Guidance des Cœurs - Tome 2
إرشاد القلوب - الجزء2
Genres
الرحال، وأقبلوا بها تخبط الفيافي(1)، وتقطع البراري، وتنبح عليها كلاب الحوأب، وتظهر لهم علامات الندم في كل ساعة وعلى كل حال، في عصبة قد بايعوني ثانية بعد بيعتهم الاولى في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتت أهل بلدة قصيرة أيديهم، طويلة لحاهم، قليلة عقولهم، عارية آراؤهم، وهم جيران بدو ووراء بحر.
فأخرجتهم يخبطون بسيوفهم بغير علم، ويرمون بسهامهم بغير فهم، فوقفت من أمرهم على اثنتين كلتاهما في محلة المكروه ممن إن كففت لم يرجعوا ولم يقلعوا، وإن أقدمت(2) كنت قد صرت إلى الذي كرهت، فقدمت الحجة بالأعذار والانذار ودعوت المرأة إلى الرجوع إلى بيتها، والقوم الذين حملوها إلى الوفاء ببيعتهم لي، والترك لنقضهم عهد الله عزوجل في، وأعطيتهم من نفسي كل الذي قدرت عليه، وناظرت بعضهم [فرجع](3) وذكرته فذكر، ثم أقبلت على الناس بمثل ذلك فلم يزدادوا إلا جهلا وتماديا وغيا.
فلما أبوا إلا هي ركبتها منهم، وكانت عليهم الدائرة، وبهم الهزيمة، ولهم الحسرة، وفيهم الفناء والقتل، وحملت نفسي على التي لم أجد منها بدا، ولم يسعني إذ فعلت ذلك وأظهرته آخرا مثل الذي وسعني منه أولا من الاغضاء والامساك، ورأيت اني إن أمسكت كنت معينا لهم علي بامساكي فيما صاروا إليه وطمعوا فيه من تناول الأطراف، وسفك الدماء، وقتل الرعية، وتحكيم النساء النواقص العقول والحظوظ على كل حال، كعادة بني الأصفر ومن مضى من ملوك سبأ والامم الخالية، فأصير إلى ما كرهت أولا وآخرا.
وقد أهملت المرأة وجندها يفعلون ما وصفت بين الفريقين من الناس ولم
Page 229