L'illumination sur la lampe
الإصباح على المصباح
Genres
(المسألة السابعة والعشرون: في إمامة علي عليه السلام)
وينبغي أن نذكر طرفا صالحا يشتمل على ماهية الإمامة ووجوبها، وقد قدمنا في جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فن علم الكلام وعدهما من أبوابه ما ينبغي أن يؤتى بمثله في مسألة الإمامة، وقيل: إنما جعلت بابا من أبوابه؛ لأن الإمامة خالفة النبوة، وعليها مدار كثير من أحكام الإسلام، ولهذا ذكر أصحابنا أن العلم بها جملة من فروض الأعيان وتفصيلا من فروض الكفايات.
والإمام في اللغة: المتقدم في أمر من الأمور على وجه يقتدى به.
وفي الاصطلاح: رئاسة عامة لشخص واحد في أمور مخصوصة على وجه لا يكون فوق يده يد أخرى.
قلنا: رئاسة عامة احترازا من الخاصة، كرئاسة الرجل على أهل بيته، والمراد بعمومها أنها تعم الأمة كافة، ولا تتعلق ببعضهم دون بعض، ولا جهة دون جهة، ولا بوقت دون وقت، وقولنا: لشخص واحد احترازا من النبوة، فإنها قد تثبت لاثنين فأكثر، والفارق بينهما هو الإجماع، قيل: ووجهه أن مع كثرة الأئمة يحصل التشاجر والمنازعة، ولهذا قال عمر يوم السقيفة جوابا للأنصار وقد قال قائلهم: منا أمير ومنكم أمير: سيفان في غمد إذا لا يصلحان، بخلاف النبوة فلا يحصل فيها شيء من ذلك للعصمة، قيل: ولأن النبوة لطف، والألطاف تختلف، فمن الجائز أن يكون اللطف في بعثة نبي واحد، وأن يكون في بعثة نبيين أو ثلاثة، وقلنا: في أمور مخصوصة نحو أخذ الزكوات طوعا وكرها، وتجييش الجيوش، وإقامة الجمعات، وحفظ بيضة الإسلام، وإقامة الحدود ونحو ذلك، وقلنا: على وجه لا يكون فوق يده يد، احترازا ممن يتولى من جهة الإمام، فإنه ينفذ هذه الأحكام، لكن يد الإمام فوق يده.
Page 118