وانعقد عليه الإجماع كان الإيمان بما ثبت واجبا ومنكره كافر.. والسؤال بعد ذلك هل هم داخلون في الصحابة الحق؟.
نعم. يدخل في الصّحابة رضوان اللَّه تعالى عليهم من رآه ﷺ أو لقيه مؤمنا به من الجنّ، لأنه ﷺ بعث إليهم قطعا وهم مكلّفون، وفيهم العصاة والطّائعون.
قال الحافظ ابن حجر، الرّاجح دخولهم، لأن النبي ﷺ بعث إليهم قطعا.
قال السّبكيّ في فتاويه: كونه ﷺ مبعوثا إلى الإنس والجن كافّة وأن رسالته شاملة للثقلين فلا أعلم فيه خلافا، ونقل جماعة الإجماع عليه.
قال السّبكيّ: والدّليل عليه قبل الإجماع الكتاب والسّنة، أما الكتاب فآيات منها قوله تعالى: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا. [(١)]
وقد أجمع المفسّرون على دخول الجنّ في ذلك في هذه الآية. ومع ذلك هو مدلول لفظها، فلا يخرج عنه إلّا بدليل.
ومنها قوله تعالى في سورة الأحقاف: فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [(٢)] .
والمنذرون هم المخوفون مما يلحق بمخالفته لوم، فلو لم يكن مبعوثا إليهم لما كان القرآن الّذي أتى به لازما لهم ولا خوفوا به.
ومنها قولهم فيها، أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ فأمر بعضهم بعضا بإجابته دليل على أنه داع لهم، وهو معنى بعثه إليهم.
ومنها قولهم: وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ ... الآية، وذلك يقتضي ترتيب المغفرة على الإيمان به، وأن الإيمان به شرط فيها، وإنّما يكون كذلك إذا تعلّق حكم رسالته بهم، وهو معنى كونه مبعوثا إليهم.
ومنها قولهم: وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ الآية، فعدم إعجازهم وأوليائهم، وكونهم في ضلال مرتّب على عدم إجابته، وذلك أدلّ دليل على بعثته إليهم.
ومنها قوله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [(٣)] . فهذا تهديد ووعيد شامل لهم وارد على لسان رسوله ﷺ عن اللَّه، وهو يقتضي كونه مرسلا إليهم، وأيّ معنى للرسالة غير ذلك وكذلك مخاطبتهم في بقيّة السورة بقوله: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، [(٤)] وغير ذلك من الآيات التي تضمّنتها هذه السورة.
_________
[(١)] الفرقان: ١.
[(٢)] الأحقاف: ٢٩.
[(٣)] الرحمن: ٣١.
[(٤)] الرحمن: ٤٦.
1 / 11