43

Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haqq min 'Ilm al-Usul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Chercheur

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

Maison d'édition

دار الكتاب العربي

Numéro d'édition

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

Année de publication

١٩٩٩م

المبحث الْخَامِسُ: عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الْوَضْعُ
...
الْبَحْثُ الْخَامِسُ: عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الْوَضْعُ
اعْلَمْ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَارِدَيْنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الْعِلْمُ بِهِمَا مُتَوَقِّفًا عَلَى الْعِلْمِ بِهَا كَانَ الْعِلْمُ بِهَا، مِنْ أَهَمِّ الْوَاجِبَاتِ.
وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي نُقِلَتْ هَذِهِ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ بِهَا إِلَيْنَا؛ إِذْ لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أُمُورٌ وَضْعِيَّةٌ، وَالْأُمُورُ الْوَضْعِيَّةُ لَا يَسْتَقِلُّ الْعَقْلُ بِإِدْرَاكِهَا فَلَا تَكُونُ الطَّرِيقُ إِلَيْهَا إِلَّا نَقْلِيَّةً.
وَالْحَقُّ أَنَّ جَمِيعَهَا مَنْقُولٌ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ.
وَقِيلَ: مَا كَانَ مِنْهَا لَا يَقْبَلُ التَّشْكِيكَ كَالْأَرْضِ، وَالسَّمَاءِ، وَالْحَرِّ، وَالْبَرْدِ، وَنَحْوِهَا، فَهُوَ مَنْقُولٌ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا يَقْبَلُ التَّشْكِيكَ كَاللُّغَاتِ الَّتِي فِيهَا غَرَابَةٌ، فَهُوَ مَنْقُولٌ بِطَرِيقِ الْآحَادِ.
وَلَا وَجْهَ لِهَذَا، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْمُشْتَغِلِينَ بِنَقْلِ اللُّغَةِ قَدْ نَقَلُوا غَرِيبَهَا كَمَا نَقَلُوا غَيْرَهُ، وَهُمْ عَدَدٌ لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ تواطأهم عَلَى الْكَذِبِ، فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ، هَذَا مَعْلُومٌ لِكُلِّ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِأَحْوَالِ الْمُشْتَغِلِينَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ" تَشْكِيكًا عَلَى هَذَا، كَعَادَتِهِ الْمُسْتَمِرَّةِ فِي مُصَنَّفَاتِهِ، حَتَّى فِي "تَفْسِيرِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ" فَقَالَ: "أَمَّا التَّوَاتُرُ: فَالْإِشْكَالُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّا نَجِدُ النَّاسَ مُخْتَلِفِينَ فِي مَعَانِي الْأَلْفَاظِ، الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ الْأَلْفَاظِ دَوَرَانًا عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُسْلِمِينَ، اخْتِلَافًا لَا يُمْكِنُ "مَعَهُ"* الْقَطْعُ بِمَا هُوَ الْحَقُّ كَلَفْظَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ زعم أنها

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

1 / 47