فَهَذِهِ رِوَايَة نَصْرَانِيّ عَن طَائِفَة من الْيَهُود وَأَنَّهُمْ كفرُوا ابْن مَيْمُون ولعنوه بِسَبَب هَذِه الْمقَالة على أَن هَذَا الملعون الزنديق قد اعْترف فِي كثير من كَلَامه بالمعاد فَقَالَ فِي تأليفه الْمُسَمّى بالمشنا فِي فقه الْيَهُود إِن هَذَا الْموضع الَّذِي هُوَ جن عيذا هُوَ مَوضِع خصيب من كرة الأَرْض كثير الْمِيَاه والأثمار وسيكشفه الله للنَّاس فِي الْمُسْتَقْبل فيتنعمون بِهِ وَلَعَلَّه يُوجد فِيهِ نَبَات غَرِيب جدا عَظِيم النَّفْع كثير اللَّذَّة غير هَذِه الْمَشْهُورَة عندنَا وَهَذَا كُله غير مُمْتَنع وَلَا بعيد بل قريب الْإِمْكَان بِمَشِيئَة الله تَعَالَى ثمَّ اعْترف بذلك اعترافا آخر فَقَالَ فِي كتاب اللُّغَات فِي حرف الْعين إِن معنى هَذَا الِاسْم الَّذِي هُوَ عيذا التَّلَذُّذ والتنعم وَمِنْه سميت لذات الْآخِرَة ونعيم أنفس الصَّالِحين الكاملين جن عيذا ثمَّ قَالَ فِي هَذَا الْكتاب فِي تَفْسِير جن عيذا أَي أَن تِلْكَ هِيَ جنَّات النَّعيم وفردوس السَّعَادَة وَقد شرحوا معنى جن عيذا وماهية التَّلَذُّذ فِيهَا رجال مِمَّن وصل إِلَيْهَا وَاسْتقر فِي ظلّ غروسها وَشرب عذوبة أنهارها وَأكل من لذيذ أثمارها قَالُوا والصالحون باقون فِيهَا ليستلذوا من نور الله قَالَ وَقَالَ النَّبِي أشعيا فِي حَقِيقَة التَّلَذُّذ لَا عين تقدر ترَاهُ إِلَّا علم الله تَعَالَى انْتهى كَلَام مُوسَى بن مَيْمُون الْمَذْكُور
ثمَّ قَالَ هَذَا اللعين فِي كِتَابه الْمُسَمّى بالمشنا بعد اعترافه فِيهِ كَمَا حكيناه عَنهُ هَاهُنَا مَا لَفظه اعْلَم أَنه كَمَا لَا يدْرِي الْأَعْمَى الألوان وَلَا يدْرِي الْأَصَم الْأَصْوَات وَلَا الْعنين شَهْوَة الْجِمَاع كَذَلِك لَا تَدْرِي الْأَجْسَام اللَّذَّات النفسانية وكما لَا يعلم الْحُوت اصطقص النَّار لكَونه فِي حِدة كَذَلِك لَا يعلم فِي هَذَا الْعَالم الجسماني بلذات الْعَالم
1 / 15