ فاشهد على أبيك رسول الله ﷺ أنَّ عمر من أهل الجنة. رواه ابن عساكر.
وعن أبي أوفى بن حكيم قال: لما كان اليوم الذي مات فيه عمر ﵁ قلت: والله لآتين باب عليِّ بن أبي طالب. فأتيت باب عليٍّ، فإذا الناس يَرقُبُونه، فما لبث أن خرج علينا فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه فقال: لله دَرُّ باكية عمر؛ قالت: واعمراه؛ قَوّمَ الأود، وأيّد العمد، واعمراه؛ مات نقي الثوب، بريئًا من العيب، واعمراه؛ ذهب بالسُّنّة، وأبقى الفتنة.
صدقت؛ أصاب والله ابن الخطاب خيرها، ونجا من شرها.
وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس ﵄ قال: إني لواقفٌ في قوم
1 / 36